السحر والشعوذة.. مرافعة نارية للنيابة بقضية مقتل مواطن علي يد عامل بشبرا الخيمة

المرافعة
المرافعة

شهدت محكمة جنايات شبرا الخيمة، الدائرة الثانية، برئاسة المستشار أيمن عفيفي سالم، وعضوية المستشارين عبد العزيز على محمود، وشيرين صلاح حمدى، ومحمود أبو اليزيد جاب الله، وأمانة سر هاني خطاب، اليوم الاثنين، مرافعة نارية من المستشار محمد عزالعرب علي وكيل النائب العام، في قضية اتهام فنى الومتيال بقتل مواطن داخل منزله مستخدما سلاحا ابيض بسبب اعمال السحر والشعوذة، بدائرة قسم شرطة أول شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية.

المقدمة:
السيد الرئيس .. هيئة المحكمة الموقرة
والاعتزاز تكتنفني وتملأ جنبات نفسي . أقف اليوم على منصتكم الطاهرة و مشاعر الفخر فشرف للنيابة العامة أن تحظى بتقديركم و احترامكم لدورها بوصفها الأمينة على الدعوى الجنائية والمدافع عن المجتمع من أجل صون حقوقه وحماية حرياته...

فباسم الله الحق .. باسم الله الحكم العدل .. باسم الله المنتقم الجبار ...

استهل مرافعتي بقول الحق سبحانه وتعالى في محكم التنزيل ) من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ....... صدق الله العظيم


السيد الرئيس ... السادة القضاة الأجلاء

إن الله سبحانه و تعالى حينما خلق بني الإنسان وضع لهم قوانين و ضوابط و روابط

فالله عزوجل من صفاته الكمال فما خلق الله شيئاً عبثاً.. وحاشاه ان يخلق عبثاً ... ومن تلك القوانين التي سنها الخالق جل في علاه تجريم قتل النفس البشرية و الإعتداء عليها لأنه سبحانه وتعالى جعل الروح الإنسانية مقدسة عنده معظماً من شأن الإنسان فهو بنيانه في الأرض ؛ إلا أن هناك فئة ضالة من بني البشر هم أبعد ما يكون عن نسبتهم للبشرية و اتصافهم بالإنسانية يختارون طريق الضلال ويعيشون حياتهم على الفجر والانتقام والتفكير في الضلالات ويسبحون بخيالاتهم مع الشيطان حتى إذا استحوذ عليهم صاروا له كالمطية وغدوا ينتقمون من بني البشر وقتما شاءوا ... وكيفما شاءوا .

شخصية المتهم
هيئة المحكمة الموقرة

فلتسمحوا لي أن أظهر للعالم حقيقة ذاك المتهم الذي سقناه الي ساحة عدلكم بعدما ارتكب جرمه الآثم بقتله أحد الأبرياء إنه ( محمد محمد زكي عبد الغفار) شاب في منتصف العقد الثالث من العمر رزقه الله بقوى عقلية كاملة و جسد صحيح معاف فلا يشكو آفةً و لا يعاني مرضاً و لا يتخلل جسده عجز إلا أنه عزم بإرادته على أن يسخر جوارحه و يعمل عقله الذي وهبه الله إياه و يستخدم فكره و ينغمس بقلبه في البحث عن غير طريق الهدى فأخذ يبحث في موضوعات تتعلق بحياة العالم الآخر الجان و الشيطان و ظل على ضلالته تلك أعواماً حتى تغذى و تشرب جسده و تشبث عقله بذلك فأناب عن مردة الشيطان و جنود إبليس أجمعين في القيام بمهتهم.

اقرأ أيضا| رئيس هيئة النيابة الإدارية يشهد احتفالية تكريم أعضاء الهيئة 
راح يتحدث للشباب من بني جلدته و ممن هم في ريعان شبابهم حديثاً ينفث فيه سمومه التي تشبع بها بالحديث عن أعمال الجن والشياطين وكأنه شيطان بجسد إنسان
ويحك ايها الشيطان اللعين .. كيف سموك محمداً و محمد منك براء
فإدعاء المتهم أنه بلا عقل و لا إرادة إنما هي خديعة شيطانية حاكها مع قرنائه عندما قارف جرمه اللعين مخيلاً له أنه بأكذوبته و خديعته تلك سيحظى بتعاطف رجال الحق والعدل كلا والله.. كلا والله.. لن تلقى إلا أشد العقاب.

ها نحن حضرات السادة المستشارين الأجلاء .. بينا لحضراتكم و للقاصي والداني بإيجاز حقيقة شخص المجرم الماثل في قفص الاتهام أمامكم وحسبنا أننا أسقطنا القناع عن المتهم ... فهو ليس بإنسان .. لقد تحول الي شيطان يعيث في الأرض فساداً .

و أولى جرائمه الجريمة الكبرى القتل و اي قتل !!! قتل روح بريئة من أرواح الخالق جل في علاه و هدم بنيان الله في الأرض..

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لزوال الدنيا اهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق ؛ و لو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن ؛ لأدخلهم الله النار ) صدق الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم...

فالحمد لله الحمد لله شاءت إرادة الله أن يحفظ عباده من شرور أمثالك .

وحسبي أن أذكركم في هذا المقام بقول الحق جل في علاه ) و قال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم و ما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلاتلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم و ما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم) صدق الله العظيم.

و أما عن المجني عليه / وليد مهدي فهمي عطيه فهو رجل بلغ أشده وتجاوز عمره الأربعين .. يمتهن السباكة .. اشتهر عنه بين اهله و بني جلدته و جيرانه و الناس من كل حدب وصوب بأدبه و خلقه و حسن معاملته للناس وتقديمه الخير لهم وحرصه على محبتهم فيألفهم و يألفونه ويأمنهم و يأمنونه وهو حتى في خصامه غير لديد .. مبتعد عن اية تصرفات انتقامية فهو يكره افتعال المشكلات شاغله الوحيد هو ان يعيش في امان وسلام... و لا أدل على ذلك من أنه ورغم كونه كان منفصلاً و طلق إمرأته إلا أنه كان يحسن معاملتها و يمكنها من حقوقها برؤية نجلها بل والعيش معها فهو كان إنسان متفاهم من الدرجة الأولى ذو عقل و حكمة وروية و قلب رحيم ليس بجاف فهو على النقيض من ذاك الشيطان القابع خلف القضبان .


رحمك الله يا وليد و غفر الله لك ...

أرقد يا أيها الوليد في مرقدك بسلام ...

و أخاطب روحك الذكية التي جاءت ترفرف آملة القصاص وتتنظر بدموع الاشتياق أن يكون هذا هو يوم الخلاص.. أقول لك أيتها الروح الطاهرة أن الله قد رسخ في وجدان هذه المحكمة العادلة الاقتصاص لك من ذاك المجرم فهم قضاة الله في الأرض كلفهم الله بتلك الأمانة و أنابهم عنه سبحانه وتعالى وهم لعهد الله و ميثاقه موفون مستمسكون ماضون حاکمون رادعون لكل من تسول له نفسه قتل الأبرياء فلا يخشون في الله لومة لائم.


( وقائع الدعوى)

السيد الرئيس ... أعضاء الهيئة الموقرة
أعيروني قلوبكم فوالله أن الحدث جلل يقتضي تدخلكم العاجل و دعوني أنقل لكم تصوراً موجزاً لوقائع دعوانا المطروحة امام عدل سيادتكم

قبل حدوث واقعة قتل المجني عليه بحوالي ما يقرب من عام ونصف أدعى المتهم أنه إبان عمله في تركيب مصنوعات الألوميتال سقط من أعلى قاعدة خشبية ) سقاله ) ظناً منه أنه رأى خيالاً وظل يتلقى العلاج لمدة ثلاثة أشهر وتركه أبواه لسوء معاملته لهما وافتعاله الخلافات معهما فمكث رفقة شقيقه بالمنزل وكان دائم الجلوس منفرداً يهيم في خيالاته فتارة يتخيل ظهور جنية له و تارة أخرى يخال له حركة أشياء غريبة تصدر أصواتاً غريبة فما كان منه إلا أن قص لأحد جيرانه ذلك الأمر فنصحه بالتوجه لجارهما المجني عليه وليد مهدي فهمي عطيه لعلاجه لكونه ماهر بفك اعمال السحر و المس الشيطاني بطرق روحانية وبالفعل قصد المتهم المجنى عليه والذي ما كان منه إلا أن عمل بما فقهه و علمه بل وأسدى له النصح بأداء فريضة الله والمواظبة على الصلاة للتغلب على ما ألم به ... و لكن المتهم كان أسير شيطانه الذي جرده من كل معاني الإنسانية و لكن ما نؤكد عليه أنه ما كان لهذا المتهم أن يكون عبداً للشيطان إلا بمحض إرادته و بسعيه حثيثاً نحو التوغل في العالم الآخر و التعايش فيه والتخلي عن عالم الإنسان .. فالمتهم ليس مسلوب الإرادة بل هو الذي كون عقيدته من اتباعه للشيطان وسيره وراء خطواته حتى صار شيطاناً متجرداً من الإنسانية ... فوسوس اليه الشيطان فجلس يفكر ملياً في هدوء وروية و اختلى مع الشيطان وحال سبيله كيف لهذا الرجل ) أي المجني عليه أن يجرؤ على علاجي أيريد إيذاء قرنائي من الجن او يدعونني الي أداء الصلاة ويجعل تعبدي لله هو دوائي والله لأقتلنك يا وليد انتقاماً لإنسانيتك .. فزين له الشيطان أثناء تصفحه المواقع الإنترنت بدعوى التخلص من أعمال الجن والاسحار أن قتل المجني عليه بالأمر الهين و أنه لا بد من إنهاء حياة الرجل الذي تطوع لإنقاذه مما ألم به فبدأ المتهم / محمد محمد زكي عبد المنعم يدبر و يخطط لارتكاب جريمته الشنعاء فوقر في نفسه بعد طول تفكير أن إزهاق روح المجني عليه حق مشروع له و اختلق لنفسه الحجة للإقدام على فعله الإجرامي بأن المجني عليه هو من أحاطه بخيالات الشياطين منغصاً حياته و حدد يوم السبت الموافق الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر من عام ألفين و أثنين وعشرين من الميلاد موعداً لتنفيذ ما دبره ففي تمام الساعة الثامنة والنصف من مساء ذلك اليوم أستل سلاح أبيضاً سكيناً من مطبخ منزله ثم خبأها بين طيات ملابسه و ترجل من منزله مبيتاً النية و عاقداً العزم على القتل من دون تراجع أو إعادة نظر و ما إن وصل الي منزل المجني عليه حتى قام بالنداء عليه في غلظة فما كان من المجني عليه إلا أن أجابه طالباً منه خفض صوته رحمةً وشفقةً بولده ذلك الصبي الذي لم يكمل من العمر سوى أحد عشر عاماً يأتي مع نهاية الاسبوع ليرتمي في أحضان أبيه عندما يفرغ من دراسته و عاود المجني عليه مترجياً المتهم ان ينصرف خشية أن يستقيظ الابن من نومه على صوت شجارهما او يصيبه كدر او ينتابه خوف و فزع لكنه لم يكن يعلم أن ذاك المتهم منزوع الإنسانية و فارغ قلبه من الرحمة بل هو شيطان مريد أتاه ليجهز عليه و عقب استنفاد المجني عليه لمحاولات إقناع المتهم بالرجوع ارتدا ملابسه و فتح باب منزله الكائن بالطابق السفلي بداخل العقار وبدأ يدور بينه وبين المتهم مشادة كلامية أخذت في التطور الى التشاجر ما بين شد وجذب وفي تلك الأثناء يشاء الله أن يجعل لتلك الواقعة شهود حتى إذا ما قتل المجني عليه تنطق ألسنة اولئك الشهود فإذا بطليقة المجني عليه حضرت لمسرح الواقعة قاصدة الدلوف لمنزل المجني عليه كما اعتادت لتصطحب نجلها عقب قضائه عطلة الأسبوع رفقة والده فأبصرت المتهم يعلو صوته صاخباً معنفاً المجني عليه فأرادت أن تقف على سبب ذلك فطلب منها المجني عليه الدخول للمنزل لأخذ طفلهما والمغادرة فما كان منها إلا أن استجابت لطلبه و لكن كأن قلبها يستشعر أن هناك خطراً يحدق بالمجني عليه فأيقظت نجلها خالد وليد مهدي تحثه على الخروج لرؤية أبيه ويكأن قلبها يحدثها بأن الطفل سيفقد أباه و لن يراه أبداً طيلة حياته ما قدر الله له أن يعيش فخرج الطفل مهرولاً ملبياً لنداء أمه وهو فزع قلق خائف و الرعب يخيم عليه فأبصر المتهم يعنف والده والذي ما إن رأه حتى أمره بالدخول للمنزل ثم يسوق الله شاهداً آخر ليبصر واقعة قتل المجني عليه وهي سيدة في الخمسين من عمرها و لكن على الرغم من تقدمها في السن خرجت من بيتها متحملة المشقة والعناء لتحضر نجلها الصغير بعد انتهاء إحدى الدروس التعليمية فإذا بالمسكنين الأم و الطفل يشاهدا المتهم يحد في الكلام مع المجني عليه ويحتدم الأمر بينهما لينتقلا الي التدافع مع سماع عبارات التهديد والوعيد من المتهم يرددها للمجني عليه فدب الخوف والرعب والفزع في قلبيهما فقررا التراجع عن دخول العقار حيث محل إقامتهما وهو ذات العقار الذي يقيم به المجني عليه فاتخذت الأم وطفلها من إحدى العقارات مخباً آمناً لهما وظلا يراقبا الموقف عن كثب في ترقب ينتظران فرصة سانحة لدخول العقار وبعد أن استنفد المتهم وعيده و تهديده قبل المجني عليه استل السكين الذي أعده سلفاً لتنفيذ مخططه الإجرامي و عاجل المجني عليه بطعنة قوية سددها بمنطقة الصدر جهة اليسار غارزاً نصل السكين الي أن نفذ من الظهر فسقط المجني عليه مدرجاً غارقاً في بحر من الدماء و ما إن تيقن المتهم بأن المجني عليه قد غدا جثة هامدة و أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة حتى سحب السكين وهي ملطخة بدماء المجنى عليه الطاهرة الذكية و اخذ يهرول وبيده السكين ليبث الرعب في النفوس وحتى إذا ما حاول أحد إيقافه بادره بالاعتداء فتمكن من مغادرة مسرح الواقعة الذي ملأته أصوات النحيب والبكاء و انتاب الأهالي من رجال ونساء وأطفال

الخوف والهلع والفزع لا يكادون يصدقون من هول الجريمة الشنعاء التي وقعت و في أثناء عدو المتهم أبصرته طليقة المجني عليه حاملاً السكين الملطخة بدماء القتيل وحتى إذا ما توارى عن الأعين ألقى بسلاح الجريمة بمياه نهرنا المبارك نهر الخير ذلك النهر الذي لا طالما يجد من بعض أبناء وطنه كفراً وجحوداً وتلويثاً المياهه العذبة النقية وكأن الله سبحانه و تعالى أراد ان يجعل من النهر شاهداً عليك يوم الحساب يوم لا تخفى على ملك الملوك خافية...... فماذا فعلت ايها المجرم الوحشي !!! لماذا ازهقت يا وحشي تلك الروح البريئة !! بأي ذنب قتلت ذلك الإنسان !!! أنت حقاً مجرم متوحش ...


سيادة الرئيس .. هيئة المحكمة الموقرة..
أبعد كل ما قصصناه من أحداث و أفعال إجرامية أتاها
المتهم أسنتركه يعوث في الأرض فساداً بأفعاله و جرائمه
الشيطانية فو الله إن أمثال ذاك المتهم الدنئ لا يستحق العيش إنه يشكل خطورة بالغةً على المجتمع ... لقد أتى أبشع و افظع الجرائم التي عرفتها البشرية وهي قتل النفس البشرية ... ما ذنب أناس أبرياء يروعوا عندما تبصر أعينهم إنساناً بريئاً تزهق روحه وتسيل دمائه .. ما ذنب طفل صغير ينفطر بكاء لرؤيته أباه مقتولاً مدرجاً بدمائه ينادي أبتاه أبتاه فلا يجد إجابة يحاول احتضان أبيه ويحرك ذراعيه فإذا به جثة هامدة أي وحشية هذه أي جرم هذا أي ألم يعيشه الابن بعد ان شاهد بمقلتيه أباه قد اغتالته الخسة. يد الغدر وما ذنب أم وطفلها يقذف المتهم في قلبيهما الرعب و يجلعهما يشاهدان ذلك المشهد المأساوي إن ما أتاه هذا المجرم المتوحش لن يمر مرور الكرام وها قد اتينا به اليوم لساحة العدل لينال جزاءه فترقب قصاص الله منك في الدنيا والآخرة ( و ما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون


أركان الجريمة وأدلة الدعوى

حضرات السادة القضاة الأجلاء حينما نحضر في محرابكم الطاهر المقدس ويتبادر الى أذهاننا الحديث في القانون فإننا نكون في موقف التلميذ المتعلم من حضراتكم ولكننا على استحياء وبإيجاز غير مخل بما تعلمناه على أيديكم نشير إلي أن ما اقترفته يد المجرم الخسيس هي جريمة القتل العمدي المقترن بسبق الإصرار و وقعت الجريمة مكتملة الأركان القانونية كما نص عليها الشارع ما بين ركن مادي حاضر بعناصره الثلاثة سلوك إجرامي وقد تمثل في سلوك المتهم والذي اودى بحياة المجني عليه و علاقة السببية و هي ظاهرة من كون وفاة المجني عليه قد حدثت نتيجة لطعن المتهم له بالسكين و عدم وجود سبب إباحة لذلك السلوك الإجرامي و أما الركن المعنوي فهو متمثل في القصد الجنائي والمتمثل في عنصري العلم والإرادة و اللذين توافرا لدى المتهم منذ الوهلة الأولى و ظل قاصداً إزهاق روح المجني عليه إلي ان أتم جريمته وحقق هدفه الذي أراده فالمتهم .. سيدي الرئيس بعلم تام و بإدراك کامل خطط لجرمه الأثم واتجه بإرادته الحرة للانتقام من المجني عليه و اما عن الظرف المشدد وهو سبق الإصرار فقد اتضح جلياً كيف كان الجاني يفكر هادئاً يدبر ارتكاب الجريمة و يصمم على ارتكابها مهيئاً نفسه ومعد أداة الجريمة لتنفيذها

( أدلة الدعوى )

السيد الرئيس .. الهيئة الموقرة .. لقد تماسكت أدلة دعوانا بشكل يقيني قاطع جازم لتنسج عقداً لا تنفرط منه حبة فقد تنوعت ما بين أدلة مادية وقولية وفنية .. لتروي لنا مشاهد تلكما القضية .. لقد تماسكت الأدلة و تساندت و تعددت وتواترتت وغدا ثبوت الأدلة في الاوراق من المسلمات....
و لسوف تستهل النيابة العامة أدلة الدعوى على جريمة القتل بإقرار المتهم بجرمه الآثم و الذي ما جاء على ألسنة شهودها عضده


1- إقرار المتهم بالواقعة :

فأما المتهم فقد اقر تفصيلاً بقتله المجني عليه مجاهراً بجرمه الآثم غير نادم و لا آسف يحاول أن يشرعن و يبرر إزهاقه روح المجني عليه وهذا ما أبانه لنا المتهم بالتحقيقات حيث أقر المتهم في مستهل التحقيقات و إبان مناظرته من النيابة العامة إذ تبين وجود آثار دماء بأحد ملابسه و بسؤاله عنها بالتحقيقات ردد قائلا بكل استهزاء و استهتار بعد ما ضربت وليد بالسكينة وهو بيقع خبط فيا وكمان أنا ايدي كان كلها دم فممكن يكون ده دمه بعد ما انا قتلته جه على كم التيشرت اللي أنا لابسه تحت الهدوم ) و بالفعل كانت هي دماء المجني عليه تلك الدماء الطاهرة الذكية التي شاء الله لها ان تبقى ليفتضح امر جريمتك النكراء وقد أثبت الطب الشرعي ذلك

وكما جاءت إقرارات المتهم كالسيل وكأن الله جعل لسانه شاهداً عليه قائلاً ( أنا قررت أني هروح لوليد ده البيت واقوله يتفك لي العمل ده يا أما هموتك وفعلاً جيبت سكينة كبيرة من عندي في البيت و نزلت روحتله و خبطت على الباب ) فهذا هي قالة المتهم التي يتضح منها جليا إضماره لمخطط إجرامي و أنه بيت النية وعقد العزم على تنفيذ جرمه وفي موضع آخر أقر المتهم قائلاً روحت مطلعة السكينة من جنبي اليمين روحت مديله بالسكينة في صدره ناحية الشمال كده راح واقع على الأرض و الدم في كل حته و اول ما شوفته بيموت روحت خدت السكينة وجريت روحت على الكورنيش و أول حاجة رميتها في النيل .........

إن تلك الإقرارات التي تتابعت لهي أبلغ دليل على بلادة مشاعر المتهم ومدى القسوة التي يضمرها ويعيش فيها و إني على يقين بأن المحكمة حينما طالعت ما ورد على لسان المتهم بتحقيقات النيابة العامة اطمئن وجدانها و ترسخت عقديتها أن هذا المجرم أثم قلبه و آثمة يديه بسفكه لدم المجني عليه فبأي مبرر استحل الدماء و أزهق الأوراح و زائف إدعائه انه كان غائباً عن وعيه و أنه مصاب بآفة في عقله تفقده التحكم في تصرفاته ... أراد المتهم المكر ولكن هيهات هيهات أيها المجرم فالله فاضحك وكاشفك على رؤوس الأشهاد و مكروا و مكر الله والله خير الماكرين).

لكن ذاك المتهم الوحشي قد تكونت بداخله عقيدة شيطانية أن قتل الأبرياء ليس بجريمة بل هو اقتضاء للحق و أنه لا قانون سيحاكمه و لا عقاب سيناله هذا هو معتقده

۲- شهادة شهود الواقعة ( شهود الرؤية):

و هما شاهدتان كلا من السيدة/ هناء هاشم محمد أبو السعود والسيدة آمنة رشدي عبد الخالق محمود وكلاهما التزمتا في روايتها حدود ما شهدا و ما سمعا فلم تحاول أيا منهما أن تضيفا أو تكمل الواقعة بالخيال وكما انعدم التناقض والتضارب فيما بينهما

حيث شهدت السيدة المدعوه / هناء هاشم محمد أبو السعود بقتل المتهم / محمد محمد زكي عبد الغفار للمجني عليه وليد مهدي عطيه بطعنه بالسكين في منطقة الصدر على نحو ما هو ثابت بالاوراق..

وكما شهدت طليقة المجني عليه السيدة المدعوة آمنة رشدي عبد الخالق محمود بانها ابصرت المجني عليه جثة هامدة ينزف الدماء و آنذاك شاهدت المتهم يهرول مبتعداً عن مسرح الواقعة وهو ممسكاً بالسكين الملطخة بالدماء


٣- الأدلة المادية

وأما عن الدليل المادي لجريمة القتل العمد المقترن بظرف سبق الإصرار ندلل عليه بما أسفرت عنه المعاينة والمناظرة التي أجرتهما النيابة العامة و بما أتاه المتهم من أفعال مادية من حمله السكين بين طيات ملابسه ثم استله فطعن به المجني عليه طارحاً إياه أرضاً محدثاً به الإصابات التي ناظرتها أثبتها تقرير الصفة النيابة العامة والتشريحية.

و لعل الدليل على توافر القصد الجنائي لدى المتهم حال ارتكابه الواقعة القتل نستخلصه من إقراره وقالته بالتحقيقات نصاً ) كان قصدي اموته عشان هو عمل فيها عبيط ورفض أنه يفكلي العمل اللي كان عملهولي و ايضاً أجاب نصاً بالتحقيقات ( انا كنت واخد السكينة وناوي أنه لو رفض يفك العمل هقتله على طول.

٤- الأدلة الفنية:

ثم يأتي من عقبه الدليل الفني ليؤكده فيفصح تقرير مصلحة الطب الشرعي أنه بتوقيع الصفة التشريحية على الجثمان تبين أنه "تعزى الوفاة الى الاصابات الطعنية النافذة بالصدر والظهر و ما أحدثته من قطع حاد بالقلب والرئة اليسرى أدى الي زيف دموي والوفاة".
و كما تبين " أن البصمة الوراثية للحامض النووي المستخلص من التلوثات الدموية المعثور عليها بملابس المتهم هي عبارة عن خليط اشتمل على البصمة الوراثية للحامض النووي المستخلص من عينة دماء المتوفي / وليد مهدي عطية".

رابعاً: لاح في أفق السماء وشاءت إرادة الله عزوجل أن يظهر الحق ويزهق الباطل فهاهو الدليل الفني القاطع في تلك الدعوى والذي يثبت جرم المتهم دليل من اهل الخبرة يقطع الشك باليقين حيث أثبت تقرير إدارة الطب النفسي الشرعي أن المتهم لا يعاني من أي اعراض دالة على وجود اضطراب عقلي أو نفسي في الوقت الحالي أو وقت ارتكابه الواقعة محل الاتهام يفقده أو ينقصه الإدراك والاختيار وسلامة الإرادة و التمييز والحكم الصائب على الأمور و معرفة الخطأ من الصواب مما يجعله مسئولاً عن الاتهام المسند إليه طبقاً للمادة ٦٢ من قانون العقوبات .... الله أكبر.. الله أكبر .. صدع الحق فاصدعوا يا قضاة الحق بحكم القصاص و أعرضوا عن الجاهلين القرائن وهي تتمثل في تحريات جهة البحث كما جاءت على لسان مجريها قاطعة بارتكاب المتهم / محمد محمد زكي عبد الغفار للواقعة انتقاماً من المجني عليه فأعد العدة وجهز سلاحاً أبيض سكين و توجه لمحل إقامة المجني عليه وما إن احتدم الأمر بينهما حتى استل المتهم السكين التي أعدها سلفاً لقتل المجني عليه فعاجله بطعنة نافذة في منطقة الصدر اليسرى أحدثت وفاته في الحال .

تلكم سيادة الرئيس حضرات السادة المستشارين الاجلاء
وقائع دعوانا و أدلتها القاطعة الساطعة سطوع الشمس في كبد السماء والبازغة بزوغ القمر ليلة البدر و المتراصة كلبنات البناء ترسخ في وجدان المحكمة وترسخ من عقيدتكم الحاضرة بحب العدالة و بغض الإجرام فأقيموا حكمكم العادل واضربوا بيد من حديد على يد الظالم وخذوا بناصيته و اقتصوا منه و لا تأخذكم به شفقة و لا رأفة


( تفنيد أدلة النفي)
السيد الرئيس.. السادة أعضاء الهيئة الموقرة . وحسبي ان أغادر منصتكم إلا وقد أقرعت آذان دفاع المتهم بالرد على ما حاول اختلاقه من مبررات واهية في محاولة بائسة منه لإنقاذ المتهم فإن النيابة العامة ما قدمت يوماً متهماً إلا و أقامت عليه حجته فما استعرضناه أمام عد التكم من أدلة لا ينازع النيابة العامة فيها أحد ويتبقى الحديث عما يظنه المتهم ودفاعه مخرجاً او ظرف مخففاً أو مبرراً لما اقترفه من جريمة ثابتة ثبوتاً يقينياً وهو ما ينحصر في كون المتهم قد اصابته آفة عقلية سلبت إرادته وإدراكه فأصبح غير مسئول عن فعلته ؛ او انه كان أسير حالة غضب شديد أغلقت عليه الاختيار وأصبحت مدعاة لتخفيف العقاب عليه بدعوى تأثره بتلك الحالة و أنه وقع تحت وطأة سحر و مس شيطاني فجميعها خرافات مردود عليها بشواهد حصرتها.

النيابة العامة في النقاط الآتية:

اولاً: لقد ثبت بتحقيقات النيابة العامة منذ الوهلة الأولى أن المتهم بإدراك ووعي تامين كاملين إذ ما يبرهن على ذلك هو إقراره بتفاصيل مخططه الإجرامي كيف خطط و دبر و فكر و قدر فكان التخطيط للجريمة محكماً وأختيار أداتها سلاحاً أبيض لكونه يزاول مهنة يعتاد فيها على حمل الأدوات القاطعة ثم تخير بترو و تأني يوم وميعاد تنفيذ جريمته فأراد أن يجعل الليل ستراً له و لكن الليل أبى إلا أن يكون كاشفاً لجرمه و قصد منزل المتهم ليتمكن من النيل منه وليحكم الخناق عليه أليس ذلك تخطيط مدير محكم.

ثانياً : لم يبدو للنيابة العامة إبان التحقيق في الواقعة ثمة ملاحظات تستشعر منها غياب او فقدان المتهم لقواه العقلية و لم تلحظ خلال مناقشتها واستجوابها للمتهم أي أمارات أو إشارات تلمح إلي وجود اضطرابات في إجاباته على الاسئلة أو ختلال السياق المتصل المرتب في حديثه بل بدا من حديث المتهم أنه يحترف الكذب و يتقنه في مواضع عديدة في سياق حديثه ليصور نفسه ضحية وهو ما يؤكد رجاحة عقله و استخدمائه لذكائه وإنما حقيقة ما في الأمر أن المتهم استطاع بفكره الشيطاني أن يصطنع لنفسه حجة يحاول بها التأثير على ميزان العدالة فيجعل الكفة الراجحة لصالحه و يتخلص من فعله الآثم .. فيا رجال الحق و يا أولي الألباب لا تنصاعوا له ولا تسمعوا لباطل و لا تعطفوا عليه.


ثالثاً: أن المتهم لم يقدم للنيابة العامة دليلاً واحداً يثبت ما يدعيه من أنه مسلوب الإرادة و مغيباً عن الوعي وكما لم يتقدم أحد من ذويه أو أصدقائه للزود عنه و تقديم ثمة دليل أو قرينة أو حتى دلائل او شواهد تشير الي سابقة تعرض المتهم لآفة عقلية أو إصابته


الخاتمة
ختاماً ... السيد الرئيس .. الهيئة الموقرة .. فإن لي حديثين و مطلب ... أما حديثي الأول فهو مع ابن الشهيد وليد مهدي عطيه أقول له اي بني لا تحزن لا تحزن فما كان أبوك إمرء سوء و ما كان الإجرام فكره و لا مبتغاه یا خالد یا خالد افتخر أن أباك عدا من الشهداء فقلد قال رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم ( من قتل دون نفسه وفي رواية دون دمه فهو شهيد ) يا خالد دماء ابيك الطاهرة لن تضيع هدراً فالله أوكل قضاة العدل في الأرض لينتقموا من المعتدين


المسرفين بسم الله الرحمن الرحيم ) و من قتل مظلوماً فقد جلعنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً ....

و أما حديثي الثاني فهو موجة لذلك الخبث الملعون ذاك المتهم القاتل القابع خلف القضبان لقد اتخذت الشيطان ولياً ) ومن يتخذ الشطان وليا من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً أنت من قررت بإرادتك الحرة الطليقة ان تصبح شيطاناً يتحرك على الأرض بين البشر خلقك الله إنساناً فسخطت فسخط الله عليك و لأنني أتسأل ماذا كنت سترتكب من الجرائم إذا ما كنت حراً طليقاً أبعد القتل قتل آخر أتسأل من كنت ستفجع و تكلم وتؤذي ألا تدري أن بقتلك المجني عليه / وليد مهدي عطيه أفجعت قلوباً و أزرفت الدموع من العيون حتى غدت الجفون لا تقوى من ذرف العبرات ألا تعلم بأنك أفزعت وروعت أطفالاً في مقتبل العمر ونساءا ورجالاً وشباباً و شيوخاً بل إنك يتمت طفلاً بريئاً فحرمته من ان يعيش في كنف والده بل وقتلت أباه امام عينيه اي ضراوة ووحشية وقسوة وغلظة ولكن ألم تعلم ان الله يرى فلن يتركك رب العباد فجزائك حتماً من جنس جرمك قال الله تعالى ( وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس والعين بالعين و الأنف بالأنف و الأذن بالأذن والجروح قصاص ......) صدق الله العظيم وكما قال الحق سبحانه و تعالى ( و إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) صدق الله العظيم

و أما مطلبي فهو رجاء أرجوه من حماة الحق وسيوف العدل .. فيا قضاة مصر الأجلاء .. أذكر نفسي و أذكركم بقول الحق سبحانه وتعالى .. يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ) . فالقصاص سيدي الرئيس .. شرعاً وقانوناً .. يشفى الصدور .. ويردع من يوسوس له شيطانه.. او تسول له نفسه . باقتراف القتل جهاراً نهاراً.. عياناً بياناً .. فالقصاص من سفكة الدماء هو مقصودنا وغايتنا .. فيا سيادة الرئيس .. إن النيابة العامة في مقام الإدعاء .. لهي ولية دم المقتول .. وهيئتكم الموقرة هي المنوطة بإقامة القصاص .. و اقول لكم إن المتهم الماثل أمامكم لا يرقب إلا و لا ذمة فلا تأخذكم به شفقة أو تبحثون له عن رأفة لأنه ما رأف بالمجنى عليه ولا أشفق عليه إنما أعماه الضلال و اغواه الشيطان .. و إني أقول لكم أنه لو لم يزج بذاك المتهم الساحة القصاص لظن ان قتل بني الإنسان أمر مستساغ لا قانون يجرمه ولا ضابط له و لغدا يمارس جرائمه جريمة تلو و الأخرى و احذروا مراوغة المتهم فقد تتلمذ في مدرسة الشيطان و إبليس كان موجهه فلا مبرر للقتل .. و لا تسامح في الدم .. و لا تراجع عن القصاص من القاتل .. إن مثل هذا المجرم إذا وجد مخرجاً فسيكون مخرجه ظلم بين للناس و للمجتمع بأسره بل وسيكون وبالاً علينا و ظلم لأنفسنا و هذا الظلم يبغضه الله إذ أحل و شرع القصاص من مثل أولئك المجرمين.

 فإن النيابة العامة تطالب بتوقيع عقوبة الإعدام على المتهم واني على يقين باني لن ابرح ساحة عدلكم المقدسة إلا و حكم الإعدام يقرع الآذان و يعلم به القاصي والداني و يثلج الصدور و يشفي الغليل و يبعث في المجتمع الأمن ويرسخ العدالة وييرهن للعالم أجمع )


أن قضاة مصر هم خيرة القضاة وصفوتهم و اعد لهم.. فأقطعوا بسيفكم البتار دابر الظالمين والحمد لله رب العالمين .. السيد الرئيس .. هيئة المحكمة الموقرة فلتصدروا حكمكم الرادع بالإعدام شنقاً على هذا المتهم .. حتى يكون عبرة لمن يعتبر .. وإنذار للكافة .. بالقضاء على من تسول له نفسه قتل نفس بريئة .. وفقكم الله واعانكم وسدد على طريق الحق خطاكم .. والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته