■ كتبت: علا نافع
«أنا لا بتاع بروتين ولا بتاع كيرياتين، بس وقعت قدامى صفقة بروتين بـ250 جنيه وهبيعها لإخواتى»، ظهر التيك توكر الشاذلى ملك الصفقات الرمزية، ممسكًا بعلبة كبيرة من مسحوق البروتين معلنًا بيعها بسعر خيالى لمواجهة ارتفاع أسعار المكملات الغذائية والبروتينات بحسب قوله، لتنهال عليه التعليقات وطلبات الشراء دون سؤاله عن مصدرها أو مكوناتها؟
ولم يكتفِ الشاذلي بذلك بل حرص على أخذ رأى عملائه الذين اشتروا منتجه حول جودتها ليجيبوه بأنها لا تختلف شيئا عن المكملات المستوردة باهظة الثمن، ليتجدد الحديث عن فوضى المكملات والغش التجارى بها خاصة فى صالات الجيم بالأحياء الشعبية، إذ يتم استخدام مواد غير مصرح بها فى التصنيع مما يسبب أمراضا خطيرة قد تؤدى للوفاة المفاجئة، وكم من ضحايا كان حلمهم الحصول على فورمة رياضية وبناء عضلات ليتحول حلمهم إلى كابوس ويصابوا بأمراض مزمنة أو يتحولوا قعيدين عاجزين عن المشى.
ولعل واقعة ضبط أحد مصانع المكملات غير المرخصة بمنطقة بلبيس بالشرقية خير دليل، حيث تم ضبط كمية كبيرة من المعدات الفارغة للتعبئة فضلا عن ضبط كمية كبيرة من المكملات المغشوشة والأدوية.
ولا يتوقف سوق المكملات عند البروتينات والمنشطات الرياضية فأقراص وشراب الكولاجين باتت تجذب جمهورا كبيرا من الفتيات الباحثات عن الحصول على بشرة متوردة وشعر قوى، وأظافر لامعة صعبة الكسر، وأصبح هناك الكثير من صفحات الفيسبوك والتجار المشبوهين الذين يعرضونها لتفادى الإصابة بشيخوخة الجلد المبكرة والحصول على جسم رشيق مشدود، وذلك من خلال تناول الأقراص يوميا أو بمزج أمبول الكولاجين بالماء واستخدامه يوميا.
وبعد زيادة أعداد الضحايا وتخبط سوق المكملات انتفض مجلس النواب وتحرك عدد من نوابه لتقديم طلبات إحاطة عاجلة حول ظاهرة بيعها وانتشار أنواعها مجهولة المصدر داخل صالات الجيم، فتقدمت الدكتورة سارة النحاس عضوة صحة النواب بالطلب منوهة إلى أن غياب الجهات المعنية عن رقابة المواد الكيمائية المتداولة داخل صالات الألعاب الرياضية هو أحد الأسباب فضلا عن تناول الشباب لها دون استشارة الطبيب.
ورغم وجود عقوبات رادعة للغش التجارى فى الأدوية الذى تصل عقوبته للحبس لمدة خمس سنوات وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، فإن سوق الغش نشط فى الآونة الأخيرة بعد ارتفاع الأسعار وتعطش الشباب للحصول عليها دون الاهتمام بمصدرها أو مكوناتها وآثارها الجانبية.
◄ اقرأ أيضًا | احذر.. تناول هذا الفيتامين بدون استشارة الطبيب يعرضك للإصابة بالجلطات
◄ سوق الإنترنت
على واحدة من صفحات بيع المكملات الغذائية المنتشرة على «فيسبوك» تتوفر مكملات غذائية لكمال الأجسام بأرخص الأسعار تعرض أنواعا مختلفة من المكملات المستوردة والكيرياتينين منها «الواى بروتين» بخلاف الأنواع المختلفة من «الكارب» بحيث لا يزيد سعر العلبة على 800 جنيه مع إمكانية الشحن لجميع المحافظات.
تنهال على الصفحة تعليقات كثيرة يطلب أصحابها المنتج وبكميات كبيرة دون التحرى عن تصاريح وزارة الصحة أو جهة الإنتاج، وبالتواصل هاتفيا مع القائمين على الصفحة أكدوا أنها يتم تصنيعها بمصانع مصرية حاصلة على تصريح من وزارة الصحة، أما المستوردة فأغلبها يتم شراؤه من الخارج وبيعه بأسعار مخفضة للزبائن، فمثلا أسعار أقراص «الكولاجين بلس» يابانية الصنع تتراوح بين 500 و800 جنيه، أما الفيتامينات والكالسيوم فيرتفع سعرها بحيث يبدأ من ألف إلى 1200 جنيه.
صفحة أخرى اسمها «مكملات غذائية فى مصر»، تعرض منتجات منها «ماس جينر»، وتروج لأحد منتجاتها ببوست تقول فيه: «ماس جينر الغلابة.. سارع بشراء البرطمان 4 كجم بسعر اقتصادى، مع خصم 15% وهدية عند الطلب». والغريب أن الصفحة تكتظ بشكاوى من أعضائها حول تعرضهم للنصب بعد شرائهم أنواع بروتينات مختلفة!
يقف أحمد كامل (26 عامًا) ممسكًا بعكازه الخشبى يجر رجله اليمنى التى أصابها الشلل قبل عامين بعد أن تناول جرعة مكملات غذائية وصفها له مدرب الجيم بحارته الصغيرة بمنطقة الدرب الأحمر، فقد سيطر على «أحمد» هوس الحصول على فورمة الرياضيين المشاهير واكتساب جسم رياضى مشدود فى فترة وجيزة، ورغم تفانيه فى ممارسة التدريبات البدنية الشاقة، فإن نتائجها بطيئة المفعول ولا تظهر إلا بعد فترة طويلة، ما جعل مدربه ينصحه بضرورة تناول البروتينات التى تسرِّع ظهور عضلات البطن والظهر كأبطال كمال الأجسام، ووعده بأنه سيوفرها له بسعر معقول وجودة عالية، وبعد مدة قصيرة من تناولها بدأ يشعر بتنميل فى منطقة القدمين ووخز فى فخذه الأيمن مع آلام أسفل الظهر لكنه تغاضى عنها معتقدا أنها نتيجة ممارسته للتمارين الرياضة الشاقة يوميا، ليستيقظ فى صبيحة أحد الأيام شاعرا بعدم القدرة على المشى أو جر رجله اليمنى، ليخبره الطبيب بأنه أصيب بعجز فى قدمه اليمنى وشلل تام فيها نتيجة تلف بالجهاز العصبى وفقدان الحركة فى طرفه الأيمن.
ولم يكن وضع ناصر نبيل أحسن حالًا، فقد أصيب بفشل تام فى عمل كليته اليسرى رغم عمره الذى لم يتخط 25 عامًا، فقد بدأ شغفه يزيد فى الحصول على عضلات مفتولة وجسم رياضى يشبه المصارعين الدوليين الذين يعشق متابعة مبارياتهم، فنصحه أحد أصدقائه باتباع نظام غذائى صحى مع تناول مكملات غذائية مستوردة، لكنه وجد أن أسعارها مرتفعة، فالبرطمان الواحد يبدأ سعره من 800 لـ2000 جنيه، وبعد بحث مستمر وجد صفحة على «فيسبوك» تبيعها بسعر مناسب ولا تختلف جودتها عن جودة المستورد كما يروج القائمون على الصفحة، وبعد فترة طويلة من تناول المكملات شعر بآلام حادة أسفل الظهر وفــى جانبه الأيسر مع صعوبة فى التبول، فأجــرى فحوصات طبية واكتشف إصابته بفشل كلوى نتيجة ترسب الهـرمــــونـات بالكلــى اليسرى، لتتحول حياته من شاب رياضي إلى مريض!
ومع تقدم مها فى العمر وترهل جسدها وبداية تعرض بشرتها للتجاعيد، استولى عليها خوف من أن تفقد جمالها، فبدأت تبحث عن وصفات تجميلية طبيعية لفقدان الوزن والحصول على بشرة مشرقة خالية من التجاعيد، لكنها وجدت أن مفعولها محدود، لتنصحها إحدى صديقاتها بتناول أقراص الكولاجين التى تعيد للجسم حيويته وتعطى للبشرة لمعانا فى وقت قصير، مؤكدة أن جميلات الشاشة ومشاهير الممثلات يحرصن على تناولها يوميًا مع ممارسة الرياضة بانتظام، وبالفعل اشترتها مها بـ500 جنيه للعلبة الواحدة، من إحدى صفحات «فيسبوك»، وبعد أسبوع من الاستخدام بدأت تعانى مغصًا حادًا أسفل البطن مع شعور بالغثيان والضعف العام فذهبت لطبيب أكد لها إصابتها باشتباه فى أورام ليفية بالرحم وخلل فى الهرمونات.
◄ الأصلي والمغشوش
من جانبه، يقول رضا سعيد، مدرب رياضي: زاد هوس الشباب بالحصول على الفورمة الرياضية والقوام الممشوق، ما جعل الكثير من صالات الجيم ومدربى اللياقة يروجــــــون للبروتينات ومستحضرات تنشيف العضلات واللوكارب وهذا دفع الرياضيين لشرائها دون تحرى مصدرها، وبالطبع تعرض أغلبهم لعمليات نصب وأمراض خطيرة، وأنصح عند الشراء بضرورة اختيار منتج موثوق، والتحقق من ختم العبوة، إذ يصعب على مروجى المكملات المغشوشة طباعة الشرائط الذهبية والفضية اللامعة الموجودة على العلبة، بخلاف احتواء الشريط على اسم الشركة المنتجة بوضوح.
وعمومًا الأنواع المغشوشة لها آثار سلبية على صحة القلب والأوعية الدموية، حيث يقول الدكتور جمال شعبان، عميد معهد القلب السابق: تحتوى المكملات الغذائية مجهولة المصدر على هرمونات وبروتينات تضر بصحة القلب، حيث تؤثر فى الشرايين والأوعية الدموية، ما يهدد بخطر الوفاة المفاجئة أو الجلطات، كما تزيد من نسبة ارتفاع ضغط الدم المفاجئ أو الإصابة بمرض السكرى، والكثير من الشباب المفرطين فى تناولها يزيد لديهم خطر الإصابة بأزمات قلبية فى سن صغيرة.
◄ نظام صحي
فيما ينصح الدكتور أحمد رجب، استشارى التغذية العلاجية، بضرورة إجراء التحاليل اللازمة قبل تناول المكملات، ومنها تحاليل الأنيميا ودهون القلب والكليتين، فضلا عن سرعة ترسيب الدم، لتفادى خطر الإصابة بأى مضاعفات نتيجة الإفراط فى تناول هذه الفيتامينات.
◄ عقوبة قانونية
وفيما يتعلق بالعقوبة القانونية لغش المكملات، يقول أحمد هلال المحامى: تداول وبيع مكملات غذائية مغشوشة سواء عبر الإنترنت أو بمحلات بير السلم، أمر مخالف للقانون رقم 48 لعام 1941 الذى ينص على معاقبة المجرم بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز خمس سنوات، وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تتجاوز 30 ألفًا أو ما يعادل قيمة السلعة.
