أوراق شخصية

محلل شرعى باليومية!

آمال عثمان
آمال عثمان

للوهلة الأولى لم أستوعب السطور المكتوبة أمامي، لذا بدأت أعيد القراءة من جديد وبداخلى مزيج من الحيرة والفضول، لعلى أفهم المقصود منها، ضمن مجموعة تعليقات على الفيس بوك، وازدادت دهشتى حين أدركت أنه إعلاناً ترويجياً، لكن ليس لسلعة أو شقة، وإنما يعرض خدمة من نوع غريب ومريب للعملاء، وهى توفير محلل شرعى باليومية تحت الطلب!! 

ولا أخفيكم سراً أننى تصورت الأمر فى البداية مجرد مزحة سخيفة، أو نوع من الاستظراف المنتشر على مواقع التواصل، ودارت بذهنى الأفلام الكوميدية التى تناولت تلك الفكرة، بداية من فيلم «طلاق سعاد هانم»، إلى «زوج تحت الطلب» الذى جسد فيه عادل إمام شخصية موظف يعمل محللاً شرعياً لرؤسائه!! لكن حينما بحثت عن صفحة صاحب التعليق، أدركتُ حينها أنها صفحة تتسم بصبغة دينية، تروّج لوظيفة مرفوضة دينياً، والتعليق الترويجى يقول: «متاح لدينا محلل شرعى باليومية، «ولد ابن ناس» ثقة وأمانة، وهيبان فى التعامل بدون كلام كثير، للطلب عند الجدية، إرسال رسالة على ماسنجر فى سرية تامة، وبينه وبينكم ربنا(!!) وأهم شيء الثقة والأمانة، وحسن التعامل والتصرف، ويكون فى جدية وأمانة من العملاء، «إحنا» بنحل لك مشكلتك بكل أمانة وثقة، «ياريت» يكون فى ثقة وأمانة متبادلة!! حضرتك تحكى قصتك، وفى حالة القبول يتم الاتفاق على كل شيء، وتنفيذ كل ما يريده «العميل»!! وفى حالة الرفض القصة تكون فى سرية تامة»!! 

 الأغرب أن الأمر تحول إلى مصدر للكسب المادي، وأغراض أخرى، بعد ازدياد عدد حالات الطلاق لتصبح 26 حالة طلاق كل ساعة، وصارت هناك مكاتب محاماة تعلن عن توافر «محللين شرعيين» أهل ثقة لمن يرغب!! وصفحات تطلب «محلل شرعي» لسيدات تم طلاقهن أكثر من 3 مرات، ومواقع تطلب محللين للمطلقات والمغتصبات، وأخرى تعلن عن توافر رجل لديه الاستعداد للقيام بمهمة المحلل الشرعي، سواء بمقابل مالي، أو لوجه الله وبشروطه، وكله فى غاية السرية!!  

بالله عليكم، ماذا حدث للمجتمع المتدين بطبعه؟! كيف نقبل التلاعب على الشرع بهذا الشكل المزرى؟! ويصبح «المحلل الشرعي» وظيفة غير شرعية للكسب، وكله باسم الدين؟! يا حضرات «المحللين» اتقوا الله، فزواج الرجل من سيدة مطلقة، لتعود بعدها لطليقها الأول أمر مُحرم شرعاً، استناداً إلى الحديث النبوي: «لعن الله المحلِّل والمُحلل له».