سألنا أهل الذكر فأجابونا: حفظ القرآن متاح في كل مراحل العمر

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتب: محمد نور

ينصح العلماء بتوجيه الأبناء إلى حفظ القرآن الكريم في سن صغيرة، لضمان تفوقهم الدراسي في الكبر خصوصا تحسين لغتهم العربية التي هي لغة القرآن، مؤكدين أن الكتاتيب من أهم المنشآت التعليمية والاجتماعية والتربوية للنشء التي لعبت دورًا مهمًا في حفظهم لكتاب الله وفهمه، وترسيخ أسس وقواعد العربية لديهم.

◄ سنوات الحفظ الذهبية
الدكتور عثمان عبدالرحمن، مستشار العموم الشرعية بقطاع المعاهد الأزهرية، يقول إن حفظ القرآن في الصغر أقوى وأثبت من حفظه في الكبر، لأن عقلية الصغير أكثر دقة، وأسرع تذكرًا، وأدوم زمنًا، ففي هذه الفترة تكون ذاكرته جيدة وقابلة للحفظ، ولذا تُسمى تلك الفترة عند المتخصصين بـ"سنوات الحفظ الذهبية"، وهذا ما أكده لقمان الحكيم في وصيته لولده، حين قال: "يا بني ابتغ العلم صغيرًا، فإن ابتغاء العلم يشق على الكبير"، ولذا قيل أيضًا إن "الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر، والحفظ في الكبر كالنقش على الماء".

وأشار إلى أن من يتقن القرآن وهو صغير يختلط القرآن بدمه ولحمه، لأنه تلقاه في الفترة الأولى من عمره، التي يكون فيها العقل في طور النمو متزامنًا مع نمو الجسد، كما ورد في الحديث "من تعلم القرآن وهو فتي السن خلطه الله بلحمه ودمه"، وبعد سن معينة يبدأ الخط التنازلي للحفظ في التراجع، ويبدأ الخط التصاعدي للفهم  والاستيعاب، ولذا ينبغي على كل من يريد حفظ القرآن الكريم أن يستغل السنوات العمرية التي حددها أصحاب الخبرة والتجارب في هذا المجال، مع استغلال أيام النفحات والعبادات وتنزُّل القرآن كشهر رمضان، حيث إنه ادعى للحفظ والفهم والسكينة.

◄ العزيمة والسن
ويشدد الدكتور عثمان، على أن الحفظ ليس موقوفًا على سن معينة، وأن من فاتته تلك السن فلا يعجز ولا ييأس، فإن العزيمة أفضل من السن، وكم من حافظ في الصغر أضاع ما حفظه في الكبر، والعبرة بالخواتيم. والتحلي بالصفات التي لا بُد أن يتحلى بها المسلم  طوال عمره، بأن يكون خلقه القرآن، وأن يقف عند حدوده، وأن يتدبر معانيه، وهذا مطلب شرعي عام لحافظ القرآن والمتعتع فيه، لافتًا إلى أنه مهما وصفت لمريض دواءً فإنه لا ينتفع به إذا أبقاه مغلقًا، ولو كان قريبًا من رأسه فلا بُد أن يستعمله، فالدواء قريب منا وهو كتاب وهو نفس الدواء الذي عالج ضعف هذه الأمة من قبل، ومما يُذكر عن الإمام الشافعي (رحمه الله) أنه قال: "منْ أراد الدنيا فعليه بالقرآن، ومنْ أراد الآخرة فعليه بالقرآن، ومنْ أرادهما معًا فعليه بالقرآن".

◄ اقرأ أيضًا | "الأزهر" يضع اللمسات الأخيرة لاختبارات المرحلة النهائية لمسابقة حفظ القرآن

◄ فرق السرعة
فيما يقول الدكتور سيد مندور، الداعية الإسلامي، الأستاذ بجامعة القاهرة: عندما نسمع كلام الله تعالى "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ" يتبادر إلى الذهن عظمة القرآن الكريم وكيف حفظه المولى تبارك وتعالى، فنجد أن طفلا صغيرا في السادسة من عمره يحفظ القرآن ونجد أيضًا مسنًا أميًا يحفظه فهو معجزة الله الباقية إلى يوم القيامة، لذلك عندما يتساءل البعض: أيهما يسهُل عليه حفظ القران الطفل الصغير أم الرجل الكبير؟ نقول إن الطفل أسرع في حفظ القرآن لخلو ذهنه من التفكير في أمور ومشاغل الدنيا، بالتالي يكون ذهنه صافياً فيسهل عليه الحفظ، ولكن هذا لا يمنع أن الكبير له القدرة على التركيز والحفظ أيضًا، حيث نجد أن كبار الصحابة رضوان الله عليهم حفظوا القرآن وهم في أعمار كبيرة.

◄ طرق الحفظ
ويوضح: هناك طرق لحفظ القرآن الكريم، وذلك بعد قراءة الصّفحات المُراد حفظها أمام شيخٍ مُتقن، ومنها الحفظ التسلسُليّ، وهذه الطريقة تعتمد على حفظِ كُل آية بمفردها، ثُمّ ربطها بالآية التي تليها، ولا يُنتقل من رُبعٍ إلى آخر إلا بإتقان الذي قبله، وتتميز هذه الطريقة بتحقيق مُستوياتٍ عاليةٍ في الحفظ والإتقان وهناك الحفظ الجمعيّ وهذه الطريقة تعتمد على حفظ كُل آية لوحدها دون ربطها بالآية السابقة إلى أن يتم الإنسان حفظ رُبعٍ من القُرآن، ثُمُ يُعيد الرُبع كاملاً وربطه ببعض، فإن لم يستطع ربط الرُبع ببعضه، فيُقسمه إلى ثلاث آياتٍ، ثُمّ ربطها بالآيات التي تليها إلى أن يُتقن الإنسان الحفظ، كما توجد طريقة أخرى تتمثل في الحفظ المُقسم وهذه  الطريقة  تعتمد على تقسيم كُل رُبع إلى عدة أقسام، وبعد حفظ القسم الأول ينتقل إلى القسم الذي يليه، ثُمّ يقوم بربطها ببعض، وهذه الطُريقه سهلة لحفظ القُرآن، وتعتمد على درجة إتقان الحفظ لكل قسم، والقدرة على الربط بينها. أما الطريقة المُناسبة لحفظ وجهٍ من القُرآن فتتمثل في قراءة الوجه المُراد حفظه ثلاث مراتٍ أو أكثر، مع مُحاولة الفهم؛ لسهولة الحفظ مع الفهم، مع تقسيم الوجه إلى عدة أقسام، وتقسيم الوقت المُمكن من حفظ الوجه به. وقراءة كُل قسم وتكراره إلى أن يتم حفظه، ثُمّ ربط جميع أقسام الوجه مع بعضها، وكُلما كان تكرار الوجه أكثر زاد الإتقان والضبط، ثُمّ ربط الوجه الأول بالثاني. وقراءة أربعة من الأوجه مع بعضها غيباً، ثُمّ تسميعُها عند شيخٍ مُتقن.

◄ تنمية القدرات
أما أسماء مصطفى (محفِّظة قرآن)، فترى أن حفظ كتاب الله في الصغر أسهل وأسرع والأمر يعود بالنفع على الطفل نفسه حيث ينمي قدراته ويفتح مداركه، وهذا يعد أحد أسباب تفوق الكثير من الأطفال، لافتة إلى أن حفظ القرآن في سن كبيرة فرصة للإنسان يعوض من خلالها ما فاته في الصغر.

وتطالب أسماء، المؤسسات الدينية والتربوية والآباء والأمهات بالحرص على تحفيظ الأطفال القرآن الكريم في سن مبكرة.