مصر والقضية الفلسطينية.. «كتاب أبيض» في مواجهة مخططات عملاء الاحتلال

الرئيس عبد الفتاح السيسي
الرئيس عبد الفتاح السيسي

تحمل مصر على عاتقها مسؤولية الدفاع عن القضية الفلسطينية، منذ النكبة الأولى التي وقعت عام 1948، أي قبل 76 عامًا، وخلال تلك الحقبة الزمنية، عكفت القيادة المصرية على إيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، وبذلت جهود سياسية ودبلوماسية غير مسبوقة، شهد بها العالم أجمع. 

خلال تلك الفترة، احتل الجيش الإسرائيلي، الأراضي الفلسطينية، وارتكب المجازر الوحشية، وعمل على تهجير أصحاب الأرض، وسقط على إثر ذلك آلاف الشهداء والجرحى، ورغم ذلك صمد الفلسطينيون، أمام العدوان الغاشم، متمسكين بأراضيهم رغم حجم الدمار والقتل، أمام عجز المجتمع الدولي على ردع الكيان الصهيوني. 

اقرأ أيضا| الرئيس السيسي يتلقى اتصالاً هاتفيًا من نظيره الأمريكي

وإذا عدنا للتاريخ، سنجد أن مصر كانت في مقدمة الدول التي شاركت في كافة المؤتمرات والقمم العربية، للدفاع عن القضية الفلسطينية، حيث شاركت في المؤتمر الإسلامي الأول بالقدس عام 1931، مؤتمر بلودان في عام 1937، المؤتمر البرلماني للبلاد العربية والإسلامية بالقاهرة في 1938، ودعت مصر لإقامة المؤتمر الإنساني الشرقي في القاهرة في نفس العام. 

- مؤتمر أنشاص

وشاركت مصر في مؤتمر لندن عام 1939، وفي نفس العام، رفضت مصر الكتاب الأبيض الذي كان يؤكد علـى مبدأ إقامة الوطن القومي اليهودي، علاوة على ذلك قامت مصر بتنظيم المؤتمر النسائي العربي بالقاهرة في عام 1944، استضافت مصر أول مؤتمر عربي في أنشاص في مايو 1946، كرد فعل على توصيات اللجنة «الأنجلو-أمريكية»، لتي أوصت بدخول مائة ألف من اليهود الفارين من الاضطهاد النازي إلى فلسطين، حيث اعتُبرت نتائج تحقيق اللجنة مجحفة العرب فلسـطين وغير مراعية حقوقهم في أرضهم ووطنهم، منحازة في المقابل للمطالب الصهيونية. 

وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، كانت بريطانيا قد نجحت في تهيئة الأوضاع لليهود في فلسطين لإقامة دولتهم، من خلال تمكينهم مـن حيـاة مساحات كبيرة مـن الأراضي، وتكديس كميات كبيـرة مـن الأسلحة، وبذلت محاولات عديدة لفرض تقسيم فلسطين بين العرب واليهـود، بالإضافة إلى سعي الولايات المتحدة للمشاركة فـي تحقيـق أهدافها من خلال لجنة التحقيق «الأنجلو – أمريكية»، والتي قدمت مشروع «موريسون» في عام 1946، الذي قام على فكرة تقسـيم فلسـطين إلـى أربـع مناطق: «منطقـة يهوديـة، منطقـة عربيـة، تتمتعان سلطة حكم ذاتـي تحت إشـراف المندوب السامي البريطاني وحكومة مركزيـة، ومنطقتي القـدس والنقب، وتخضع ـان للحكومة المركزيـة»، ولذلك حرصت مصر خلال المؤتمر على تأكيد أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب جميعًا، ومن ثم يتعين عليهم الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.

- جهود سياسية ودبلوماسية وعسكرية

وعقب صدور قرار تقسيم فلسطين في 29 نوفمبر 1947 عن الأمم المتحدة، حددت مصـر موقفها من خلال التأكيد على ضـرورة تقديـم الدعـم المادي والمعنوي لأهل فلسـطين لتمكينهـم مـن الدفـاع عـن أنفسهم في مواجهة العصابات الصهيونيـة، في ظل نية بريطانيا إنهاء انتدابها على فلسطين وسحب إدارتها وقواتها، وأيضًا من خلال الاستعداد العسكري على حدود فلسطين، تحسبًا لما ستسفر عنه الأحداث هناك.

وإلى جانب أدوارها السياسية الدبلوماسية والعسكرية والإنسانية، قدمت مصر الغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن القضية، خلال معارك فلسطين عامي 1948 و1949، استشهد عددًا كبيرًا من ضبـاط وأفراد الجيش المصري، وبعد مرور 76 عامًا على النكبة الفلسطينية، وبرغم قرارات الأمم المتحدة الكثيرة بشأن الحق الفلسطيني، لا يزال الإنكار الإسرائيلي لهذا الحق مستمرًا، وذلك عبر مواصلة سياسات الإبادة الجماعية والتشريد والتهجير ومصادرة الأراضي وهدم المنازل وإقامة مستوطنات غير قانونية، بهدف محو أي فرصة أو أمل أمام إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وستظل بذلك ذكرى النكبة تذكير ليس فقط بتلك الأحداث المأساوية التي وقعت عام 1948، بل بالظلم المستمر الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني على مدار هذه العقود.

ورغم دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها السابع، لا تزال مصر في صدارة الجهود الإقليمية والدولية الدافعة نحو تنفيذ وقف فوري ودائم لإطلاق النار، وصد كافة المحاولات الإسرائيلية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية.

- معبر رفح لم يغلق

وبذلت مصر جهودًا كبيرة، لإدخال المساعدات للأشقاء الفلسطنيين، عن طريق معبر رفح، الذي لم يغلق نهائيًا، بالإضافة إلى إلقاء المساعدات جوًا، حيث قدمت مصر آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية والإغاثية، بأكثر من 80% من إجمالي حجم المساعدات، التي قدمتها الدول لغزة، بسبب تعنت الجانب الإسرائيلي، في التضييق على المعابر، ورفض إدخال المساعدات، وهو الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية للفلسطينيين.

ودائمًا تحاول دولة الاحتلال الإسرائيلي، تشويه الدور المصري، ببث الأكاذيب عبر منبرها الإعلامية ومسؤوليها، وتزييف الحقائق للتأثير على الرأي العام العربي والعالمي، والتضليل حول الجرائم والمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال، بحق المدنيين الفلسطينيين، وهو الأمر الذي تكشف وظهرت الحقائق، بشهادة كافة المسؤولين الأمميين والدوليين، الذين قاموا بعدة زيارات ميدانية، لمعبر رفع ومستشفيات سيناء، التي استقبلت الجرحى الفلسطينيين، وقدمت لهم كافة أوجه الرعاية.

- أكاذيب سي إن إن

نشر الأكاذيب والأخبار المضللة، لم يقتصر على حكومة الاحتلال فقط، بل كان من الداعم الرئيسي لها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث نشرت شبكة سي إن إن الأمريكية، تقريرًا كاذبًا عن الدور المصري في مفاوضات الهدنة، وهو ما دفع الدولة المصرية، من خلال الهيئة العامة للاستعلامات للرد بشكل حاسم على التقرير المزعوم، وأوضحت الدور المصري غير المسبوق، في مفاوضات الهدنة التي جرت على أرض مصر، التي بذلت جهود كبير لمحاولة تقريب وجهات النظر بين الجانبين، أملا في وقف إطلاق النار، ولا زالت مصر تكثف جهودها لإنقاذ الشعب الفلسطيني من هجوم الاحتلال الغاشم.

وعكست المكالمة الهاتفية التي تلقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي، من نظيره الأمريكي جو بايدن، قوة مصر ومكانتها الإقليمية، ودورها المحوري في عدم توسيع رقعة النزاع بين مختلف الأطراف، وخصوصًا في الحرب على غزة، حيث أعرب الرئيس الأمريكي عن بالغ تقديره للجهود والوساطة المصرية المكثفة والدؤوبة والمستمرة، للتوصل إلى وقف إطلاق النار واتفاق للهدنة في القطاع، وتم الاتفاق على ضرورة تكثيف الجهود الدولية لإنجاح مسار التفاوض وتحقيق انفراجة تنهي المأساة الإنسانية الممتدة التي يعيشها الشعب الفلسطيني.

- رفض تهجير الفلسطينيين

وبحث الرئيسان الموقف الإنساني الصعب للفلسطينيين في قطاع غزة، وانعدام سبل الحياة بالقطاع، وعدم توافر الوقود اللازم للمستشفيات والمخابز، حيث اتفق الرئيسان في هذا الصدد على دفع كميات من المساعدات الإنسانية والوقود، لتسليمها إلى الأمم المتحدة في معبر كرم أبو سالم، وذلك بصورة مؤقتة، لحين التوصل إلى آلية قانونية لإعادة تشغيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني.

كما تضمن الاتصال تأكيد ضرورة تضافر المساعي المختلفة لإنفاذ حل الدولتين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، فضلاً عن تأكيد الرئيسين رفضهما كافة محاولات تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم، ودعمهما لكل السبل الهادفة لمنع تفاقم وتوسع الصراع.

ما جرى في المكالمة الهاتفية بين «السيسي وبايدن»، يؤكد كذب وتضليل تقرير سي إن إن، ويعكس إدراك الرئيس الأمريكي، لما تقوم به مصر، وأهمية جهودها في التهدئة، ويأتي دعمًا لجهود الوساطة التي يبذلها الجانب المصري، على كافة المحاور والاتجاهات، ويكشف أكاذيب حكومة الاحتلال وداعميها أمام الرأي العام العالمي.