عاجل

إنها مصر

الأزمات الساخنة والقرارات المدروسة

كرم جـبر
كرم جـبر

الصخب الذى صاحب «مظاهرة المسيرات» يؤكد صحة تقديرات الموقف المصرى، وأن الأدوار لا تُكتسب بالكلام أو الشعارات، وإنما برفع هامة البلاد وقامتها، والعمل الشاق ليل نهار على تدعيم مكانتها، وبث روح العزيمة والإصرار فى مواطنيها، لخلق حالة من التفاهم والوعى لدى الرأى العام.

منظومة متكاملة يؤدى كل عنصر فيها دوره المحدد فى تناغم، ليخرج القرار المصرى على قدر الحدث، فى ضوء الحسابات السياسية المعقدة فى المنطقة، وهذا هو سر قوة الدور المصرى، البعيد تماما عن الضوضاء والضجيج.

الأدوار لا تُكتسب بالتصريحات والبيانات، وإنما بحساب كل كلمة وكل قرار، وأن يكون كل شيء مدروسا بتأنٍ ودقة وعناية وعمق، وصولاً إلى تحقيق المصالح العليا للبلاد وحفظ أمنها واستقرارها وسلامتها.

وأثبتت الأحداث الصاخبة التى مرت بالمنطقة فى السنوات العشر الأخيرة، أن مصر قوية الأعصاب وثابتة المواقف، ولا تصدر عنها قرارات متسرعة وانفعالية، ولا يمكن استدراجها أو توريطها فى صراعاتٍ بعيدة عن ثوابت أمنها القومى.

وأثبتت أحداث غزة وما تلاها بالأدلة القاطعة أن إدارة مصر للأزمة قمة الحنكة والوعى، دفاعاً عن الأمن القومى العربى، وأن الأدوار لا تُباع ولا تُشترى، وإنما بالقدرة على تحمل المسئوليات الجسام، فمن أراد أن يحارب فليحارب بقواته وليس بالجيش المصرى، الذى يعرف جيداً مهامه الاستراتيجية ولا يحيد عنها، وكيف يحمى القضية الفلسطينية من الضياع.

ونجحت مصر فى إخماد مؤامرات التوريط بكل أشكالها، من المخططات المحمومة للتهجير القسرى للشعب الفلسطينى، حتى المزايدات القديمة بالشعارات الكاذبة، واختفت أصوات تيارات النضال الصوتى بعد أن انكشفت حيلهم، وأنهم كانوا سبباً فى معظم النكبات التى تعيشها الأمة العربية.

هوية الوطن تكمن فى الدولة القوية التى تصون مصالح الوطن وتعظم مردودها، وهى السياج القوى الذى يحمينا فى الانتصارات والانكسارات، وقوة البلاد تكمن فى الحفاظ على ثوابتها وعدم التفريط فيها، وأهمها عدم السماح ببث الفتن بين المصريين.

ونحن الآن نجنى الثمار فى الاحترام الذى تناله مصر فى المجتمع الدولى، وتجسد المواقف الحاسمة والهادئة للدولة المصرية، مدى حرص زعماء العالم على التشاور مع رئيس مصر بشأن القضايا المهمة فى المنطقة.

كنا مثلاً نسمع منذ سنوات عبارة «فين دور مصر»؟.. ولم يأخذ السؤال شكل التحليل والدراسة وإنما أخذ شكل الترصد بمصر، وكأن كثيراً من المترصدين والدول والقوى والتيارات، ينتظرون على أحر من الجمر الانهيار والتراجع، وكأن قاماتهم لن تعلو إلا بالنيل من مصر.. والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.