دم المصريين خط أحمر| «السرب» ملحمة وطنية تليق بالفن المصري

لقطة من «السرب»
لقطة من «السرب»

■ كتب: أحمد سيد

"الله أكبر.. الله أكبر.. الثأر لشهدائنا" هتاف امتلأت به قاعة السينما فور كتابة كلمة النهاية لفيلم "السرب"، وسط غرق العيون فى الدموع تأثرا بالعمل الذى لمس القلوب والوجدان، وأعاد لحظة الثأر لشهدائنا فى ليبيا بدرنة الى الأذهان، وكأن لم يمر عليها 9 سنوات.

كل مشاهد فى قاعة السينما كان يتمنى أن يكون جزءا من هذا الحدث الجلل للأخذ بالثأثر من الإرهاب الغاشم، الفيلم بمثابة ضربة جديدة لداعش الإرهابية، وتأكيد على أن لدينا درعا وسيفا لحماية هذا البلد.. أو كما جاء على لسان قائد القوات الجوية بالفيلم شريف منير "دم المصريين.. خط أحمر"، وقد حقق الفيلم نجاحا مدويا فى دور العرض على مستوى الفنى وحجم الإيرادات أيضا، حيث بلغت الإجمالى 16 مليون جنيه خلال أسبوع.  

نسج المؤلف عمر عبدالحليم خيوط القصة ببراعة شديدة، والحبكة الدرامية كانت محكمة البناء الى حد بعيد، والتوازن بين الجبهتين "القوات الجوية" و"تنظيم داعش" منسوج بشكل جيد، وكنت أتمنى مزيدا من المساحة لإلقاء الضوء على أهالى الشهداء، حيث اكتفى المؤلف والمخرج أحمد نادر جلال بشخصية الأم التى قدمتها "عرفة عبدالرسول" بحرفية، رغم ظهورها الخاطف فى عدة مشاهد، ولكنها تركت أثرا فى نفوس وقلوب المشاهدين، فقد جسدت صورة صادقة لأهالى الشهداء الذين صدموا مما تعرض له أبناؤهم على يد الدواعش.  

■ نيللي كريم

أما عن الأداء التمثيلى حدث ولا حرج، حيث برع كل من شارك فى العمل حتى ضيوف الشرف، والذين ظهروا فى مشاهد قليلة على رأسهم آسر ياسين وكريم فهمى ومحمود عبد المغنى وأحمد حاتم، مجموعة السرب الذين شاركوا فى الضربة الجوية التى داهمت معسكرات داعش، وانهت على العدو الإرهابى، وأسرت العقرب أو "دياب"، كما كان هناك ظهور لافت لكل من مصطفى فهمى وأحمد فؤاد سليم وأمير صلاح الدين وإسلام جمال، وقدم أحمد السقا بطل الفيلم أو "على المصرى" آداء مميزا، وبرع فى تقديم الشخصية بتفاصيلها، فضلا عن مشاهد الأكشن التى تم تصميمها بحرفية شديدة، ومن النجوم الذين برزوا بآدائهم أيضا صبا مبارك فى شخصية الصحفية المناضلة "خديجة"، والتى كانت على علاقة بأمير تنظيم داعش "أبو أسعد الحمراوى، الذى قدم شخصيته "محمد ممدوح" ببراعة شديدة أيضا، واستطاع أن يظهر مدى التناقض فى هذه الشخصية التى تستخدم الدين لتحقيق رغباتها.

كما ظهرت نيللي كريم بصورة جديدة ومختلفة، حيث انصهرت فى شخصية "هند" زوجة الأمير بكل سلاسة ويسر، وبرغم من ظهورها المحدود علي الشاشة إلا أنه كان مؤثرا، وقدم شريف منير شخصية شريف المصرى قائد القوات الجوية ببراعة أيضا خاصة لحظة الخطبة التى ألقاها أمام قوات السرب، كانت خطبة حماسية تدعوهم الى الأخذ بالثأر والتأكيد على أن أى دم مصرى خط أحمر.

أما الموسيقى التصويرية التى وضعها عمرو إسماعيل فجاءت معبرة منذ تتر البداية عن هذا الحدث الجلل،قدم عمرو إبداعا يتناسب مع أحداث العمل، ويشعل الروح الوطنية، وأعطى بُعدا ملحميا للفيلم الذى قاده بحرفية شديدة المخرج أحمد نادر جلال المبدع، الذى وضع المتفرج فى حالة شديدة الخصوصية متأثرا بالأحداث، ومتفاعلا مع كل شخصية فى العمل واستطاع أيضا أن يمزج بين الروائى والجانب الوثائقى بكل سلاسة ويسر، كما أنه لم يستعن بأى من الجرافيك فى العمل وهو أمر صعب تنفيذه، ولكنه أعطى نوعا من المصداقية خاصة فى مشاهد تنفيذ العملية وقيادة السرب الجوى.

■ لقطة من فيلم «السرب»

◄ الدعم اللوجستي

ويقول المؤلف عمر عبدالحليم : الفيلم ملحمة فنية، حاولنا خلالها تقديم كافة الجوانب، ولكن لم يكن فى استطاعتنا تقديم كل التفاصيل بشكل أكبر نظرا لمساحة الفيلم، مثل ما يتعلق بأهالى وأسر الشهداء، واكتفينا بالقاء الضوء على بعض منهم ولم نستطع سرد تفاصيل 21 شهيدا ككل، فهو أمر صعب أيضا وركزنا على مجموعة كنوع من التعبير عنهم.

ويوضح عمر : صناع الفيلم حصلوا على كثير من الدعم اللوجستى من جانب الشئون المعنوية، ولولاهم لما استطعنا تقديم هذا العمل، كما حصل بعض النجوم علي تدريبات قوية على السلاح وغيره، وأتصور أن إذا لم تتوفر هذه المساعدات لما خرج هذا الفيلم الى النور.

■ طارق الشناوي

◄ عمل للذاكرة

أما الناقد طارق الشناوي فيقول : أرى أنه فيلم مهم جدا فى توقيته وتوثيق العمل البطولي الذى قامت به القوات الجوية للثأر من داعش بعد فعلتهم الشنيعة تجاه شهدائنا المصريين الذين تم ذبحهم بكل خسة وصلف، وكان لابد من الثأر، وكنت أتمنى أن أشاهد الجانب التوثيقى بمساحة أكبر من ذلك، حيث اكتفى صناع العمل بتقديم صور الشهداء فى تتر النهاية، فضلا عن اظهار مقاومة هؤلاء الأبطال 21 مصريا أمام داعش قبل أن يذبحوا أمام العالم.

ويضيف طارق : وأرى أن هذا الجانب كان سيعطى نوعا من الثراء للعمل أيضا، خاصة أنه من المؤكد أن داعش كانوا يساومون المصريين الشهداء على دينهم قبل أن ينفذوا جريمتهم الشنعاء، ورغم ذلك أرى أن العمل استطاع أن يوثق هذا الموقف البطولى الذى مر عليه 9 سنوات، فهو عمل للذاكرة.

◄ توقيت مثالى

ويرى الناقد محمود قاسم : أن الفيلم يعد ملحمة فنية حقيقية، وأن توقيت عرض الفيلم مثالٍ للغاية يتناسب مع الأجواء التى نعيشها، وعبر العمل عن لحظة استشهاد 21 مصريا على يد الإرهاب الغاشم بشكل عميق، وتميز العمل بوجود حالة من التوازن بين الجانبين سواء تقديم الدواعش وفكرهم المتطرف، والقوات الجوية التى قامت بتنفيذ العملية للثأر لشهدائنا.

ويضيف قاسم : آداء معظم الممثلين مميز خاصة أحمد السقا الذى قدم دورا جديدا ومختلفا عليه، وكذلك محمد ممدوح الذى قدم شخصية أمير تنظيم داعش، حتى الممثلين الذين شاركوا كضيوف شرف كل منهم أدى دوره على أكمل وجه، والمخرج أحمد نادر جلال قدم لنا صورة معبرة عن المأساة التى عشناها مع استشهاد المصريين وأيضا لحظة النصر والأخذ بالثأر.