«نور السلم».. قصة قصيرة للكاتب محمود حمدون

قصة قصيرة للكاتب محمود حمدون
قصة قصيرة للكاتب محمود حمدون

طرقت بابها برفق قبل منتصف ليل الأمس, فمثلي لا يقتحم خصوصية أحد دون إذن, فما بالك لو كانت فراشة شديدة الحذر من الضوء على عكس ما أعرفه عن بني جنسها.

حين لم أسمع ردًّا, أثنيت بدقة أخرى, وهممت بالانصراف, أنا أقول لنفسي: ما هذا الغباء, الوقت غير مناسب, وقاحة أن أزور أحدًا في وقت متأخر هكذا, ترددت ثم وضعت قدمي على أول درجة من سلم النزول, غير أن صريرًا ضعيفًا تسلل إلى أذني, التفت, فإذا بها, بهدوئها الذي يسبق كل عاصفة حلّت بالبلاد, بضحكتها الغامضة المقتضبة, نظرت إليّ بعجب, فقلت: أتيتكِ لأمر هام.

اتسعت عيناها من دهشة أكبر, كأنما تقول لي: أفي مثل هذا الوقت؟

قلت: عفوًا. جئتكِ لأمر هام.

برقتها التي عرفتها مؤخرًا عنها, قالت: وما الأمر الهام؟ كانت تقف يخفي الباب نصف جسدها, العتمة النصف الآخر.

قلت: اليوم عيد ميلادك,  فكل عام وأنتِ كما أنتِ بهيّة, متوهّجة, رائعة.

قالت: ثم؟

 لا شيء!

قالت: حسنًا, دخلت, أغلقت الباب خلفها, ثم أطفأت نور السلم.