بنت باب الشعرية.. حولت أول مقهى إلى مدرسة

اب الشعرية
اب الشعرية

دق الجرس أمام مقهى المعلم هاشم بباب الشعرية، يعلن بداية الحصة الأولى.

وفي لمح البصر ترك الزبائن الشيشة، والشاي، والقهوة، وقام المعلم بوضع السبورة فوق الحامل، ودخل المدرس يحمل كراريس التلاميذ الكبار، وانتظمت الصفوف وساد الصمت، وبدأت الحصة الأولى.

هكذا كان الحال بعدما قامت السيدة لطيفة شعبان ابنة باب الشعرية، والمفتشة بوزارة التربية والتعليم، بتطبيق فكرة القضاء على الأمية، ذلك عندما توجهت إلى مقهى المعلم هاشم بباب الشعرية تعرض هذه الفكرة وتحويل المقهى إلى مدرسة شعبية ولمدة ساعتين كل يوم.

 

في البداية ضحك الجميع، موضحين بأن المقهى لايصلح لهذا الغرض لأنه مكان للعب واللهو، لا لتلقي العلم.

لكن السيدة لطيفة ابنة الحي صممت على تنفيذ الفكرة، ولو أدى الأمر إلى أن تدفع اجر للمعلم صاحب المقهى اذا شاء، والذي رحب بالفكرة قائلا: "ياخبر دا انا افتح بيتي كمان.. واعتبريني أول تلميذ في الفصل ده".

وبالفعل نجحت الخطوة الاولى، والاتفاق على مواعيد الحصص، ورحب الجميع، وقامت بنت باب الشعرية باختيار المدرسين من بين رواد المقهى، وذهبت في أول يوم لتشرف على الحصص بنفسها.

وعندما دخلت صاح المعلم صاحب المقهى: اقفل الراديو ياولد.. ولم الكراسي في احد أركان المقهى، وحط التختة على الحامل.

وساد السكون وبدأت تقول بنت الحي: إن شاء الله السنة الجاية تكونوا كلكم بتعرفوا تقروا وتكتبوا، ويبقى كل واحد اسمه راجل متعلم.. مش راجل جاهل، لأن عيب نبقى دولة كبيرة وفينا ناس مبتعرفش تقرأ وتكتب".

وبدأت أول حصة، وكانت اول جملة كتبها المدرس هي: قهوة المعلم هاشم هي مدرسة الشعب.

وتملك الجميع شيئ من الحماس والرغبة في أن يتعلموا، وبعد نصف ساعة انتهت الحصة الاولى، ثم بدأت الحصة الثانية في الحساب، واستمرت أيضا نصف ساعة.

ومضى اليوم الأول في نجاح كبير، وخرج التلاميذ الكبار يحملون كراريسهم واقلامهم ليكتبوا الواجب في البيت.

وكما نشرت وتابعت آخر ساعة هذه الفكرة عام ١٩٦١، والتي قامت بنشر هذا الخبر، ودعت من خلاله المحافظ لزيارة المقهى، لكي يحتذى أصحاب المقاهي بهذا المثل، ولتكون المقاهي للتوجيه والتعليم، والهدف منها هو تثقيف أبناء الشعب والنهضة بمستواهم العقلي والعلمي، وحل مشكلة ازدياد المقاهي والذين يقضون معظم وقتهم فيها لقتل الفراغ.

مركز معلومات أخبار اليوم