الإفتاء توضح حكم تقاضي السمسار عمولة من البائع والمشتري دون علم الأخير

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال نصة "ما حكم تقاضي السمسار عمولة من البائع والمشتري دون علم المشتري بأن البائع يدفع عمولة؟ فهناك رجلٌ يعمل كسمسار، ويتقاضى عمولةً مِن البائع والمشتري، ولا يعلم المُشتري أن هذا السمسار يتقاضى عمولةً مِن البائع، فما الحكم في ذلك شرعًا؟


وأجابت دار الإفتاء: "السمسرة كأيِّ عقدٍ مِن عقود المعاملات، فمع أنَّ الأصلَ فيها الجوازُ والإباحةُ، إلا أنه يُشترط فيها أن تكون خاليةً مِن المحذورات الشرعيَّة كالغررِ والجهالةِ، وصورِ الغِشِّ والتدليس والخِدَاع، وحُرمة العملِ المعقود عليه، وغيرها مِن أسباب الحُرمَةِ شرعًا والخصومةِ قضاءً، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27].

اقرأ أيضاً|دار الإفتاء توضح حكم قراءة القرآن بصورة جماعية

وقالت "عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ فِي النَّارِ» أخرجه ابن حبان، وتقاضي السمسار أجرةً (عمولة) مِن البائع والمشتري، هو في الحقيقة مشتملٌ على معاملتَيْن مُنفصِلَتَيْن، إحداهما مع البائع على أن يَجِدَ له مُشْتَرِيًا، والأخرى مع المشتري على أن يَبْحَثَ له عما يَقصد شراءَه، فصادَف أن كان مقصدُ المشتري عند ذات البائعِ المتعاقِد مع السمسار، وحينئذٍ لا يكون انتفاءُ العلم بتقاضِي السمسار عمولةً مِن البائع أو المشتري عن الآخَر قادِحًا في صحَّة أيٍّ مِن المعاملتَيْن، حيث إنه ليس وكيلًا عن أحدهما؛ لأنه إن كان وكيلًا فإن الوكيلَ مؤتَمَنٌ، وأخذه للسمسرة مِن غير موكِّله نوع خيانةٍ.

وأضافت"لا يخفى أنَّ الإيجاب والقبول لا تعلُّق لهما بغير المتعاقدين، فمتى صدر الرِّضا منهما لم يكن المالُ المستحَقُّ بتلك المعاملة أَكْلًا للمال بالباطل، حتى وإن أضافه البائعُ إلى ثمن السلعة، ما لم يحصل بها غبنٌ كبيرٌ للمشتري في ثمن تلك السلعة عُرفًا، حيث نصَّ بعض الفقهاء على أن أجرَة السمسار مِن جملة ما يضاف إلى الثَّمن في عُرف التُّجَّار، لكن لا يُعَبِّر عند البيع في تلك الحالة بصيغةٍ يُتَوَهَّم منها أنه اشترى المبيع بذلك الثمن، بل يُعَبِّر بنحو: قام عليَّ بكذا، ليشمل كافَّة التكاليف، فأفاد أنَّه لا يلزمه أن يُخبِر المشتري بتفصيل ذلك.

وتابعت "بناءً على ذلك: فإن السمسرة عقدٌ مشروعٌ متى كان خاليًا عن المحذورات الشرعيَّة مِن حرمة المعقود عليه، والغِشِّ، والخيانة والغررِ، ولم يكن فيه غبنٌ كبيرٌ عُرفًا، ويجوز للسمسار أن يعقده مع البائع أو المشتري على السواء، أو مع كليهما، إذا لم يكن وكيلًا عن أحدهما، وحصل التراضي على تلك السمسرة وأجرتها بين السمسار ومَن يدفع له الأجرة، ولا يُشترط في تلك الحالة علمُ الطرف الآخَر في البيع بتلك السمسرة أو بأجرتها،  وفي واقعة السؤال: تقاضي الرجل المذكور عمولةً متفَقًا عليها مِن كلٍّ مِن البائع والمشتري، مع كون المشتري لا يعلم بأنه يتقاضى عمولةً مِن البائع، أو العكس -أمر جائزٌ شرعًا، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج، مع مراعاة اتباع اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه المعاملات، ووجوب تحرِّي الصدق والأمانة في ذلك كلِّه.