أرمنيوس المنياوي يكتب عن: العلامات المقلدة في مؤتمر دبي 

أرمنيوس المنياوي
أرمنيوس المنياوي

يعد المؤتمر الإقليمي الثالث عشر لمكافحة الجرائم الماسة بالملكية الفكرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "الكشف عن القدرات المستقبلية" هو المؤتمر الأهم في السنوات الأخيرة ولاسيما في الجانب الأقتصادي سواء  على الصعيد العالمي أو على الجانب الإقليمي وهو ما جعله  مادة خصبة لكافة وسائل الإعلام العربية والأجنبية على حد سواء والتي تناولته بشكل مكثف مع إشادة كبيرة من خبراء ومختصين في شئون الملكية الفكرية ولاسيما قطاع الأنتربول الدولي والذي شارك بشكل قوي في المؤتمر من خلال ممثليه في العديد من الدول مثلما قال لي الرائد محمد الضحي من شرطة الأردن وهو رئيسا لقسم التحريات إلى جانب شرطة دبي ووزارة الأقتصاد والجمارك ومجلس العلامات التجارية.وبالطبع كانت جمعية جمعية الإمارات للملكية الفكرية  والتي يترأسها اللواء الدكتور عبد القدوس عبد الرازق العبيدلي مساعد القائد العام لشرطة الريادة والتميز هي صاحبة المبادرة.

والحقيقة فأنه مثلما روي لي العقيد زيد الصابوني مدير إعلام مكتب الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي والذي تولي رعاية المؤتمر، فإن اللواء عبد القدوس كان مبدعا في الفكرة والتخطيط والتميز والإبتكار ولاسيما وأن الجمعية تعقد مؤتمرها الثالث عشر وهو ما يعني العناية الكاملة لقضية باتت تؤرق العالم أجمع وتتطلب إبداع في الفكر والتميز لمواجهة أو مكافحة هذه الجريمة وهو ما عملت عليه جمعية الإمارات التي يترأسها فخريا معالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي خلال السنوات العشر الأخيرة.

المؤتمر خرج بعدة توصيات يمكن إحتسابها بأنها توصيات خارج الصندوق لمكافحة تلك الجريمة، ولاسيما في تعزيز جهود التعاون والشراكة بين الدول في مكافحة الجرائم المُنظمة بشأن الملكية الفكرية، وأيضا دعم وترسيخ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتطبيق سبل توعية متميز بخطورة تلك القضية وترسيخ مفهوم حقوق الملكية الفكرية.

ولأن الأمر جد خطير فأن بعض التوصيات دعت إلى ضرورة أن تشمل المناهج الدراسية بهدف إحداث التوعية بين أبنائنا  في كافة المراحل التعليمية المختلفة ولعل ما أوضحته كريستين بيدرسن رئيسة الكلية الدولية للمحققين و السيدة هدى بركات عضو مجلس إدارة جمعية الإمارات للملكية الفكرية، في تناولهن 
 لتجربة التعليم بالواقع الافتراضي، وإستشراف المستقبل في مجالي الإبداع والإبتكار وإستخدام الذكاء الإصطناعي في كيفية التمييز بين القطع المقلدة والقطع الأصلية وهو ما يمثل خطوة ممتازة على المدى البعيد في كيفية التعامل مع تلك الجريمة ولاسيما وإن منظومة الذكاء الاصطناعي أيضا سيكون لها مردود عكسي على تطور الجريمة لدي قراصنة حقوق الملكية الفكرية.

وقد وصفت الدكتورة جيهان فرحات إحدي الخبراء المشاركات في المؤتمر على مدى عدة سنوات مضت  المؤتمر بأنه قد تطور بشكل كبير عن ذي قبل للدرجة التي  تجاوزت فعالياته الوطني العربي لتشمل العالم أجمع.

وجمع المؤتمر خبراء الملكية الفكرية في العالم وبعض الشركات الكبري التي طالتها جرائم الملكية الفكرية وعلى رأسها نيسان.

ويقيني أنه مع تطور الجريمة ومفرداتها فإن الأمر يبعث على ضرورة  تطور الأدوات التي يمكن إستخدامها في محاربة ومكافحة قرصنة الملكية الفكرية، والحقيقة الظاهرة لكل المشاركين أن جمعية الإمارات كان لها الدور الرائد في فرض تلك القضية على المجتمع العربي والمجتمع الدولي  وكان لدورها الريادي والمتميز في إقناع كافة المعنيين بتلك القضية لكي يجلسوا معا في مؤتمرات عديدة مضت، ولعل مؤتمر أول أمس يعتبر هو المؤتمر  الأبرز مثلما ذكرت في السطور الأولي للمقال في السنوات الأخيرة في مكافحة قضية هي الأهم في العصر الحديث وقد تعايشنا خلال المؤتمر مع  ورش عمل لم تكن مجرد حكايات أو وروايات بل  تجارب ووقائع مؤلمة موجودة على أرض الواقع وقد تجسد ذلك فيما تم عرضه من قبل العاملين في الجمارك وبعض الشركات الكبرى والذين تأثروا سلبيا  بالفعل من وقوع تلك الجرائم التي وصفها عريس المؤتمر اللواء الدكتور عبد القدوس العبيدلي في كلمته بأنها تعد الأخطر في العالم في الوقت الحالي تأثيرا على الإقتصاد العالمي بعدما وصل رقم تجارتها المؤثمة 43 مليار دولار سنويا للدرجة التي تجاوزت فيه تجارة المخدرات التي وصل رقمها إلي 28 مليار دولار سنويا.

ولعل الأنتربول الدولي وما قدمه من معلومات عن تلك الجريمة أنه لأمر يدعو للأسي ويستشعر الخطر الحادق الذي من الممكن أن يطول الجميع مالم يؤخذ في الاعتبار ضرورة تكاتف كافة دول العالم وكبريات المؤسسات التجارية والصناعية والجهات التوعوية المتمثلة في  الجمعيات والمؤسسات في  مواجهة هذا الخطر القادم بقوة وهو الذي  يمكن تسميته بالإقتصاد السري أيضا بالأضافة إلى تأثيره السلبي على الصناعة والتجارة وأصحاب الشركات مما يعني أيضا ضرورة وضع تشريعات تتلائم مع حجم الضرر وتتناسب مع المعطيات العالمية الجديدة وهو ما يمكن القول معه نحن نحتاج تشريعات شبه سنوية متجددة لما يتم في العالم من تطور بشكل مذهل حتى في أدوات الجريمة التي تتم في حقوق الملكية الفكرية.

ولعل أهم ما تميز به المؤتمر الثالث عشر هو تنوع جلساته، وتخصصات المتحدثين مما أثرى معه جلسات الحوار فقد تهادت جلسات اليوم الثاني للمؤتمر فمنها ما جاء تحت عنوان  "الملكية الفكرية والمستقبل" وهي جلسة ترأستها عائشة سالم الهوي، المُلحق المعني بالملكية الفكرية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا،بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بأبوظبي، وكان بصحبتها الدكتور عبد الرحمن المعيني، الوكيل المساعد لقطاع الملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد بالإمارات، ومعهما إتيان سانز دي أسيدو، الرئيس التنفيذي للرابطة الدولية للعلامات التجارية وقد أبدعوا فيما تحدثوا فيه ثم جاءت جلسات الواقع المعاش لتلك الجريمة في جلسة بعنوان "قصص نجاح من الشراكة بين القطاعين العام والخاص" وقد ترأستها الدكتورة جنان كبارة، المستشارة الإقليمية لشؤون الملكية الفكرية في الشرق الأوسط بالسفارة الفرنسية في دولة الإمارات، وكان معها السيدة ليونور سانهويزا، مديرة مشروع في  منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، وفرحات جكماك، ضابط الاستخبارات الجنائية، والدكتورة أمثال العيفان، مرشح دولي من الويبو وعضو هيئة تدريس في الجامعة الدولية في الكويت.

ثم كانت جلسة "توسيع حدود إنفاذ القانون"والتي  ترأسها الدكتور محمد الحميري، رئيس مكتب نقل التكنولوجيا في جامعة الشارقة، وإستضاف فيها محمد القحطاني، مدير إدارة الجودة والتميز في البريد السعودي، ومحمد الشطي، رئيس وحدة التحقيقات الخاصة لحماية الملكية الفكرية في مديرية الأمن العام في الأردن، وكيسوكي سيكي، الملحق الياباني لحقوق الملكية الفكرية في مكتب براءات الاختراع الياباني لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومدير إدارة الملكية الفكرية، في منطقة التجارية الخارجية اليابانية.

ثم كان مسك الختام المؤتمر بحلقة نقاشية، ترأسها الدكتور عمرو عدلي، رئيس الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، وإستضاف فيها، سوريا بادمانابهان، مديرة برامج التحالف غير الوطني لمكافحة التجارة غير المشروعة، ومحمد حسن، مسؤول معني بالمعلومات الإستخباراتية الجنائية، وصفية هاشم الصافي، مدير إدارة مواجهة غسل الأموال في وزارة الاقتصاد، وإيفان ويليامز، المدير الأول لإنفاذ حقوق الملكية الفكرية العالمية في مجموعة علي بابا الدولية للتجارة الرقمية.

يمكن القول أن التشريعات والثقافة وخلق حالة من الوعي بين المواطنين هي أبرز عناوين المؤتمر كما وصفها اللواء الدكتور عبد القدوس العبيدلي وأيضا الذكاء الإصطناعي كما وصفته السيدة ريم عيسي الريموني رئيسة الإتحاد العربي لحقوق الملكية الفكرية، ولعل مبادرة الإتحاد العربي لحماية حقوق الملكية الفكرية والتي طرحها المستشار أسامه البيطار الأمين العام المتمثلة في فتح باب العضوية مجانية في هذا اليوم هي مبادرة تبين مدى العناية التي ستنالها الجريمة في لاحق الأيام و كيف أن هناك إصرار من الغالبية على اليتعاون في مواجهة جريمة  أتصور أنها كانت موجودة لكنها لم تكن  تأخذ الإهتمام العالمي التي تشهده الساحة اليوم هذه الأفكار كانت محصلة المؤتمر الذي وصفته بعض وسائل الإعلام بأنه المؤتمر الأهم ولاسيما في ميزان الإقتصاد العالمي وسوف تكون تلك العناوين التي خرج بها المؤتمر  دورا كبير في عملية حقوق الملكية الفكرية وأيضا في تطوير حقوق هذا النهج بما يتواكب مع الذكاء الإصطناعي.

أيضا ناقش المؤتمر موضوعات في غاية الأهمية ولاسيما التحليلات المتعلقة بالميتافيرس والذكاء الاصطناعي، وكيفية التعامل والحماية من تحليل البيانات، بالإضافة إلى استعراض أفضل الممارسات في التكيف والتوسع والاستدامة.

كان المؤتمر فرصة مميزة لتبادل الخبرات بين الحضور في الفكر والرؤى وأيضا في كيفية إستشراف الفرص وإلقاء الضوء على حماية المصنفات الرقمية في ظل عصر العولمة اللامتناهي الذي نعيش فيه.

وعندما رصدت بما دار في  فعاليات المؤتمر وجدت أن هناك متحدثان رئيسيان، و6 حلقات نقاشية، و7 ورش عمل لكل من قطاع الملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد وجمارك دبي والجامعة الأمريكية في الإمارات وورش عمل من الكلية الدولية للمحققين في الجرائم الماسة بالملكية الفكرية ومجلس أصحاب العلامات التجارية والرابطة الدولية لحماية الملكية الفكرية وشركة نيسان للسيارات.

وشارك في الحلقات 35 متحدثًا من مختلف دول العالم وهيئات حماية الملكية الفكرية، يمثلون 14 دولة من جهات متخصصة في مجال إنفاذ قوانين الملكية الفكرية في العالم، بما في ذلك منظمة الإنتربول وجمعية الإمارات للملكية الفكرية وممثلين من الهيئات المعنية بالملكية الفكرية في فرنسا واليابان والكويت، بالإضافة إلى ممثلين من القيادات العامة لوزارة الاقتصاد والشرطة والجمارك والجمعية البحرينية والرابطة الدولية للعلامات التجارية، و600 مشارك منها 75 جهة حكومية من حوالي 40 دولة.

حقيقي وضع المؤتمر يده على داء يصيب الإقتصاد العالمي بوجه عام والأقتصاد العربي بوجه خاص بضراوة شديدة، بل وأنه يزيد من وضعية الإقتصاديات السرية التي تمثل خسارة فادحة في وقت أحوج فيه العالم لكل ما يسند إقتصاديات الدول ويمنح الفرصة للعلامات التجارية أن تعمل وتبدع في مجال إنتاجها لتخفيف المعاناة عن كاهل ومعاناة البشرية.