الأسبوع المقدس وحكاية الآلام

طقوس خاصة بالكنائس المصرية في أكثر أيام العام روحانية

صلوات بالكنائس خلال الأسبوع
صلوات بالكنائس خلال الأسبوع

أسبوع مقدس تشهده كنائس مصر ينتهى بالاحتفال بـ "عيد القيامة المجيد"، حيث يحتفل مسيحيو العالم خلال هذه الأيام بذكرى أسبوع الآلام ودخول السيد المسيح إلى مدينة أورشليم، وهى الأيام الأخيرة للسيد المسيح على الأرض.

 خلال هذا الأسبوع تقام طقوس خاصة به، ومن أهمها أن كنائس مصر بأكملها تتشح باللون الأسود حيث تعلق الستائر والشارات ذات اللون الأسود في كل أرجاء الكنائس وأركانها إعلانًا لحالة حداد على الآلام التى نالت من السيد المسيح، كما تتشح أعمدة الكنيسة بالسواد والأيقونات أيضًا تجلل بالسواد حتى مجىء يوم الجمعة العظيمة، والتى تنطلق فيها الألحان الحزينة بالكنائس ولعل أكثرها حزنًا لحن «كى ايبرتو» وهو اللحن الذى يتلى على نغماته مزامير نبى الله داوود التي تتحدث عن صلب المسيح والتى كتبها قبل المسيح بسنوات عديدة. 
كريم كمال، الباحث فى الشأن القبطى، أوضح أن الكنيسة تنظم على مدار الأسبوع ما يسمى بصلوات البصخة المقدسة وهى كلمة تعنى الفصح، ويعتبر الأقباط أيام البصخة أقدس الأيام، وهو ما أكده قداسة البابا شنودة الثالث قائلا: أسبوع الآلام هو أقدس أيام السنة وأكثرها روحانية، وهو أسبوع مملوء بالذكريات المقدسة فى أخطر مرحلة من مراحل الخلاص، وأهم فصل فى قصة الفداء.

 وأشار إلى أن الكنيسة اختارت لهذا الأسبوع الذى يطلق عليه أسبوع الآلام، أو أسبوع البصخة المقدس، أو الأسبوع المقدس، قراءات معينة من العهدين القديم والحديث، كلها مشاعر وأحاسيس مؤثرة للغاية توضح علاقة الله بالبشر، كما اختارت له مجموعة من الألحان العميقة، ومن التأملات والتفاسير الروحية. 

وأضاف كمال أن هذا الأسبوع مكرسًا كله للعبادة، ويتفرغ فيه الناس من جميع أعمالهم، ويجتمعون فى الكنائس طوال الوقت للصلاة والتأمل، إذ يعيشون مع المسيح أثناء دخوله أورشليم واستقباله بسعف النخيل واجتماع مع تلاميذه للفصح قبل تسليمه وصلبه، حتى ينتهى الحزن بفرح عيد القيامة. 

وأشار إلى أن الكنيسة تكرر ترنيمة «لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد أمين» ما يقارب الـ100 مرة خلال أيام أسبوع الآلام، حتى مجىء خميس العهد أو الغُسْل، ويعرف أيضًا بالخميس المقدس أو الخميس الأسرار وهو عيد مسيحى أو يوم مقدس يسبق عيد الفصح، وهو ذكرى العشاء الأخير للمسيح مع تلاميذه، وهو اليوم الذى غسل فيه السيد المسيح أرجل تلاميذه ووعظ فيهم بأن يحبوا بعضهم البعض كما أحبهم هو وترك لهم وصيته، ويقوم الكاهن فى كثير من الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية فى هذا اليوم بغسل أرجل المصلين ورشمهم بالزيت، وأيضًا فى يوم خميس العهد تم القبض على المسيح ليلاً بعد خيانة يهوذا له وتسليمه لليهود ومحاكمته. 

وأشار «كمال» إلى أن آخر يوم فى أسبوع الآلام هو الجمعة العظيمة، أحد أهم الأيام فى أسبوع الآلام، وفيه يستغرق الأقباط فى الصلوات نحو 12 ساعة، تبدأ من الـ 6 صباحًا وحتى الـ6مساءً، وفيه يتذكر مشهد صلب السيد المسيح. الجمعة العظيمة من أكثر أيّام الصّوم الإلزاميّة للمسيحيّين عند جميع الكنائس والطوائف إذ كان صلب المسيح يوم الجمعة، وفق المعتقدات المسيحية، حيث ينقطع المسيحيون عن الأكل والشرب بشكل كامل خلال فترة الصيام، بدءًا من ليل الخميس كما الحال فى الكنيسة البيزنطيّة وأيضًا الكنيسة القبطيّة، ويتم أيضا فى ختام أيام أسبوع الآلام شرب الخل الممزوج بالمر، حتى يتذكر الأخوة الأقباط ذلك الشراب المر الذى شربه السيد المسيح على الصليب.

كما يرتبط عيد القيامة فى جميع أنحاء العالم بلحم خروف، حيث يتم ذبح خروف ليس رمزًا إلى التضحية فقط، بل أيضًا إلى الاستشهاد والنقاء والبراءة. هذه الطقوس بدأت منذ القرن الأول، حيث كانت الكنيسة قديمًا تحتفل بطقس أسبوع الآلام مرة كل ثلاثة وثلاثين عامًا وكان يتم قراءة الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد كله فى أسبوع الآلام، وكان الملوك والولاة المسيحيون يعطون الموظفين فى هذا الأسبوع إجازة ليتفرغوا للصلاة، كما كانوا يفرجون عن المساجين ليشتركوا فى العبادة وكان أيضًا السادة يمنحون عبيدهم عطلة لهذا الأسبوع الذى كان لا يتكرر سوى مرة أو مرتين فى العمر، حتى قرر البابا ديمتريوس، البطريرك الثانى عشر فى القرن الثانى الميلادى أن يُحتفل بأسبوع الآلام سنويًا بعد صوم الأربعين المقدسة.