نهار

ضيافة الحسين!!

عبلة الروينى
عبلة الروينى

سنوات كثيرة مرت على زيارتى للعراق.. سنوات كثيرة... ولايزال حضور الماء يزين الذاكرة...

كنت فى كربلاء... لا يفارقنى أبدا مشهد الصبية الصغار، حاملين صفائح المياه للزائرين (تفضل.. ضيافة الحسين).. لم أشرب.. لاحقنى صبى آخر بصفيحة ماء.. ولم أشرب.. لاحقنى آخر.. وآخر... وكيف لى أن أشرب.. والحسين مات دون جرعة ماء!!.... يومها شربت فى المسجد المقابل لمرقد الحسين... لدى (السقاء)، (ساقى العطاشى) العباس بن على.. أقتحم حصار الأمويين وحصل على الماء.. لكنه فى المحاولة الثانية قتل، هشمت رأسه، وتم إفراغ الماء من القربة!!.

لم يكن الماء مجرد كأس شراب.. كان ضيافة وتاريخا ورمزا وحكاية.. فى العراق، للماء حضور آخر وحكايات أخرى...

فى طريق المطار إلى بغداد، سألت السائق، مشيرة إلى النهر يقطع المدينة.. هل هذا دجلة؟

رد السائق بزهو..

(يا دجلة الخير يا أم البساتين

حييت سفحك ظمأناً ألوذ به

لوذ الحمائم بين الماء والطين)

دهشت من ثقافة السائق، وهو يواصل قصيدة محمد مهدى الجواهرى الشهيرة...

للماء خصوصية فى بغداد لا تخطئها العين... شلال مياه يتساقط فوق جدارية وسط بغداد، والنوافير فى كل الميادين والساحات.. نافورة المشتل، نافورة النسر، نافورة الشهداء، نافورة علوة، النافورة الدوارة، ونصب كهرمانة.. تقف مرجانة (جارية على بابا) بين ٤٠ جرة (الأربعين حرامى) لتحكى حكاية من ألف ليلة وليلة..

الماء فى كل مكان فى العراق... كما لو كان إعتذارا..