لحظات البهجة ..«ليلة القدر» مع الملائكة في عيد الأضحى

السعادة على وجوه ذوى الهمم والأيتام مع أهاليهم خلال احتفالهم بعيد الأضحى داخل مؤسسة «ليلة القدر»
السعادة على وجوه ذوى الهمم والأيتام مع أهاليهم خلال احتفالهم بعيد الأضحى داخل مؤسسة «ليلة القدر»

كعادتها مؤسسة ليلة القدر قادرة دائمًا وأبدًا على إدخال السرور على قلوب البسطاء وتبديل الألم بلحظات من السعادة والامتنان، هى دائمًا بطل صناعة الفرحة ونشر البهجة وغرس الخير والحب فى القلوب النقية، التى نالت منها الحياة وعاشت أقسى الظروف رغم بساطة أحلامها.

كان العرس هذه المرة مقامًا لاحتفال الأطفال البسطاء من ذوى الهمم والأيتام مع أهاليهم بعيد الأضحى المبارك، حيث حرصت ليلة القدر على أن يستمتع هؤلاء الأطفال بلحظات العيد وطقوسه، التى ربما لا تسمح لهم الحياة بتذوقها، رقص الأطفال على أنغام الموسيقى، ولعبوا مع العرائس وفرحوا بالملابس الجديدة التى وزعت عليهم وأخذوا العيدية، ولا شىء فى الحياة مهما غلا ثمنه يضاهى فرحة هؤلاء الأطفال وأهاليهم، رغم كم الوجع الذى يحملونه بداخلهم، فإنهم قادرون على الفرحة بكل ما أوتوا من قوة.


اقرأ أيضًا |الإسكندرية .. تخفيف الأعباء المادية عن أولياء الأمور

«الأخبار» حرصت على مشاركة الأطفال فى الاحتفال بعيدهم وتسجيل هذه اللحظات الجميلة التى تسعد فيها قلوب الأنقياء وتتنحى فيها الآلام جانبًا حتى ولو للحظات قليلة.

أشرف على تنظيم الحفل عبير عصام رئيس مجلس أمناء مؤسسة ليلة القدر، حيث قالت: حرصت مؤسسة ليلة القدر على اختيار أكثر الحالات استحقاقًا عن طريق مشاركة الاتحاد الإقليمى للجمعيات والمؤسسات الأهلية بمحافظة الجيزة فى انتقاء دعوات الحضور.

نعيم الرضا
من بين عشرات الأهالى وقف أحدهم وزوجته ومعهما ثلاثة أطفال من ذوى الإعاقة أكبرهم طفلة لديها خمسة عشر عامًا حملها والدها على كتفه محاولا الرقص بها رغم ثقلها، ووقفت الأم بيدها طفل تعدى العشر سنوات وعلى كتفها طفل لم يكمل الثلاث سنوات، ورغم تعدد الأسر واختلاف حالات الأطفال الموجودين الذين لا تخلو أجسادهم من بعض الإعاقات، فإنك لا تستطيع أن تحيد نظرك عن هذه الأسرة التى قد لا يستوعب عقلك كم الرضا والتقبل الذى يطغى عليهم، أب وأم يعانيان أشد المعاناة مع أطفالهما يعيشان مأساة دائمة تجمع كل المشاعر القاسية، ضيق حال وديون متراكمة وحياة شبه متوقفة وأطفال يتألمان دائمًا لا يستطيعان حتى وصف آلامهما ورغم كل ذلك تجدهما يجاهدان من أجل استراق الفرحة، ثناء الأم البطلة لهؤلاء الأطفال تقول « أنجبت طفلى الأول سليمًا معافى لا يحمل أى أمراض، كنت أعيش حياة جميلة لا يشوبها سوى عدم التفاهم بينى وبين زوجى الذى كان غير مسئول ولا يحب المنزل ولا الالتزام بوجباته، ولكننا مستقران ماديًا بعض الشىء ولا نشكو ضيق الحال، بدأت المعاناة حين أنجبت ابنتى خديجة، كان الحمل مستقرًا وأجريت كل الفحوصات التى بدا فيها كل شىء على ما يرام، وبعد الولادة ارتفعت نسبة الصفراء لدى خديجة وهى محجوزة بإحدى الحضانات، وخرجت الأمور عن السيطرة، حتى أصيبت خديجة بضمور فى المخ تسبب فى إعاقة ذهنية وحركية كاملة، لا أنكر أننى أصابنى الحزن الشديد وقتها، وكنت دائمًا ما أفكر فى مصير هذه الطفلة ومصيرى معها ومصيرى ايضًا مع زوجى الذى لا يتحمل مسئولية الطفل السليم فما بالك بالمعاق، ولكنى كنت راضية من صميم قلبى وأدعو الله فقط أن يمنحنى القوة على العناية بها، زاد الرضا بقلبى حين فوجئت بزوجى الذى تبدل حاله تمامًا، أصبح لا يفوت فرضًا، ولا يتركنى بمفردى أبدًا إلا فى ساعات عمله، يهون على دائمًا ويخبرنى أنها رحلتنا معًا واختبار لنا ليس لى لوحدى وإنها ليست نهاية الحياة، بعدها قررت أن أنجب مرة أخرى رغم هذه التجربة القاسية وللأسف حدث نفس الأمر الذى مررنا به مع خديجة ولكن الإعاقة أخف بعض الشىء لأن الضمور بالمخ لم يكن كاملا، رضينا وشكرنا الله وبدأنا رحلتنا مع محمد ولكن كان يسيطر على رغبة ملحة فى أن أنجب طفلا سليما يكون مع ابنى الأكبر كى لا يشعر بالوحدة وكل إخوته لا تفاهم بينهم ولا حياة طبيعية، بعد أن زرت أكثر من خمسة أطباء أكدوا لى أننى للسبب الجينى وصلة القرابة بينى وبين زوجى فقد أنجبت النصف المعاق من الأبناء وأن الطفل القادم سيكون سليما بإذن الله، وتوكلت على الله واستخرته وحملت فى معاذ وكانت كل فحوصات الحمل سليمة ايضا لا خطر فيها نهائيا حتى انجبت معاذ الذى ولد بإعاقة ذهنية ايضا، هون عليا زوجى وقتها وأخبرنى هذه المرة اننا فى منحة كبيرة من الله وليس محنة، لقد اصطفانا الله لنرعى ثلاثة ملائكة فى دارنا ندخل بهم الجنة، توقفت ثناء قليلا ثم استكملت حديثها قائلة: قد لا يستوعب الكثيرون كلماتى لأن الله يلقى الصبر والرضى فى القلوب مع الابتلاء ما دمت تشكره فى الضراء مثل السراء ، ولكن معاناتى الحقيقية الآن انا وزوجى ليس فى الأطفال المعاقين ولا فى خدمتهم ولا فى شكل الحياة الذى تبدل تماما ، ولكن فى كثرة الديون التى تخطت العشرين ألف جنيه، لأن أولادى يستهلكون شهريًا خمسة آلاف جنيه مصروفات للحفاضات فقط لأنهم جميعا لا يتحركون ولا تحكم نهائيًا فى التبول ، ناهيك عن مصروفات العلاج والجلسات، ورغم كل ذلك أنا على يقين بأن الله لن يتركنا وأحاول أنا وزوجى دائمًا ألا نعيش فى الحزن وأن نفرح مع ملائكتنا الصغار ولو للحظات بعيدًا عن كروب الحياة.



أم البنات
صباح أو كما يطلقون عليها أم البنات، لديها ثلاث بنات من ذوى الإعاقة إحداهن لديها ضمور بالعصب البصرى والثانية لديها إعاقة ذهنية والثالثة لديها توحد من النوع المؤذى للنفس، اصطحبت صباح بناتها الثلاث وجاءت لتحتفل بالعيد ولكن عينها كانت تفضح حزنا كبيرا يحمله قلبها تقول صباح «زوجى أرزقى يعيش اليوم بيومه، قد لا يكفى ما يحصل عليه قوت اليوم، بناتى الثلاث تعددت إعاقاتهن ما بين ابنتى التى تعتبر ضريرة لا تستطيع ان تمشى خطوة واحدة بدونى ، والثانية صاحبة الإعاقة الذهنية التى تعيش ميتة وهى على قيد الحياة لا تدرك شيئا ولا تعرف شيئا لا تتحرك ولا تتكلم ولا تستطيع فعل أى شىء ، والثالثة لديها توحد تعيش فى عالم بمفردها وتدهورت حالتها فأصبحت تقطع جلدها واجزاء من جسمها وتؤذى نفسها أذى شديدا لو تركتها لحظة ، واستكملت صباح « نحن من قرية تعاب فيها المرأة التى تنجب الإناث فما بالك لو إناث معاقات ! رغم كل المضايقات التى اتعرض لها يوميا وكل التنمر الذى اسمعه عن بناتى بلا رحمة إلا اننى أعشقهن وأراهن أجمل البنات ، ولكن قلبى يعتصر وجعًا حين أرى قريناتهن يتزوجن ويرتدين ملابس العرس التى أتمنى أن أراها على بناتى وأنا ازفهن لبيوتهن وهن عرائس وهى طبعا أحلام مستحيلة.



تبدل الحال
جهاد التى تبلغ من العمر 34 عاما لديها ولدان فى المرحلة الابتدائية تقول « كنت أعيش حياة جميلة مع زوجى وكان ميسور الحال وانجبت طفلى الأول وانا انعم برغد العيش ، كنت اشترى له أجمل الألعاب وأحلى الملابس ، وكبر أولادى أمام عينى وأنا اتابعهم بكل الحب وأسجل دائمًا لحظاتنا السعيدة معًا كان زوجى يعشق بيته متعلقًا بكل تفاصيلنا وتفاصيل أبنائنا ، لو استطاع أن يحمل لنا نجمًا من السماء لفعل، ولكن الحياة كعادتها لا تعطى سعادة أبدية ولا فرح باقيا فيها، فى لحظة تغير حالنا وانقلبت حياتى رأسا على عقب، أصيب زوجى بحادث أليم صعق بماس كهربائى حرق جسده، ظللنا نعانى نحو سنتين فى رحلة علاجه ، بعت كل ما أملك حتى أصبحنا نعيش على الأرض أنا وأولادى ، وبعد رحلة العلاج الطويلة خرج زوجى من المستشفى فاقدًا يديه تمامًا وبالتالى فلا عمل يناسبه ، أصبحت لا أجد لقمة العيش الحاف لأولادى بعد أن كنت أحضر لهم أجمل الطعام ، وخابوا فى تعليمهم بعد أن كانوا من المتفوقين ، حتى إيجار المنزل تراكم علينا ونهدد دائمًا بالطرد فى الشارع ، كانت تتقطع أنفاسى من البكاء وأنا أنظر لزوجى الذى دخل فى اكتئاب حاد مما جرى له ، بدأت أتداين من كل جيرانى أطلب منهم حتى الخبز ، أصبحت ثقيلة على كل من حولى ، يغلق الجميع أبوابهم فى وجهى ، اضطررت مؤخرًا أن أعمل خادمة بالمنازل ، أو أمسح سلم العمائر المجاورة المهم هو أن أحضر ما يسد جوعهم آخر اليوم وأتمنى فقط أن أجد أى عمل يناسبنى أستطيع أن أنفق به على أسرتي. 

أيقونة ذوى الهمم
سما رامى أيقونة ذوى الهمم وأول طالبة تلتحق بكلية النقل، وأول سفيرة للنوايا الحسنة وإحدى المشاركات فى احتفالية قادرون باختلاف مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، استطاعت سما والتى تبلغ من العمر23عامًا أن تقهر متلازمة داون وتحولها إلى متلازمة الحب والسعادة بقوة عزيمتها وإرادتها الفولاذية، وأحلامها  التى تعانق السحاب، فلم يصعب عليها الأمر وسط تشجيع عائلتها وأصدقائها ودعم مؤسسات الدولة لها ، وجهها الصبوح وابتسامتها البريئة وحماس كلماتها يعطيانك قدرًا هائلاً من الأمل والتفاؤل  حرصت على مشاركة الأطفال فى الاحتفال بالعيد هى ووالدتها حيث تحب سما دائمًا المشاركة فى مثل هذه المناسبات وتسعد كثيرًا بالاحتفال مع هؤلاء الأطفال، وكونها نموذجًا مشرفًا لذوى الهمم يعطى كل منهم الأمل والإصرار على النجاح بل واليقين فى أن النجاح يمكن تحقيقه تحت أى ظروف ما دمت تمتلك العزيمة وتجد من يؤمن بك ويدعمك، وهو الدور الذى تقوم به والدة سما رامى الجندى المجهول ، والتى آمنت كثيرا بابنتها وأيقنت أنها قادرة أن تنجح وتحقق كل ما تتمناه وسعت فى أن يعرفها الجميع بل ويؤمنوا بها قدر إيمان هذه الأم المكافحة التى جعلت العالم أجمع يرى سما بعيون أمها .

قدرات هائلة
الطفلة هانم أشرف أيضًا إحدى بطلات قادرون باختلاف التى شاركت فى احتفالات ذوى الهمم مع السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى ، حرصت على المشاركة فى احتفال مؤسسة ليلة القدر هى ووالدتها ورفيقاتها ووقفت ترقص على أنغام الموسيقى مع الأطفال حيث تقول والدة الطفلة هانم «تمنيت لو أننى قبلت كل أم اختارها الله وكرمها بتربية طفل من ذوى الهمم، أردت لو هونت على كل أم لحظات التنمر التى تقابلها وحاربت معها لحظات اليأس والإحباط والإحساس بالعجز ، تمنيت لو أنى أخبرهن جميعًا أنها ليست نهاية الكون وأن هذا الطفل الذى تظنينه بلا قدرات خلقه الله بقدرات قد تفوق تصوراتك المحدودة ، تمنيت لو أنى تقاسمت معهن جميعًا إيمانى بها وثقتى بها وحبى لنقائها وبراءتها ، هنا الآن واحدة من البطلات الرياضيات فى أكثر من لعبة تمتلك ثقة عالية فى نفسها اصبحت لا تبالى للتنمر رغم صغر سنها وتستطيع التعامل معه ، أشعر أننى على الطريق الصحيح فى تربية هنا وأن الله يكافئنى دائمًا على رضا قلبى ودعمى لها.