تطوير مساجد آل البيت بركة ورزق

مسجد السيدة زينب
مسجد السيدة زينب

■ كتب: محمد نور

بعد مرور نحو شهرين على افتتاح مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) بوسط القاهرة، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، والسلطان مفضل سيف الدين، سلطان طائفة البهرة بالهند، ينتظر الشارع المصرى تكرار المشهد مجددًا من خلال الافتتاح المرتقب لمسجد السيدة زينب (رضي الله عنها)، عقب الانتهاء من أعمال ترميمه، ضمن خطة تقوم بها الحكومة تهدف إلى تطوير مساجد وأضرحة آل البيت، فى إطار مشروع تطوير القاهرة التاريخية.

قدمت السيدة زينب حفيدة رسول الله برغبة منها إلى مصر، واستقبلها أهل مصر استقبالا رائعا. ووهبها والى مصر آنذاك قصره كله للإقامة فيه، لكنها اكتفت بغرفة واحدة فقط فى القصر، أقامت فيها وجعلتها مكانا لتعبدها وزهدها، وتحولت هذه الغرفة بعد وفاتها إلى مقامها الآن، وأوصت قبل وفاتها بأن يتحول باقى القصر إلى مسجد، فكان لها ذلك، وتحول قصر الوالى إلى مسجد السيدة زينب..

واليوم يعتبر مسجد السيدة زينب من أهم المساجد في مصر، فهو من أهم المزارات الإسلامية فى مصر إلى جانب مسجد سيدنا الحسين بن علي- رضى الله عنهما- ومسجد الأزهر الشريف..

الأعمال شملت ترميم وتجديد وتطوير المبنى الرئيسي وملحقاته وزيادة مسطح الجامع إلى 9000 م2 ليسع 1500 مصلٍ ويحتوى على مركز للوثائق الإسلامية النادرة بالإضافة إلى أعمال تقوية الأساسات والمبنى الهيكلى وأعمال الترميم الدقيق للعناصر المعمارية وأعمال حقن التربة.. والمسجد يتكون من 7 أروقة موازية للقبلة وبيتوسطها صحن مربع مغطى بقبة أمام ضريح السيدة زينب.

◄ إحصائيات
ووفقا لإحصائيات وزارة الثقافة يبلغ عدد أضرحة ومساجد أولياء الله الصالحين وآل البيت فى مصر، حوالى 6 آلاف ضريح، منها 294 ضريحًا فى القاهرة وحدها، و84 فى مدينة  دسوق ونحو 133 بمدينة تلا، و81 بمركز فوه بالبحيرة، ونحو 54 بمدينة طلخا.

وتحتل أضرحة ومقامات آل البيت مكانة كبيرة فى قلوب المصريين، فهى بالنسبة إلى الكثيرين منهم مصدر للتبرك وإطلاق الدعوات الروحانية، كما تكتسب هذه المقامات أهميه كبرى للوافدين من مختلف البلدان العربية والإسلامية، وعمليات التطوير التى تشهدها حاليًا تأتى فى إطار حرص القيادة السياسية على عودة الروح للقاهرة التاريخية، وكان هذا واضحًا من خلال توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى للحكومة، بترميم وتجديد مساجد وأضرحة آل البيت، خاصة مساجد السيدة نفيسة، والسيدة زينب، والإمام الحسين بن على، لقيمتهم الكبيرة عند المصريين والعرب والمسلمين. 

◄ اقرأ أيضًا | غلق مسجد السيدة زينب لهذا السبب

◄ عمل مهم
يقول الدكتور ضياء زهران، أستاذ الآثار الإسلامية: إن مدينة القاهرة التاريخية تضم الكثير من أضرحة ومقامات آل البيت، إضافة للمساجد الأثرية والتاريخية التى تجتذب الكثير من السائحين العرب والمسلمين من كل مكان، لافتًا إلى أن مسجد السيدة زينب (رضى الله عنها) يُعد من أشهر مساجد القاهرة التاريخية، حيث يحتل مكانة كبيرة فى نفوس المصريين،  بسبب انتسابة إلى السيدة زينب بنت الإمام على بن أبى طالب (كرَّم الله وجهه)، إضافة إلى أن المسجد الزينبى مر بعدد من المحطات عبر مئات السنين، فقد قام على باشا، والى مصر العثمانى،  بتجديده عام 951 ه/1547م، وأعاد تجديده الأمير عبدالرحمن كتخدا، سنة 1171 ه/1768م، حتى قامت وزارة الأوقاف بهدم المسجد فى عام 1940 وإعادة بنائه من جديد  بشكله الموجود الآن.

ويضيف: التطوير الذى تشهده مساجد آل البيت (رضوان الله عليهم) يهدف إلى استعادة الأحياء العتيقة لمظهرها الحضارى والتاريخى الذى عُرِفت به على مدار سنوات طويلة مضت، موضحًا أن التطوير شمل بجانب المساجد الأضرحة والساحات المجاورة، وعمومًا تطوير القاهرة التاريخية عمل مهم جدًا طال انتظاره.

◄ خطط التطوير
بينما يرى الدكتور أحمد الفشنى، من علماء التصوف، أن تطوير وتجديد أضرحة أولياء الله الصالحين أو آل بيت النبى (صلى الله عليه وسلم)، مهم  لما لهذه المقامات والأضرحة من أهمية كبيرة عند المصريين، فهى جزء أصيل من ثقافتهم الشعبية، حيث يعتبرونها أعتابًا طاهرة تمثل زيارتها وسيلة للمدد والصفاء النفسى والاستمتاع بالجو الروحانى، فهذه المساجد هى أحد أشكال التكريم والاحتفاء بآل بيت النبى الكريم فى مصر، وأغلب هذه الأضرحة توجد فى القاهرة خاصة بالمناطق الشعبية ومنطقة القاهرة التاريخية، بالتالى فإن تطوير الأضرحة والمقامات يعكس الحرص على عودة الروح للقاهرة التاريخية، وأيضًا وضع هذه المزارات على خريطة السياحة الدينية فى مصر.

اللافت للنظر أن مشروعات الترميم والتجديد لمقامات وأضرحة آل البيت وتطوير وتجديد الطرق والميادين المؤدية إليها، تحظى باهتمام كبير، حيث أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى ديسمبر 2021، مبادرة تشمل تطوير الأضرحة بشكل متكامل، حيث يضم التطوير الصالات الداخلية بالمساجد، وما تحتويه من زخارف فنية ومعمارية فريدة، بحيث يتناغم ذلك مع الطابع التاريخى والروحانى للأضرحة والمقامات التى تحتويها الأراضى المصرية.

خطة التطوير تشمل أيضًا إنشاء مسار خاص للزيارات بمساجد آل البيت بالأحياء الجنوبية للقاهرة التاريخية، الذى يبدأ من مسجد السيدة زينب وحتى مسجد السيدة عائشة، كما تضم  الخطة تنفيذ مشروع لرفع كفاءة وتطوير مسار آل البيت بطول يصل لنحو كيلومترين، الذى يشمل عدة مواقع منها مسجد السيدة زينب، ومسجد أحمد بن طولون، وضريح سلار وسنجر، ومتحف جاير أندرسون، وبيت ساكنة باشا، ومسجد السيدة سكينة، وضريح محمد الأنور، وقبة شجرة الدر، وقبة عاتكة والجعفرى، ومسجد السيدة رقية، وقبة فاطمة خاتون، وقبة الأشرف خليل، وحديقة متنزه الخليفة، وصولاً إلى مسجد السيدة نفيسة. ويضم عدة شوارع، مثل: شارع بورسعيد، المؤدى إلى السيدة زينب وعبدالمجيد اللبان، والخليفة، وشارع الأشراف.

وشملت عمليات تطوير المساجد العريقة حتى الآن كلًا من مسجد الحاكم بأمر الله، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد الظاهر بيبرس، ومسجد الإمام الحسين، ومسجد السيدة فاطمة النبوية، ومسجد السيدة رقية، إضافة إلى قبة وضريح ومسجد الإمام الشافعى، ومسجد السيدة نفيسة.

◄ صندوق خاص
وقد خصصت الحكومة صندوقًا خاصًا لتطوير القاهرة التاريخية هو صندوق التنمية الحضارية، ووفقا لرئيسه المهندس خالد صديق، فإن التطوير يضم مناطق وأحياء القاهرة الإسلامية والتاريخية، ويعمل الصندوق حاليًا على تطوير منطقة السيدة زينب، لافتًا إلى أن التطوير يشمل عمليات الترميم للصالات الداخلية بالمساجد، وما تضمه من تحف وزخارف معمارية متناسقة مع الطابع التاريخى والروحانى لمساجد آل البيت، إضافة إلى تطوير مختلف الميادين والشوارع المحيطة بالمقامات وأضرحة آل البيت، مشيرًا إلى أن أعمال التطوير تتم بالتنسيق مع الجهات المختصة سواء وزارة الأوقاف أو وزارة السياحة والآثار، بهدف عودة الروح للقاهرة التاريخية. 

وعمومًا، فإن تطوير أضرحة ومقامات آل البيت والمناطق المحيطة بها له قيمة دينية ومعمارية وتاريخية كبيرة، كما يأتى ضمن الاهتمام بالتراث الإنسانى والتاريخى لمصر، وهذه الخطوة بحسب خبراء السياحة مهمة تساعد على تنشيط حركة السياحة الدينية فى مصر وتجذب العديد من السائحين من مختلف الدول العربية والإسلامية وغيرها من الدول. 

◄ مقاصد سياحية
يقول الدكتور حسام هزاع الخبير السياحى، إن تطوير الأضرحة ومقامات آل البيت والميادين والمناطق والطرق المحيطة بها له أهمية كبيرة، وأنها مقصد سياحى كبير للعديد من الجاليات والوافدين من مختلف الدول، فلا توجد مدينة أو قرية أو بقعة على أرض مصر إلا وبها ضريح أو أكثر لآل البيت، موضحا أن تطوير الميادين والطرق المؤدية لهذه الأضرحة والمقامات يساعد على جذب الملايين من الزوار.

ويوضح الخبير السياحي أن تطوير الأضرحة والمساجد التاريخية فى مصر وافتتاحها أمام الزائرين وتنشيط السياحة فيها يأتى ضمن خطة الحكومة لتطوير القاهرة التاريخية، مشيرا إلى أن خطة التطوير تشمل توفير ساحات وجراجات لانتظار السيارات والقضاء على ظاهرة المتسولين التى انتشرت داخل الأضرحة نفسها والمساجد، وتعديل أوقات فتح الأضرحة وعدم اقتصارها على أوقات الصلاة فقط، مع توفير مرشدين يوضحون الحقائق حول أصحاب هذه الأضرحة بدلاً من الشائعات التى طالت أغلبها حتى يعرف السائح حقيقة هذه الأضرحة وأصحابها من الأولياء والصالحين.