عصير القلم

من يرفض التطور .. يموت

أحمد الإمام
أحمد الإمام

‭..‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2016‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬بيع‭ ‬شركة‭ ‬نوكيا‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الهواتف‭ ‬المحمولة‭ ‬إلى‭ ‬شركة‭ ‬مايكروسوفت‭ ‬العملاقة‭ ‬،‭ ‬وخلال‭ ‬المؤتمر‭ ‬الصحفي‭ ‬للإعلان‭ ‬عن‭ ‬تفاصيل‭ ‬الصفقة‭ ‬وتوقيع‭ ‬العقود‭ ‬فاجأ‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬لشركة‭ ‬نوكيا‭ ‬ستيف‭ ‬بالمر‭ ‬جميع‭ ‬الحاضرين‭ ‬بوصلة‭ ‬بكاء‭ ‬حارة‭ ‬قائلاً‭: ‬نحن‭ ‬لم‭ ‬نفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬خاطئ،‭ ‬ولكن‭ ‬بطريقة‭ ‬ما،‭ ‬خسرنا‭.‬

وبعد‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬بكى‭ ‬كل‭ ‬فريق‭ ‬الإدارة‭ ‬بحرارة‭ ‬شديدة‭ ‬لاتقل‭ ‬عن‭ ‬رئيسهم‭. ‬والسبب‭ ‬ببساطة‭ ‬أن‭ ‬نوكيا‭ ‬كانت‭ ‬شركة‭ ‬محترمة‭ ‬وناجحة‭ ‬ولم‭ ‬ترتكب‭ ‬أي‭ ‬أخطاء‭ ‬في‭ ‬أعمالها‭ ‬ولكن‭ ‬العالم‭ ‬تغير‭ ‬بسرعة‭ ‬كبيرة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬استيعابها‭ ‬ولم‭ ‬يطوروا‭ ‬من‭ ‬أفكارهم‭ ‬ولم‭ ‬يحدثوا‭ ‬من‭ ‬منتجاتهم‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الهواتف‭ ‬المحمولة‭ ‬وغزت‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬وأصبح‭ ‬الجميع‭ ‬يعرف‭ ‬دولة‭ ‬فنلندا‭ ‬باعتبارها‭ ‬الوطن‭ ‬الام‭ ‬لشركة‭ ‬نوكيا‭ ‬مهد‭ ‬صناعة‭ ‬الموبايلات‭. ‬

غاب‭ ‬عنهم‭ ‬التعلّم،‭ ‬وغاب‭ ‬عنهم‭ ‬التغيير،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فقدوا‭ ‬فرصة‭ ‬ثمينة‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬أيديهم‭ ‬لتصبح‭ ‬شركتهم‭ ‬شركة‭ ‬عملاقة‭ ‬وناجحة‭.‬

لم‭ ‬يفقدوا‭ ‬فقط‭ ‬فرصة‭ ‬كسب‭ ‬المال‭ ‬الوفير،‭ ‬ولكنهم‭ ‬فقدوا‭ ‬أيضًا‭ ‬فرصتهم‭ ‬في‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭!‬

الرسالة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القصة،‭ ‬لو‭ ‬رفضت‭ ‬التطوير‭ ‬وتغيير‭ ‬أفكارك‭ ‬ومواكبة‭ ‬كل‭ ‬جديد‭ ‬،‭ ‬سيتم‭ ‬استبعادك‭ ‬من‭ ‬المنافسة‭.‬

إذا‭ ‬كنت‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تتعلّم‭ ‬أشياء‭ ‬جديدة‭ ‬و‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬أفكارك‭ ‬وعقليتك‭ ‬اللحاق‭ ‬بالوقت‭ ‬سوف‭ ‬تنتهي‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت‭ !‬

يظل‭ ‬الإنسان‭ ‬ناجحا‭ ‬مادام‭ ‬يتعلم،‭ ‬فإذا‭ ‬اعتقد‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬تعلم‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬فقد‭ ‬حكم‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬بالفشل‭.‬

هناك‭ ‬إحصائية‭ ‬مرعبة‭ ‬تعكس‭ ‬حجم‭ ‬وسرعة‭ ‬التطور‭ ‬الذي‭ ‬يشهده‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬ووسائل‭ ‬الاتصال‭.‬

هل‭ ‬تعلم‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬استغرقته‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬مستخدم‭ ‬حول‭ ‬العالم؟

‏الهاتف‭ ‬الارضي‭ ‬الثابت‭ ‬احتاج‭ ‬إلى‭ ‬75‭ ‬سنة‭ ‬ليصل‭ ‬عدد‭ ‬مستخدميه‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬مستخدم‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬‏الهاتف‭ ‬المحمول‭ ‬لم‭ ‬يحتج‭ ‬أكثر‭ ‬من‭  ‬16‭ ‬سنة‭ ‬للوصول‭ ‬لنفس‭ ‬عدد‭ ‬المستخدمين‭.‬

‏وجاءت‭ ‬شبكة‭ ‬الويب‭ ‬العالمية‭ ‬لتحطم‭ ‬رقم‭ ‬الهاتف‭ ‬المحمول‭ ‬بوصولها‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬مستخدم‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬سنوات‭ ‬فقط‭.‬

‏ووصل‭ ‬‏تويتر‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬رقم‭ ‬المستخدمين‭ ‬في‭  ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬فقط‭.‬

‭ ‬وتفوق‭ ‬عليه‭ ‬‏الفيسبوك‭ ‬الذي‭ ‬اكتفى‭ ‬بـ‭ ‬4‭ ‬سنوات‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬مستخدم‭.‬

‏وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬اعتقد‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬رقم‭ ‬الفيسبوك‭ ‬سيظل‭ ‬صامدًا‭ ‬جاء‭ ‬تطبيق‭ ‬واتساب‭ ‬ليحطم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬النظريات‭ ‬بوصوله‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬مستخدم‭ ‬في‭ ‬3‭ ‬سنوات‭ ‬فقط‭.‬

ولم‭ ‬يستمر‭ ‬واتساب‭ ‬كثيرا‭ ‬على‭ ‬القمة‭ ‬التي‭ ‬أزاحه‭ ‬عنها‭ ‬تطبيق‭ ‬‏إنستجرام‭ ‬الذي‭ ‬احتفل‭ ‬بوصوله‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬مستخدم‭ ‬في‭  ‬سنتين‭ ‬فقط‭ ‬لاغير‭.‬

هذه‭ ‬الارقام‭ ‬تثبت‭ ‬أن‭ ‬التطور‭ ‬والتغيير‭ ‬هما‭ ‬سنة‭ ‬الحياة‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نتطور‭ ‬باستمرار‭ ‬لندور‭ ‬مع‭ ‬عجلة‭ ‬الزمن‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬الحركة‭ ‬والدوران‭.‬

علينا‭ ‬أن‭ ‬نغير‭ ‬مفاهيمنا‭ ‬ونتخلى‭ ‬عن‭ ‬أفكارنا‭ ‬القديمة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نصبح‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬الماضي‭ ‬ويتجاوزنا‭ ‬الزمن‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬نوكيا‭.‬

علينا‭ ‬ان‭ ‬نعمل‭ ‬ونتطور‭ ‬باستمرار‭ ‬اذا‭ ‬اردنا‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬،‭ ‬فمن‭ ‬يرفض‭ ‬التطور‭ .. ‬يموت‭. ‬

;