فى الصميم

أمريكا بين طريقين: الشرعية الدولية.. أو الجنون الإسرائيلى

جـلال عـارف
جـلال عـارف

الشرعية الدولية تطارد إسرائيل ومجرمى الحرب الذين يقودونها إلى الهاوية. خلال أيام توالت الضربات بداية من الأمم المتحدة التى صوتت بصورة قريبة من الإجماع لصالح العضوية الكاملة لدولة فلسطين، ومرورا بطلب المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر ضبط واعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه، ثم اعتراف الدول الأوروبية «إسبانيا والنرويج وايرلندا»، بدولة فلسطين.. وصولا إلى قرار محكمة العدل الدولية بالأمس بشأن وقف القتال كإجراء عاجل وضرورى قبل الحكم النهائى على إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية.

فى مواجهة حصار الشرعية الدولية تزداد الهستيريا الإسرائيلية. ومع الفشل المتوالى يتلقى نتنياهو تحذيرات مصر الحاسمة، ولا يجد إلا الأكاذيب التى يحاول فيها- كالعادة- إلقاء المسئولية على الآخرين، لكنه هنا يلعب بالنار وباتفاقيات سلام استقرت لما يقرب من نصف قرن، ويفتح الباب لانفجار الأوضاع فى المنطقة كلها. ولا شك أن تحذيرات مصر تؤكد إلى أى مدى وصل الجنون الإسرائيلي، وتطرح السؤال الأهم حول مسئولية العالم عن إنقاذ الموقف وفرض قرارات الشرعية الدولية التى مازالت الولايات المتحدة تصر على تعطيلها لكى تواصل إسرائيل حرب الإبادة التى ما كان لها أن تقوم بها أو تستمر فيها إلا بدعم أمريكى تجاوز كل الحدود!!

الدعم الأمريكى لن ينقذ إسرائيل بل يدفع بها الآن إلى الفوضى الكاملة وآخر مظاهرها الصدام العلنى بين الجيش من ناحية ومجرم الحرب نتنياهو وحلفائه من زعماء العصابات الحاكمة، وإذا كان عنوان الصدام هو المسئولية عن الفشل فى ٧ أكتوبر، فإن حقيقته تمتد إلى الفشل الممتد على مدى ثمانية شهور من حرب إبادة  لم تحقق فيها إسرائيل هدفا أساسيا واحدا رغم كل الجرائم التى ارتكبتها والتى كشفت للعالم حقيقتها كقوة احتلال عنصرى تحكمه عصابات من مجرمى الحرب.

الدعم الأمريكى لحرب الإبادة الإسرائيلية لم ينجح إلا فى شيء واحد هو- باعتراف الرئيس بايدن نفسه- الإضرار الفادح بالمكانة السياسية والأخلاقية لأمريكا!! حتى أقرب الحلفاء الغربيين تغيرت مواقفهم بعد أن سقطت كل أقنعة الزيف والأكاذيب عن وجه إسرائيل، بينما تظل أمريكا على دعمها الكامل للكيان الصهيوني، وتبدو كأنها سعيدة بعزلتها عن العالم وبوقوفها وحيدة ضد الشرعية الدولية. وبينما تعلن كبرى الدول الأوروبية التزامها بقرارات المحكمة الجنائية وأنها ستلقى القبض على نتنياهو إذا صدرت أوامر اعتقاله. نجد نواب الكونجرس الجمهوريين يقودون حملة لاستضافة مجرم الحرب نتنياهو ليكون ذلك إعلانا باستقالة الولايات المتحدة من نظام عالمى حقق لها مكان القيادة منذ الحرب العالمية الثانية!!

لن تستطيع أمريكا أن تتحمل عبء الاستمرار فى دعم الجنون الإسرائيلي، وشل الإرادة الدولية، والوقوف فى وجه الشرعية الدولية، والتواطؤ فى حرب إبادة والتستر على جرائم حرب. لم يعد ممكنا أن تستمر ازدواجية المعايير التى ترسل السلاح لإسرائيل وتتحدث عن المساعدات الإنسانية للضحايا الفلسطينيين. الخيار واضح بين بديلين: تطبيق الشرعية الدولية أو دعم الجنون الإسرائيلى حتى السقوط!!