حكايات | «المحمل».. رفيق الرحلة مع الكسوة المشرفة

كسوة الكعبة المشرفة
كسوة الكعبة المشرفة

بزخارف ملونة على قماش أثرى يحمل فى طياته الأشواق إلى البيت العتيق.. يظهر أقدم محمل لكسوة الكعبة المشرفة، معروض فى مصر داخل قاعة الاطلاع الرئيسية بمكتبة الإسكندرية، حيث يظهر الهودج المغطّى بعدة قطع من القماش المزخرف بالآيات القرآنية، والذى كان يُحمل قديمًا على جمل ضمن موكب خاص مع قافلة الحج بعد أن أهداه اللورد ياشار حسن حلمى إلى مكتبة الإسكندرية فى عام 2021.

وتوضح رنين عصام مرشد الزيارات بمكتبة الإسكندرية أن تاريخ هذا المحمل يرجع لعهد السلطان العثمانى محمود الثانى، أى منذ ٢٠٠ سنة، لافتة إلى أن خيمة المحمل كان استخدامها لعدة سنوات على عكس الكسوة التى كان يتم تبديلها كل عام.

اقرأ أيضًا  | ذكرى «حكيم» الإذاعة

وارتبط المحمل بتاريخ بكسوة الكعبة الشريفة لسنوات طويلة، كما توضح الدكتورة د.شيرين القبانى كبير باحثين بمكتبة الإسكندرية، قائلة «عبر ستة قرون انفردت مصر بشرف تصنيع كسوة الكعبة التى كانت تخرج سنويًّا فى صحبة قافلة الحج المصرى والتى كان يتصدرها المحمل، والمحمل كان يعتبر بمثابة رمز للدولة، ومن كان ينال قديمًا شرف كسوة الكعبة، والتى كانت تُرسل صحبة المحمل، هو من لديه الهيمنة.

وتشير د.شيرين القبانى إلى أن موكب خروج المحمل إلى مكة قد ارتبط بوجدان المصريين فظهرت معه عدد من الطقوس والعادات والتقاليد الشعبية التى انصهرت مع بعضها البعض لتشكل لنا نمطًا رائعًا للاحتفالات الشعبية، ولا تزال حية فى وجدان الطبقات الاجتماعية للمجتمع المصرى، خاصة الطبقات الشعبية.

وتتابع: «انعكس هذا التفاعل الاجتماعى مع المحمل فى عدة أوجه، منها جداريات الحج التى تميزت بألوانها الزاهية وتمتزج فى تلك الجداريات الصورة ببعض الكتابات من الآيات القرآنية وكذلك بعض الأحاديث النبوية التى تحث على الحج إلى جانب بعض العبارات الدينية وأحيانًا كان يكتب نص توضيح قيام صاحب البيت بالحج أو العمرة مع تحديد السنة. أما الأشكال والرسومات المستخدمة، فقد تنوعت ما بين تصوير الكعبة أو المسجد الحرام أو المسجد النبوى، وكذلك الحمامتان والغار، وأحيانًا يصور امرأة أو رجلًا أثناء الصلاة والدعاء كما حرص الفنان أيضًا على تصوير وسيلة سفره، ولم يغب عن ذاكرته شكل المحمل على الرغم من توقف خروجه من مصر بصورة نهائية عام 1962».

وتضيف قبانى «ارتبط أيضًا بخروج الحج أمثال وأغان شعبية، والتى يطلق عليها اسم زفة الحجاج يغنيها أفراد أسرة الحاج وأصدقائه وأقرابه عند وداعه للحج وعودته سالمًا. وتتميز هذه الأغانى أو زفة الحجاج بإيقاعها المبهج وأشهرها «رايحة فين ياحاجة يا أم شال قطيفة.. رايحة أزور النبى محمد والكعبة الشريفة».

كما ظهرت أغان أخرى ارتبطت فى أذهاننا بالحج وهى التى تُبث سنويًّا فى الإذاعة والتلفزيون، ولعل أشهرها أغنية المحمل لأسمهان، ويا رايحين للنبى الغالى لليلى مراد والثلاثية المقدسة لأم كلثوم، إلى جانب أغانى محمد قنديل وسعاد محمد وكارم محمود وغيرها.