فى الصميم

«بلينكن» والسؤال الحقيقي: هل تظل المنطقة رهينة للهوس الصهيونى

جلال عارف
جلال عارف

لثامن مرة- منذ اندلاع الحرب فى غزة- يأتى وزير الخارجية الأمريكى «بلينكن» إلى المنطقة. ولثامن مرة يعود وقد ترك وراءه المزيد من الشكوك حول سياسة بلاده«!!»

.. فى زيارته الأخيرة كان الوضع مختلفا. الرئيس الأمريكى بنفسه أعلن اقتراح وقف إطلاق النار والذى قال: إنه أساسا اقتراح إسرائيلي«!!».. وبعيدا عن التفاصيل، فقد كان الأهم من الاقتراح نفسه هو تأكيد «بايدن» أنه قد آن الأوان لإنهاء الحرب.. وهو ما يمثل انقلابا فى السياسة الأمريكية التى رفضت طوال ثمانية شهور من الإبادة الجماعية التى تقوم بها إسرائيل فى غزة أى حديث عن وضع نهاية للحرب. وحتى حين حوصرت بالاجماع الدولى فى مجلس الأمن واكتفت بعدم التصويت على قرار مطلب انهاء القتال، عادت- على الفور- لإجهاض القرار والزعم بأنه لا يلزم إسرائيل بأى شئ!!

زيارة «بلينكن» الأخيرة جاءت بعد هذه الخطوة المهمة التى حشدت لها الولايات المتحدة كل جهدها لضمان التأييد الدولى لها.. وبعدقرار مجلس الأمن بدعم اقتراح بايدن، وبعد إعلان المقاومة الفلسطينية من تعاملها الإيجابى مع الاقتراح وترحيبها بقرار مجلس الأمن. ورغم أن الطرف الوحيد الذى لم يعلن موافقته الرسمية على اقتراح بايدن هو إسرائيل، فقد جاء «بلينكن» ليردد اسطوانة لا يمل من تكرارها عن مسئولية حماس «التى رحبت بالاقتراح وقدمت ملاحظاتها عليه» متجاهلا أن نتنياهو لم يتوقف- حتى الآن- عن التأكيد على أنه لم ولن يوافق على إنهاء الحرب ولا الانسحاب الكامل من غزة وهى جوهر الصفقة المقترحة إذا كانت هناك نوايا حقيقية لإيقاف حرب الإبادة الإسرائيلية!

أمريكا لا تخفى شراكتها لإسرائيل وتحالفها الأبدى معها، وكبار المسئولين فى الإدارة الأمريكية ملتزمون بدعم الكيان الصهيونى بكل الوسائل.. هذا مفهوم   ولكن الالتزام الأول والأساسى هنا لابد أن يكون لأمريكا، والانحياز لإسرائيل لا ينبغى أن يكون بهذه الطريقة الفجة التى يتصرف بها «بلينكن»، والتى تجعله مجرد محام فاشل عن جرائم إسرائيل التى لا يمكن الدفاع عنها!! قارن فقط بين تعقيب مستشار الأمن القومى الأمريكي، سولينان على رد المقاومة الفلسطينية على قرار مجلس الأمن وتأكيده على أن لها ملاحظات بسيطة يمكن التعامل معها ومعظمها جاء فى اقتراحات سابقة وأن الفجوة فى المواقف يمكن جسرها، وبين تهديدات «بلينكن» الصاخبة للمقاومة وصمته المخجل على غياب الرد الرسمى من جانب إسرائيل!!

يكرر «بلينكن» أن اقتراح بايدن هو فى جوهره نفس الاقتراح الذى سبق أن قبلته حماس، ويتساءل: لماذا يتأخر الرد أياما؟ لكنه لا يفسر لماذا عادت إسرائيل ورفضت الاقتراح السابق الذى قبلته حماس ولماذا أيدتها أمريكا لتستمر الحرب شهورا حتى يغير الرئيس بايدن موقفه؟!

ويكرر «بلينكن» أن المنطقة لا يمكن أن تكون رهينة لسياسة «حماس».. وهذا طبيعى ولكن أيضا لا يمكن أن تكون المنطقة رهينة لاجرام إسرائيل ولا لمحاولات فرض التطبيع المجانى مع العالم العربى بديلا لسلام حقيقى أساسه الدولة الفلسطينية على كامل حدود الرابع من يونيو وعاصمتها الأبدية هى القدس العربية.