عيد الأم| أمهات بلا إنجاب

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتبت: مروة أنور

وقفت هالة البالغة من العمر 40 عاماً تستمع لأغنية شادية «سيد الحبايب يا ضنايا أنت»، وهي شاردة وعيناها تملؤها الدموع وتتخيل نفسها وأن الله تعالى رزقها هي وزوجها بطفل، ولم تنتبه إلا على صوت أبناء أختها ينادونها "ماما هالة أحلى ماما في الدنيا"، فتمسح دموعها وتبتسم وتضمهم إلى حضنها وهي تردد: "الحمد لله أنتم عوض ربنا".. هالة ليست السيدة الوحيدة التي تعاني الحرمان من الأمومة خاصة في يوم 21 مارس من كل عام.

مديحة صابر تزوجت فى شبابها وبعد سنوات طلقها زوجها بسبب عدم قدرتها على الإنجاب، وانشغلت طوال سنوات حياتها بتربية أولاد أخيها وهى الآن فى السبعين من عمرها، ولم يسأل أحد من أولاد أخيها عنها فاضطرت للانتقال إلى إحدى دور المسنين، وقالت "عشان لو مرضت ألاقى حد يسأل عني، ولما أموت ألاقى حد يدفني"، ورغم ذلك فإنها لا تزال تحب أبناء أخيها وتقول: "أنا عارفة إنهم بيحبونى لكن الحياة بتشغل وتلهي، وأنا عملت وصية تركت فيها كل ما أملك لهم، فهم أولادى حتى لو لم أنجبهم".

أما أمانى محمد فقد تزوجت فى سن الأربعين، وتقول: "كنت أعلم أن فرصة الإنجاب ضعيفة، لذا تزوجت من رجل أرمل ولديه 4 أبناء، وقد حملت وأجهضت أكثر من مرة، وفى النهاية رضيت بقضاء الله وقدره، وأدركت أن العوض الذى جاء من الله لى هو أولاد زوجي، خاصة أنهم فى أعمار ما بين 3 و7 سنوات وينادوننى "ماما أماني" وهذه الكلمة تسعدنى جدا". 
تتابع: "عندما يأتى عيد الأم نتبادل مشاعر الحب كأى أم مع أبنائها، وأشعر بالفرحة التى تنسينى ألمى من حرمانى من الأمومة".

بينما تقول نجلاء محمد (35 عامًا): "تزوجت من زميلى فى الجامعة وعشنا قصة حب رائعة، ولكن اتفقت معه على عدم الإنجاب، والكثير من الأقارب كانوا يلوموننى على هذا القرار وأنا كنت أرى أن الأطفال مسئولية كبيرة لا أقدر عليها".

◄ اقرأ أيضًا | «في عيد الأم» الورود والهدايا بالقابضة للمطارات والملاحة الجوية.. صور

تضيف: "كنت أخرج برفقة زوجى مع أصدقائنا ومنهم من رزقهم الله بثلاثة أبناء كنت أنا بالنسبة لهم أمهم الثانية، فى وقت فراغى أحضرهم من المدرسة وأذهب بهم إلى التمرين إلى أن تأتى صديقتى من العمل، وفى يوم تعرضت صديقتى لحادث وتوفيت وكانت صدمة كبيرة لى وللأطفال، ومنذ ذلك الوقت انتقلوا لمنزلى مع زوجى وتوليت تربيتهم، بسبب ظروف عمل والدهم الذى يضطر للسفر باستمرار".

يبقى السؤال الذى يطرح نفسه: هل يؤثر الحرمان من الأمومة على نفسية النساء؟ وكيف يمكن أن يتغلبن على أوجاعهن؟ 

تقول الدكتورة مها وائل، استشارى الطب النفسي: الأطفال هم زينة الحياة الدنيا ومكملات الحياة الزوجية بالإضافة إلى أنهم السبب لاستمرار تعمير الكون، لكن غيابهم فى حياة المرأة يجب ألا يكون سببا فى تعاستها، فيمكن للمرأة التى حرمت من مشاعر الأمومة أن تعوّض ذلك بالانخراط فى الأعمال الاجتماعية والخيرية وجمعيات رعاية الأيتام، وهنا تستطيع المرأة أن تخرج مشاعرها فى الإطار الصحيح وتتبادل مع الطفل اليتيم أجمل المشاعر التى يفتقر إليها الطرفان.

فيما تلقى الدكتورة هالة حماد، أستاذة علم النفس بجامعة عين شمس، باللوم على المجتمع الذى لا يزال ينظر للمرأة من خلال صورتى الزوجة والأم فقط، ومن لا يتحقق فيها إحدى هاتين الصفتين ينظر إليها المجتمع نظرة شفقة وكأنها مصابة بمرض، لذا يجب أن تتغير نظرة المجتمع للمرأة، خاصة أن هناك حالات من المتزوجين حديثاً يرفضون الإنجاب وآخرين يؤجلونه لحين تحسُّن الأوضاع المادية حتى لا يحرموا الطفل من حقوقه الأساسية فى الحياة من مأكل ومشرب وملبس وعلاج وترفيه.

تتابع "نعم الأمومة غريزة ومن تحرم منها تصاب بالحزن والأسى، ولكن الحياة اختلفت عن الماضي، فأصبح هناك مجالات عديدة يمكن أن تشارك فيها السيدة التى حرمت من الأمومة، وتستطيع أن تخرج طاقة العطاء فيها، بداية من دور الأيتام وصولًا إلى التبني، بالإضافة إلى أن بمقدورها العمل على نفسها وتطوير ذاتها، ويمكن أن تخرج طاقتها فى عملها وتصل لأعلى المراتب.