تسريبات تمهيدية لاقتحام رفح

كاركاتير من صحيفة هاآرتس
كاركاتير من صحيفة هاآرتس

جاء الهجوم الإسرائيلي على مواقع عسكرية تابعة لسلاح الجو التابع للحرس الثوري الإيراني بأصفهان في إيران، وما تلاه من هجمات على أهداف إيرانية في سوريا  محدودًا ومتوافقًا مع تأكيد نتانياهو لوزيري خارجية ألمانيا وبريطانيا اللذين زارا إسرائيل، يوم الأربعاء الماضي، بأن تل أبيب سترد على الهجوم الإيراني، لكن الرد سيكون محسوبًا، ومتطابقًا مع تأكيدات إدارة بايدن  لوسائل الإعلام الأمريكية على أن التحرك الإسرائيلي سيكون محدودًا ومركزًا، بهدف تجنب إشعال حرب إقليمية. 

من الواضح أن الرد الإسرائيلى  المحدود، تم عن قصد حتى لا يكون الضرر والدمار على نطاق واسع بحيث يكون متسقًا مع الضرر الطفيف الذى لحق بقاعدة النبطيم، وفى الوقت نفسه يسمح للنظام فى طهران باحتواء الحدث، دون الحاجة إلى جولة أخرى من تبادل الضربات مع إسرائيل. وربما أيضًا لإتاحة «مساحة للإنكار» للإيرانيين واحتواء الحدث دون ضغوط من المحافظين والحرس الثورى على النظام وخامنئى ويعفى النظام من الرد على الهجوم الذى تتحمل إسرائيل مسؤوليته. 

جدير بالذكر أن الرد الإسرائيلى تأجل - حسب تقارير عبرية- مرتين، وبعد اجتماع مجلس الوزراء الحربي، أبلغ مسؤولون إسرائيليون كبار نظرائهم فى الإدارة الأمريكية أنه تقرر فى النهاية الانتظار وعدم الهجوم ليلة الاثنين، وعلق مسؤول أمريكى على ذلك بأنهم لا يعرفون سبب هذا التأجيل. لكن حسب مصدر مطلع على فحوى لقاءات نتانياهو مع الوزيرين الأوروبيين، أشار لموقع واينت العبرى إلى أن نتانياهو لم يظهر خلال الاجتماعات إحساسًا بالإلحاح عندما يتعلق الأمر بالرد ضد إيران، بل وذكر أن إسرائيل بحاجة إلى «إنهاء المهمة» ضد حماس فى غزة - وهو أمر يدعى أنه سيضعف قدرة إيران على إيذاء إسرائيل.

هذه الإشارة تكشف أن وقوع الهجوم الإسرائيلى المحدود على إيران بعد تأجيله، لم يكن نزولًا على مناشدات أو ضغوط خارجية أو طيًا لصفحة ، بل نوع من المقايضة، وانتظار لحصول تل أبيب على الثمن، ولاسيما مع يقينها أن الإدارة الأمريكية تتحرق لتلافى أى تصعيد عسكرى فى المنطقة حتى لا تتأذى مصالحها وتتأثر شعبية الرئيس فى انتخابات نوفمبر القادمة. من جانبهما فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا عقوبات على شركات وأفراد إيرانيين كترضية لإسرائيل ولحثها على عدم التمادى فى الرد العسكرى على إيران. لكن على ما يبدو أن هذا وحده ليس المقابل الذى ترضى به إسرائيل وان هناك ما هو أكثر. 

يعزز هذا  ما رشح من تسريبات عن حصول إسرائيل على الضوء الأخضر من إدارة بايدن، بدخول رفح إذا لم ترد على الهجوم الإيراني. رغم نفى مسؤولين أمريكيين منح الولايات المتحدة إسرائيل هذا  الضوء الأخضر لاقتحام رفح المؤجل، إلا أن اللقاءات المكثفة التى جرت فى الأيام الأخيرة بين مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين بشأن عملية رفح تحديدًا ترأسها من الجانب الأمريكى مستشار الأمن القومى بالبيت الأبيض جيك سوليفان. ومن الجانب الإسرائيلى وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ومستشار الأمن القومى  تساحى هنجبى تشى بأن للتسريبات نصيبًا من الصحة.