روان سامي تكتب: المرأة عبر العصور أيقونة الإصرار والنجاح

روان سامي
روان سامي

أثبتت المرأة عبر الزمان أنها قادرة على تجاوز الصعاب والمحن وتدبير شئونها وأمورها فهي تتميز بالفطنة والذكاء، ولا يستصعب أمر عليها.


ففي شهر مارس من كل عام نحتفل بثلات مناسبات هامة، ففي بدايته يوم الثامن من الشهر نحتفل بيوم المرأة العالمي، وفي السادس عشر من نفس الشهر نحتفل بيوم المرأة المصرية، وفي يوم الحادي والعشرين نحتفل بعيد الأم، والحقيقة أن المرأة لا يكفيها الاحتفال بها طوال شهر واحد وإنما طوال العام؛ لما تتحمله من عناء وتعب من أجل الآخرين.


ففي البداية دعونا نتحدث عن المرأة بشكل عام تلك الكائن الرقيق الذي خلقه الله، وبداخله قدرة على العطاء والتضحية وبذل قصارى الجهد من أجل الآخرين، فالمرأة هي الزوجة، الأم، الابنة، الطفلة المدللة، السيدة العظيمة التي تراعي من حولها دون أن تكل أو تمل.


نماذج كثيرة من حولنا تجعلنا نقف تحية إجلال وتعظيم لهن، على ما قدموه سواء لأسرهم، ووطنهم، فمن ينسى سميرة موسى، جميلة بوحريد، هدى شعراوي، صفية زغلول، نبوية موسى، لطيفة النادي، وغيرهم، من المُكافحات والمُلهمات، ومن ينسى أُمهاتنا الذين يفنون عمرهم، وحياتهم من أجلنا، فشهر مارس يأتي كل عام لكي نقف مع أنفسنا، ونعرف من هي المرأة ودورها العظيم داخل المجتمعات.


وإذا انتقلنا للاحتفال العالمي بالمرأة سنجده يوافق الثامن من مارس من كل عام وفقاً لما حددته منظمة الأمم المتحدة؛ وذلك لتسليط الضوء على الإنجازات الكبيرة التي قامت بها النساء على مستوى كافة المجالات، والتأكيد على أهمية المساواة بين الرجل والمرأة، فهناك الكثير من الحقوق التي يجب أن تحصل عليها المرأة لتنعم بحياة مزدهرة ومستقرة، وناجحة، ولكي تعيش في بيئة صالحة، وتتمكن من تربية وبناء جيل جديد قادر على تحديات الحياة، ويستطيع أن يتعلم وينجح ويكون قدوة لغيره، فهذا اليوم بمثابة ثمرة النضال والإجتهاد الذي قامت به عشرات السيدات من كافة أنحاء العالم.


من الجدير بالذكر أن الاحتفال به بدأ منذ عام 1977م تحديداً في مدينة نيويورك، وأصبح الاحتفال به سنوياً في كافة أنحاء العالم، ويتم خلاله عرض إنجازات المرأة، والبحث عن حلول لأهم القضايا النسائية التي تشغل بالهن على مدار السنوات الأخيرة.


وفي هذا اليوم تحتفل بعض الدول بالمرأة بطريقتها الخاصة، ففي الصين يتم منح إجازة نصف اليوم للعاملات، وتُقدم باقات الزهور للسيدات في إيطاليا ورومانيا.


وننتقل بحديثنا إلى يوم المرأة المصرية، والذي يوافق السادس عشر من مارس من كل عام، وهو يُعبر عن ذكرى ثورة السيدة المصرية ضد الاستعمار بقيادة هدى شعراوي عام 1919م،  والتي قامت بالثورة في نفس اليوم، وشارك بالمُظاهرات أكثر من 300 سيدة؛ للتنديد بالاحتلال البريطاني، واُستشهد عدد من النساء، وأول سيدة سقطت خلال الثورة كانت حميدة خليل، ولذلك هي تعتبر أول شهيدة مصرية بتلك الثورة، وهي ضحت بحياتها فداءً لوطنها.


فالمرأة المصرية هي حفيدة حتشبسوت، وسنجد أن هناك الكثير من النماذج المُلهمة خلال الفترة الأخيرة، والتي تعطينا الثقة والحماس لكي نكون مكانهم في يوم من الأيام، فهناك سجلات كثيرة سطرت فيها المرأة اسمها وقصتها العظيمة التي نتحاكى بها إلى يومنا هذا.


فنجد سيدات أصبحن وزيرات نفتخر بهم  مثل غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي سابقاً، هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي بمصر،  سها جندي وزيرة الهجرة الحالية، والسفيرة نبيلة مكرم، ومايا مرسي رئيس المجلس القومي للمرأة، ونيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، والمستشارة الراحلة  تهاني محمد الجبالي أول امرأة مصرية تتولى مهنة القضاء خلال العصر الحالي.


وليس هذا وفقط وإنما إذا سيرنا في الشوارع، ونظرنا في وجوه السيدات سنجد منهن الكثير الذين يتحملون مسئولية بيوتهن، ويرعون أبنائهم، ويتعبون ويجتهدون من أجل لقمة العيش ، وأيضاً يقومن بدورهن على أكمل وجه، هؤلاء هم من يجب أن نبحث عنهم ونتحدث عنهم، ونحكي قصصهم للآخرين؛ فهم قدوة ومثال يحتذى به.


ومن هنا نجد أن السيدة المصرية تثبت دائماً أنها قادرة على فعل المستحيل منذ عصر الفراعنة وحتى عصرنا الحالي، فكم من سيدة حولنا تمتلك الحكمة والفطنة فتدير البيت وتعمل، وتراعي زوجها وأبناءها، وتتحمل من أجلهم كل شئ، فهي  الاصرار والنجاح.


ومن هنا علينا أن ننشر إنجازات المرأة في كل مكان، وأن نُدعمها ونقف بجانبها، ونُساعدها في تحقيق ذاتها، والنجاح في دراستها، والوصول إلى المناصب العليا، مع تحقيق الاستقرار الأسري أيضاً، فالمرأة تستطيع أن تُحقق المُعادلة، وتوازن أمور حياتها، ولديها القدرة على اختراق كل ما هو صعب.


فعلينا أن نفتخر بالسيدات لأنهم نصف المجتمع، ومسئولين عن النصف الأخر، فالمرأة إذا صلحت صلح المنزل والبيئة المحيطة، والمجتمع، فهي المسئولة عن بناء الأفراد وتربيتهم بالصورة السليمة، ولذلك علينا مُساندتها للقيام بدورها، وتحقيق المزيد من الإنجازات والنجاحات.


وبالطبع نتمنى أن تستمر مسيرة العطاء وتظل المرأة رمز النجاح والصمود، والوقوف أمام العقبات والتحديات، وأن يكون لدينا المزيد والمزيد من السيدات الناجحات العظيمات اللاتي نفتخر بهن على مر التاريخ، ونظل نروي قصصهن للأجيال القادمة، وهذا سيكون بالتأكيد حينما نُمكن المرأة ونعطيها حقوقها ونُدعمها؛ حتى نجد نماذج عظيمة نتعلم منها ليكون المستقبل أفضل.

روان سامي- باحثة بمعهد البحوث والدراسات العربية