إيطاليا تدخل بكل قوتها فى أكبر معركة مع عصابات المافيا

القبض على عراب خطير للمافيا الإيطالية
القبض على عراب خطير للمافيا الإيطالية

مي‭ ‬السيد

 شنت السلطات الإيطالية حملة جديدة ضد عصابات المافيا المنتشرة فى البلاد، حيث أصدرت مذكرات اعتقال ضد العديد من المطلوبين فى المنظمات الإجرامية، بتهم المشاركة فى جماعة المافيا وإنتاج وتجارة المخدرات وغسل الأموال والابتزاز والاحتيال، وكشفت التحقيقات عن اهتمام قوى لعائلة المافيا بالحصول عن طريق الاحتيال على أموال ضخمة قدمها الاتحاد الأوروبى”

وتنشط فى إيطاليا العديد من المنظمات الإجرامية الملقبة بالمافيا، على رأسها مافيا ندرانجيتا فى كالابريا، وكامورا فى نابولى، بجانب مافيا سوسيتا فوجيا، التى اعتقل زعيمها مؤخرا، وأيضا مافيا كوزا نوسترا فى صقلية، والتى تعتبر حاليًا واحدة من أكثر المافيا عنفًا فى شبه الجزيرة.

تهريب المخدرات

ومن خلال حملتها المكثفة على المافيا، اتخذت السلطات الإيطالية إجراءات حاسمة ضد شبكة كبيرة لتهريب المخدرات تعمل فى إيطاليا وألبانيا، وبدعم من يوروجست ويوروبول فى عملية واسعة النطاق، حيث تم القبض على 59 مشتبها يومى 5 و6 فبراير، بما في ذلك في ألبانيا وإيطاليا وألمانيا والمملكة المتحدة، وخضع 10 مشتبه بهم لإجراءات احترازية أخرى فى إيطاليا. 

وتقوم الشبكة بشكل رئيسى بتهريب الهيروين والكوكايين والحشيش والماريجوانا إلى ألمانيا وإسبانيا باستخدام سيارات ذات قاع مزدوج أو مقصورات سرية، حيث كانت تنتج المنظمة المخدرات من ألبانيا وإيطاليا، وتنقلها بالسيارة إلى إسبانيا وألمانيا، بينما كان المشتبه بهم الآخرون متمركزين فى هولندا والمملكة المتحدة. 

ولم تكن تلك المرة الأولى التى وصلت فيها الحملة للجماعة المنظمة، حيث قامت اليوروبول بحملة العام الماضى وألقت القبض على 21 مشتبها بهم، وأدت هذه العملية أيضا إلى مصادرة مخدرات تقدر قيمتها بنحو 2.7 مليون يورو. 

عراب خطير

كما تمكنت السلطات الإيطالية خلال الأيام الماضية من القبض على عراب خطير للمافيا الإيطالية فى منطقة كورسيكا بالتعاون مع السلطات الفرنسية، يسمى ماركو رادوانو، 40 عاما، وهو زعيم “سوسيتا فوجيانا”، وهي جماعة مافيا تنشط فى مقاطعة فوجيا الإيطالية، والذى يعتبر أخطر المطلوبين على موقع الاتحاد الأوروبى.

وألقت السلطات أيضا القبض على مساعده الأيمن، فى وقت واحد فى أوتورا، بالقرب من غرناطة، في جنوب إسبانيا، وهى العملية التى وصفتها السلطات بضربة جديدة للجريمة، وأشاد وزير الداخلية الإسباني بأن هذه الإعتقالات أصبحت ممكنة بفضل جهود ضباط الشرطة الإيطالية “والتعاون مع سلطات إنفاذ القانون الفرنسية والإسبانية” 

وقالت الشرطة: إن العمليات نفذها أفراد من مجموعة خاصة من الشرطة الإيطالية بدعم من قوات الدرك الفرنسية ووحدات العمليات التابعة للحرس المدني الإسباني، حيث كان المتهم يقضى حكمًا بالسجن لمدة 24 عاما بتهمة الإنتماء إلى منظمة مافيا وتهريب المخدرات والحيازة غير المشروعة للأسلحة وجرائم أخرى. 

وتمكن المتهم الإيطالى من الهروب فى نهاية فبراير 2023، من قسم شديد المراقبة فى سجن نورو، فى سردينيا، حيث هرب بطريقة لا تصدق وتم تصويره بواسطة كاميرات المراقبة، وهو يهرب  باستخدام عدة أوراق مربوطة معا، ونزل من جدار السجن، وقام بدوره فى إدارة المنظمة الإجرامية، وكان مساعده الأيمن، الملقب بترويانو، هاربا منذ عام 2021، بينما كان يقضى عقوبة، تحت الإقامة الجبرية، لمدة تسع سنوات وشهرين.

أقوى مافيا

تعتبر مافيا “ندرانجيتا “، الأقوى فى شبه الجزيرة، والتى يقع مقرها فى كالابريا، وهى منطقة فقيرة للغاية تقع فى طرف إيطاليا، وهى أغنى وأقوى عصابات المافيا الإيطالية، ووفقا لصحيفة لوفيجارو، فهى تتواجد فى حوالى أربعين دولة، وتمارس قبضتها الخانقة على وطنها، وتتسلل إلى الإدارة وتفسدها بينما تفرض قانونها الحديدى على السكان.

ويتعرض المعارضون للمافيا للعديد من التهديدات والمضايقات، بل ويتم القضاء عليهم فى بعض الاحيان، حيث يكتشفون قطط ميتة أو رؤوس ماعز أو حتى دلافين على عتبة منازلهم، ناهيك عن إحراق سيارتهم أو تخريب ممتلكاتهم ومحلاتهم، كما يتعرض بعضهم للضرب أو إطلاق النار، بينما من الممكن أن يختفى البعض الآخر.

وكانت أشهر قضية ضد المافيا الإيطالية، فى نوفمبر الماضى، والتى تعتبر أكبر ضربة ضد “ندرانجيتا “، حيث حكم على أكثر من 200 شخص، بأحكام تصل إلى 30 عاما فى السجن، بعد محاكمة طويلة استمرت 3 سنوات، ومن بين 338 متهمًا أدين 207 وحكم عليهم، بينما تمت تبرئة 131.

التسلل فى الاقتصاد

ومنذ انطلاق التحقيقات فى يناير 2021، استمع ثلاثة قضاة لآلاف الساعات من الشهود، بما فى ذلك حوالى خمسين من أعضاء المافيا التائبين الذين أصبحوا متعاونين مع العدالة، بشأن أنشطة عائلة مانكوسو وشركائها، وهى عشيرة مهمة من “ندرانجيتا” تسيطر على مقاطعة فيبو فالينتيا.

تم تنظيم المحاكمة فى مخبأ تحت مراقبة مشددة فى بلدة لاميزيا تيرمى، وهى الأكثر أهمية ضد المافيا منذ أكثر من 30 عاما، حيث وجهت العديد من التهم للمقبوض عليهم منها إنشاء المافيا، وتهريب المخدرات، والابتزاز، والربا، وغسل الأموال، وخلال المحاكمة، قدم المتهمون تفاصيل عن العمليات العنيفة التى قامت بها منظمة ندرانجيتا.

كما كشفوا عن كيفية سيطرتهم على السكان المحليين، والابتزاز، وتزوير المناقصات والانتخابات، وحيازة الأسلحة، وما إلى ذلك، كما كشفوا أسرارًا عن مخابئ الأسلحة فى المقابر وسيارات الإسعاف المستخدمة لنقل المخدرات، وكشفوا كيف تم تحويل المياه البلدية لسقى مزارع الماريجوانا.

وأوضحت المحاكمة كيفية تسلل المافيا الإيطالية فى الاقتصاد وسلم الدولة الهرمى، وهو ما ظهر من خلال وجوه المتهمين فى المحاكمة، حيث منهم مديرو شركات ورؤساء بلديات وموظفى خدمات مدنية، وضباط رفيعو المستوى، نمت منظمة ندرانجيتا بهدوء لعقود من الزمن، بعد أن تم الاستهانة بها لفترة طويلة من قبل الحكومات المتعاقبة.

وكما تقول الصحيفة الفرنسية، يعود ذلك بسبب تركيز السلطات جهودها على مافيا أخرى تسمى كوزا نوسترا، وهى منظمة إجرامية ظهرت فى منتصف القرن التاسع عشر فى جزيرة صقلية بإيطاليا، وهى تحالف حر بين عصابات إجرامية تجمعها بنية تنظيمية مشتركة وقواعد سلوكية موحدة.

وبمساعدة الإنتربول، تمكنت إيطاليا فى السنوات الأخيرة من تشديد قبضتها على الشبكة الإجرامية، مما دفع الشرطة فى جميع أنحاء العالم إلى تحديد ومعالجة أنشطة “ندرانجيتا” على أراضيها. 

اقرأ  أيضا : 21 دولة تطارد أخطر منظمة إجرامية حول العالم للإحتيال الإلكترونى

;