فى الصميم

عن السلام.. وحفظ السلام!!

جلال عارف
جلال عارف

إدمان المعايير المزدوجة من جانب أمريكا فى التعامل مع قضية فلسطين ومعظم القضايا العربية، أصبح يؤدى إلى ما يشبه الشيزوفرينيا السياسية(!!).. قبل يومين بدا الرئيس الأمريكى بايدن فى شدة التأثر وهو يتحدث فى بيان صادر عن البيت الأبيض بمناسبة شهر التراث العربى الأمريكى.. قال إنه «ينبغى التوقف للتفكير فى الألم الذى يشعر به كثيرون من أفراد الجالية الأمريكية العربية بسبب الحرب فى غزة. وأنه شخصياً ينتابه شعور بالحزن الشديد بسبب هذه المعاناة»!!
فى نفس اليوم، وبعد ساعات قليلة، كان يتم الكشف عن صفقة السلاح الضخمة لإسرائيل والتى تتضمن أحدث الطائرات والصواريخ والقنابل زنة ٢٠٠٠ رطل التى توصف بـ «الغبية» والتى استخدمتها إسرائيل من قبل فى قصف المواقع المدنية وقتل الآلاف بالمخالفة لكل القوانين الدولية وحتى الأمريكية نفسها!!
وزير الدفاع الإسرائيلى «جالانت» عاد منتشياً بصفقة السلاح، ومنتشياً أيضاً بما تم تمريره لوسائل الاعلام الإسرائيلية عن أنه أحرز تقدماً فى بحث اقتراح نشر قوات حفظ سلام عربية مسلحة فى قطاع غزة مع نظرائه الأمريكيين!! الفكرة أساساً مطروحة أمريكياً من فترة ضمن سيناريوهات ما بعد الحرب، ومصر رفضت التعامل معها لأن القرار لابد أن يكون ـ أساساـ فلسطينياً، ولأن الأولوية الآن هى لوقف حرب الإبادة فى غزة وإيقاف حصار الجوع والموت الذى تفرضه إسرائيل.. الجديد هنا أن إسرائيل تتحرك ضمن سياستها المعلنة ضد الدولة الفلسطينية ومع بقاء الانقسام، وبعيداً عن الشرعية الدولية، ومع الإصرار على إبقاء السيطرة الأمنية على قطاع غزة أو عودة الاحتلال إن أمكن!!
تظل الأولوية دائماً لإنهاء حرب الإبادة ومنع اقتحام رفح، ورفض عودة الاحتلال إلى غزة، وصولاً إلى فرض الدولة الفلسطينية الموحدة على كل الأرض الفلسطينية فى حدود الرابع من يونيو 67 وعاصمتها القدس العربية.
ويظل الدعم العربى واجباً لدعم الشرعية الفلسطينية على كل شبر من أرض دولة فلسطين. وتظل المشروعات الصهيونية والسيناريوهات المشبوهة التى تطرح جرس إنذار لكل الفصائل الفلسطينية بأن التوافق هو الفريضة الوطنية التى لم يعد ممكناً أن تتأجل. 
نفس الشيزوفرانيا السياسية (إن صح التعبير) التى تبدو مع حديث بايدن عن معاناة العرب من حرب غزة فى نفس الوقت الذى تتم فيه صفقة السلاح الجديدة لإسرائيل.. هى نفسها التى تجعل القاتل «جالانت» الذى وصف الفلسطينيين بأنهم «حيوانات بشرية» يشرف على قتلهم، يحدثنا اليوم عن رؤيته لحفظ السلام!!