عصير القلم

فات الميعاد

أحمد الإمام
أحمد الإمام

الندم شعور انساني طبيعي ينتاب جميع البشر بعد تعرضهم لخيبة أمل نتيجة قرار خاطئ أو تصرف غير صحيح.

وقد يكون هذا الندم ايجابيً عندما يصبح دافعًا قويًا للنهوض من عثرتك والعمل على تجنب الأخطاء التي ارتكبتها في المرة السابقة حتى تحقق النجاح المنشود.

 وقد يكون الندم سلبيًا عندما يصبح مقبرة تدفن فيها أحلامك وأمنياتك وتهيل عليها التراب وتظل مستسلمًا لأفكار محبطة من عينة "انا قليل البخت" و "الدنيا كلها ماشية بالواسطة" و"انا جربت قبل كده وفشلت".

الندم مطلوب لاستخلاص العبرة وتعلم الدروس ومحاسبة النفس على ما فات ولكنه يجب أن يظل قصير العمر، بمعنى انه لا يجب أن يستمر الندم طويلا لأن تصويب الأخطاء مرتبط دائما بفترة زمنية معينة ولو طالت عن اللزوم يصبح بلا فائدة، وعلى رأي الست أم كلثوم "فات الميعاد وبقينا بعاد ، والنار بقت دخان ورماد .. تفيد بإيه يا ندم وتعمل إيه ياعتاب".

وهذا يعني أن الندم يجب أن يتبعه تحرك سريع لتصويب الاخطاء وإعادة المحاولة قبل أن يفوت الآوان وتصبح العودة أصعب وأكثر تعقيدًا .. وقد تكون مستحيلة في بعض الأحيان.

وهناك نموذج صارخ على الندم بعد فوات الآوان تقدمه لنا ممرضة استرالية قامت بتأليف كتاب بعنوان (أكثر خمسة أشياء نندم عليها عندما نكبر). 

يتضمن الكتاب سؤالا تم توجيهه للعديد من كبار السن قبل وفاتهم عن أبرز الأشياء التي ندموا على فعلها (أو عدم فعلها) .

وكان الملاحظ وجود خمس أمنيات اشترك في ذكرها معظم كبار السن وهي:

الامنية الاولى .. تمنيت لو كانت لديّ الشجاعة لأعيش لنفسي ولا أعيش الحياة التي يتوقعها أو يريدها مني الآخرون ، فقد عبّر معظمهم عن ندمه على إرضاء الغير (كرؤسائهم في العمل) أو الظهور بمظهر يُرضي المجتمع أو من يعيشون حولهم مثل الأسرة أو الاصدقاء.

الامنية الثانية .. تمنيت لو أنني خصصت وقتًا أطول لعائلتي وأصدقائي بدلًا من إضاعة العمر كله في روتين العمل المجهد.

الأمنية الثالثة .. تمنيت لو كانت لديّ الشجاعة لأعبّر عن مشاعري بصراحة ووضوح. فالكثيرون كتموا مشاعرهم لأسباب وهمية مثل تجنّب الصدام مع الآخرين، أو التضحية لأجل أناس لا يستحقون.

الأمنية الرابعة .. تمنيت لو بقيت على اتصال مع أصدقائي القدامى أو تجديد صداقتي معهم، فالأصدقاء القدامى يختلفون عن بقية الأصدقاء كوننا نشعر معهم بالسعادة ونسترجع معهم ذكريات الطفولة الجميلة ، ولكننا للأسف نبتعد عنهم في مرحلة العمل وبناء العائلة حتى نفقدهم نهائيًا أو نسمع بوفاتهم فجأة.

الأمنية الخامسة .. تمنيت لو أنني أدركت مبكرًا المعنى الحقيقي للسعادة، فمعظمنا لا يدرك إلا متأخرًا أن السعادة كانت حالة ذهنية لا ترتبط بالمال أو المنصب أو الشهرة ، وأن السعادة كانت اختيارًا يمكن نيله بجهد أقل وتكلفة أبسط ، ولكننا نبقى متمسكين بالأفكار التقليدية حول تحقيقها.

اقرأ  أيضا :


 

;