محمد قناوي يكتب : «عتبات البهجة» يغرد منفردًا

محمد قناوي
محمد قناوي

بعيدًا عن ضجيج التريند وبوستات الإشادة من اللجان الإلكترونية، وعناصر الإثارة الفارغة من أي محتوي حقيقي، يغرد مسلسل "عتبات البهجة" منفردًا، ويعزف مقطوعة درامية ناعمة، تعيدنا للدراما التليفزيونية الحقيقية التي يكون فيها النص الدرامي، هو البطل الرئيسي للأحداث رغم وجود نجم كبير بحجم "يحيى الفخراني"، والذي دائما ما يكون وجوده عنصرا مهما من عناصر الجذب لأي عمل درامي يقوم ببطولته، وبجاوره أسماء لامعة في صناعة الدراما التليفزيونية بداية من المخرج مجدي أبو عميرة "ملك الدراما"وصاحب الرصيد الكبير من النجاحات الرمضانية علي مدارعقود طويلة وساهم اسمه في وضع الدراما المصرية في مكانة "الريادة"علي مستوي الوطن العربي ، ومرورا بالشاعر والسيناريست د.مدحت العدل وهو معروف عنه إنتاج أعمال درامية لها ثقل، منها "عملة نادرة، لأعلى سعر، فوق مستوى الشبهات، الحساب يجمع، الداعية، قصة حب" وغيرها، والذي كتب المعالجة الدرامية لرواية الكاتب الكبيرابراهيم عبد المجيد التي تحمل نفس اسم المسلسل ، ووصولا لشركة انتاج كبيرة"العدل جروب"والمنتج جمال العدل الذي يمتلك رصيدا مشرفا ومؤثرا في تاريخ الدراما العربية ومعهم فنانون عظام"صلاح عبد الله وعلاء مرسي وجومانا مراد وغيرهم "
نعود لــ"عتبات البهجة" والذي تدورأحداثه فى إطار اجتماعى لايت حول "بهجت الأنصارى"، وهو الشخصية التي يلعبها الفنان الكبير يحيي الفخراني، هورجل سبعينى  ووكيل وزارة الصناعة متقاعد يعيش وحفيديه حلا وعمر، بعد وفاة ابنه وايضا زوجته منذ 20 عاما، ومنذ ذلك الوقت وهو منشغل بحفيديه ومشاكلهما، والمسؤول الأول والأخير عنهما، ويواجه سلسلة من المصاعب والتحديات في سبيل توفير احتياجاتهما، بينما يحاول البحث عن السعادة التي تبدو أنها بعيدة المنال وأثناء جريان الأحداث يبدأ ظهور شخصيات مختلفة، وعرض قصصهم ومشاكلهم.
عناصرالنجاح متوفرة للمسلسل بداية من النجم يحيى الفخرانى، الذى يعود للساحة الدرامية بعد غياب عامين، بجانب التعاون مع المخرج مجدى أبوعميرة، لتعود الثنائية التى صنعت عدداً من الأعمال الناجحة "جحا المصرى" و"يتربى فى عزو"، أما المؤشر الثالث فهو الرواية المأخوذ عنها المسلسل، التى تحمل توقيع الكاتب الروائى الكبير إبراهيم عبدالمجيد 
العمل يمثل عودة لكلاسيكيات الدراما المصرية بعيداً عن السياسة أومغازلة أي أطراف دينية، وأجاد يحيي الفخراني تجسيد الشخصية المطلوبة منه تمامًا، فهو فنان مبدع، عزز مكانته كرمز للشاشة قبل فترة طويلة، فهو أحد أباطرة الدراما المصرية، إن لم يكن هو إمبراطورها فى الوقت الراهن، ورغم الأعمال السينمائية والمسرحية الخالدة التى قدمها الفخرانى، ولكن تظل الدراما هى ملعبه الأول، والذى لا يضاهيه فيه أحد، فاختار الفخرانى هذا العام، أن يغرد بعيدا، بنص فريد من نوعه، استطاع من خلاله أن يغوص فى أعماق المجتمع المصري، ويقدم دراما اجتماعية قريبة من الواقع وتلامس جوانب حياتية بنظرة فنية اتسمت بالعمق وتعكس حجم الجهد المبذول من طرف الطاقم الفني والتقني، لتقديم طفرة في الدراما وهو ما ينعكس جليا في العمل الذي يلقى إقبالا كبيرا عن المشاهد واستحسانا عند المختصين والعمل الضوء على عدد من مشكلات الشباب وارتباطهم بمواقع التواصل الاجتماعي، وتطرق المسلسل لما يواجهه الشباب، وسلّط الضوء على مخاطر الإنترنت، كما يتناول العمل أيضًا المشكلات بين الأجداد والأحفاد، فبالطبع هناك صراع بين الأجيال، إذ يرى كل جيل أنه أفضل، فيما سيدخل "بهجت" في عمق تفكير عالم الشباب، ويقترب منهم، والأغرب أنه سيتعلم منهم، وسيجد لغة تواصل معهمن وقدم السيناريست د.محدت العدل شكل نفتقده في الدراما المصرية لأنه تغوص بأحداثه مشاكل المجتمع المصري باسلوب سلس وبسيط ون ضجيج، وما يجعل المسلسل قريبا من المشاهد في كل مكان أن الفخراني يقدم شخصية "الجد" وهي شخصية محبوبة في أغلب بيوتنا المصرية يعشقه أحفاه ويسمعون كلامه وحكاياته،وعلاقته بأحفاه وتعلقهم به وحياتهم كلها تسير بشكل جيد بسببه، كما أن المسلسل يعلي من قيمة علاقة الصداقة وقوتها بينه وبين صلاح عبدالله  
المسلسل يحمل توقيع المخرج مجدى أبوعميرة، وهو أحد ملوك الدراما فى مصر بسبب نجاحاته الكبيرة على الساحة الدرامية، فهو صاحب "ذئاب الجبل والمال والبنون، وأين قلبي، والحقيقة والسراب، وقلب ميت، والضوء الشارد، وملك روحى، ومحمود المصرى، والقاصرات، كما تجمعه بيحيى الفخرانى "كيميا" فنية وتفاهم واضح انعكس على الأعمال السابقة التى جمعتهما معاً، حيث يحب الفخرانى العمل مع أبوعميرة، وهو ما يجعلنا أمام عمل ناجح يناقش قضية مهمة.