« الحجار » .. عائلة موهوبة بالوراثة

عائلة الحجار
عائلة الحجار

ندى‭ ‬محسن

“اصنع أغانِ تعيش بعد مماتك ولا تموت وأنت على قيد الحياة، لا تتاجر بحنجرتك ولا تجعلها سبيلًا إلى منصب أو جاه”.. هذا المبدأ الذي عاشت عليه واحدة من أبرز العائلات الموسيقية المصرية، وهي عائلة الحجار، تلك الكلمات التي أملاها الموسيقار الكبير الراحل إبراهيم الحجار على أبنائه الثلاثة علي، أحمد ورأفت الحجار، وترسخت في أذهانهم وظلت ترافقهم كظلهم منذ انطلاقة كل منهما في مشواره الفني.

يعود تاريخ عائلة الحجار إلى الأب الموسيقار الكبير إبراهيم الحجار الذي برزت موهبته في التلحين والغناء في سن صغير، وأخذ بصوته يجوب مسقط رأسه بني سويف، والبلاد المحيطة بها لإحياء الأفراح والحفلات، حتى استطاع تحقيق شهرة نسبية في تلك التوقيت، وبعد فترة وجيزة قرر الاحتراف والسفر إلى القاهرة في أربعينيات القرن الماضي من أجل خوض إمتحان الأصوات الجديدة في هيئة الإذاعة المصرية، ونجح في الاختبار وتم اعتماده مطربًا بشكل رسمي في هيئة الإذاعة عام 1945، وحقق نجاحًا كبيرًا خلال سنوات عمله بالإذاعة، حيث كان يُغني بصفة مستمرة كل شهر مدة ربع ساعة، إلى أن تم استبعاده من الإذاعة بسبب إعتزازه بلقب عائلته، بعدما رفض طلب الإذاعي محمد حسن الشجاعي تغيير اسمه.

ورغم مروره وأسرته بأزمات عديدة بعد ترك العمل في الإذاعة، إلا أن عطائه الفني لم ينضب، وأخذ يبحث عن فرص جديدة تُتيح له استكمال مشواره الفني، إلى أن تم تعيينه في إدارة الأوبرا عام 1968، ومن خلالها استطاع انشاء فرقة الموسيقى العربية، واشترك في العديد من الحفلات التي كانت تُقام بصورة نصف شهرية، حتى تمت إحالته إلى التقاعد عام 1982، لكنه لم يتوقف، واستمر عطائه في تدريس وتحفيظ الموشحات وشرح وتحليل الألحان والجمل الموسيقية لطلبة المعهد العالي للموسيقى العربية، وتتلمذ على يديه العديد من نجوم الغناء الكبار أمثال التونسية لطيفة، طارق فؤاد، أنغام، أحمد إبراهيم، مدحت صالح، نادية مصطفى، شيرين وجدي، أنوشكا، مي كساب، وأولاده علي وأحمد الحجار.

أمتد حب الفن والموسيقى إلى أبناءه الثلاثة، علي، أحمد ورأفت الحجار، لاسيما أن والدهم حرص على تعليمهم مبادئ وقواعد الغناء وتثقيفهم سمعيًا على أغنيات الطرب الأصيل والموشحات القديمة في سن صغير، ورغم أنه كان يخشى عليهم من العمل في مجال الفن لصعوبته وكثرة أزماته، إلا أن موهبتهم فرضت نفسها بقوة، واحترف الأبن الأكبر علي الحجار الغناء في أواخر السبعينيات بعدما احتضن موهبته الموسيقار الكبير بليغ حمدي، وأنتج له أول أغنياته “على قد ما حبينا”، من كلمات الشاعر الراحل عبد الرحيم منصور، وانطلق علي بعدها في مشواره الفني الذي يمتد لأكثر من 47 عامًا، وتوالت تعاوناته مع الكِبار أبرزهم سيد مكاوي، صلاح جاهين، عبد الرحيم منصور، كمال منصور، محمد الموجي، حلمي بكر، سيد حجاب، عمار الشريعي، عبد الرحمن الأبنودي، عمر خيرت، جمال بخيت، رضا أمين وياسر عبد الرحمن.

ويمتلك علي رصيد كبير من الأغنيات والمسلسلات الدرامية التي تخطت الـ120 مسلسل شارك فيها بالتمثيل والغناء، بالإضافة إلى عدد كبير من الأفلام والمسرحيات والألبومات الغنائية التي يصل عددها إلى 20 ألبومًا، أبرزهم “محتاجلك” و”اعذريني”، وتولى الحجار إنتاج جميع ألبوماته الغنائية بنفسه بداية من ألبوم “اعذريني” الذي صدر عام 1981، باستثناء 3 ألبومات مع الموسيقار الكبير بليغ حمدي، واتخذ الحجار هذا القرار بسبب تدخل المنتجين في اختيارات الألبوم بما لا يتناسب مع فكره ومنهجه الخاص.

وتجاوزت أعماله الغنائية مع الموسيقار الكبير عمار الشريعي الـ1000 أغنية، من ضمنها أغاني وتترات الأعمال الدرامية الخالدة التي ارتبط صوته بها بداية من مسلسل “الأيام”، مرورًا بـ”ذئاب الجبل، الشهد والدموع، مسألة مبدأ، أبو العلا البشري، المال والبنون، بوابة الحلواني، حدائق الشيطان، الليل وآخره”، وصولاً لـ”شيخ العرب همام، ابن ليل”.

يعتبر علي أن أداءه لرباعيات صلاح جاهين من أهم المحطات الفارقة في مشواره الفني، حتى إنه قال عنها: “دخلت التاريخ بغنائي رباعيات صلاح جاهين، ولو كنت مقدمتش غيرها، كنت هبقى مبسوط وراضي”. 

أما الابن الأوسط أحمد الحجار فقد بدأ مشواره الفني كملحن ومطرب في سن صغير بعدما ألتحق بفرقة التخت العربي لإحياء التراث أثناء دراسته بالمرحلة الجامعية، ثم ألتحق بالمعهد العالي للموسيقى العربية، وتعلم العزف على آلتي العود والبيانو، كما درس النوتة الموسيقية والمقامات الشرقية والغربية، وكانت أغنية “عود” من كلمات الشاعر جمال بخيت هي بطاقة التعارف الأولى بينه والجمهور كمطرب، وأثبت أيضًا موهبته في التلحين من خلال لحن أغنية “اعذريني” الذي قدمه لشقيقه علي الحجار عام 1981، ثم توالت أعماله التلحينية مع عدد كبير من نجوم الغناء منهم أنغام، علاء عبد الخالق، هشام عباس، أنوشكا ومحمد فؤاد، الذي قدم له جميع أغنيات فيلم “أمريكا شيكا بيكا”، وهذه أحد المحطات الهامة في مشواره الفني، ويمتلك الابن الأصغر رأفت الحجار صوتًا قويًا وموهبة كبيرة، إلا أنه لم ينل قسط كبير من النجاح أو الشهرة التي حققها أخويه علي وأحمد.

وامتدت جينات حب الفن والموسيقى إلى الأحفاد، حيث برزت موهبة أحمد نجل علي الحجار منذ صغره، والذي تعلم قواعد الغناء على يد جده إبراهيم، ثم إلتحق بمعهد الموسيقى العربية من أجل صقل موهبته، وبعد التخرج سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال دراسته للموسيقى، وخلال رحلته بالولايات المتحدة نال أحمد فرصة الغناء بجانب نجوم عالميين مثل كارول كينج وجيسون مراز.

اقرأ  أيضا : صور.. عقد قران نجل الفنان علي الحجار

;