«ساعة العودة».. قصة قصيرة للكاتب سيف المرواني

سيف المرواني
سيف المرواني

لحظات يعيشها، ينعدم فيها أحيانا الفرح، تختلط كل المسارات ويبدأ الشعور بالغربة ينطلق فى واحاتي ويتجول، يرسم لوحة غير متألفة ألوانها متنافرة، فيها لمحات من الإعياء والشرود، يصبح الصمت هو المسيطر على الشفاة والمعانق للحظات الألم.

يرتبط بذاكرة يوم رحل بدون عودة، فيه السعادة منتشرة فى الأفق، والفرح يغطى كل المعاني، يشرق ببساتين الأنس والارتياح، كانت الكلمات صادقة تخرج من الأعماق بدون زيف تحس بروعتها فيها أجمل إحساس انتشى عانق الأمل وسطر جمل السرور وأشرق بكل الزمن، يمسى الحنين والشوق أحلى ألوانه المرسومة على جدران الواقع.

يتذكر كل ما أفرزته الساعات القليلة التي عاش فيها بهناء، كانت المشاعر متوحدة تخرج في زمن واحد، فيها لغة عبير تنطق بالحب الممتلئ داخل القلوب ،لتظهر البسمة تعتلى الشفاه، والسرور يخرج صداه من ملامح الوجه0 يحلم بذلك اليوم الذي يتحقق فيه ما يريده وتشرد الآهة من واقعة ويحطم كل جبال الصمت المسيطرة عليه ويلقي بما يحمله من أعباء علي كاهله في عباب البحر، ليبقي هو وحده الصوت والصدى الخارج من أعماق الأرض المحمل بعبق الزهر ورائحة العطر، لينسج خيوط الراحة علي كل ما حوله.

يبني أملاً جديداً يزرع من خلاله البهجة لكي تغطي كل المساحات الباقية التي لم تزرع بعد لتكتمل بالانشراح والانطلاقة في دنيا السعادة التي تحيط كل الأجواء يصبح الزمن ثوان قليلة نتمنى عدم انقضائها يركض الفرح من خلال طرقها ولينتشر الصفاء في كل المسافات، ينام بعد أن أعياه التعب أوراق في حياته متناثرة علي طاولة مكدسة، بصيص من أمل لازال يشرق في حياته.

يهب هواء لطيف يلفح وجهه جعله يستسلم سريعاً للنوم، فالنافذة مفتوحة والقمر يطل بجزء من نوره باستحياء علي غرفته، بعد ثوان هب هواء شديد طارت من خلاله أغلب الأوراق الموجودة وتطايرت وتناثرت في الطريق والبعض منها طار وحلق بعيداً، لم يشعر بكل ذلك وما جرى حوله، وعندما أفاق من نومه وجدان الأوراق قد طارت واختفت ولم يتبق إلا ورقتين, زقزقة العصافير في الصباح الباكر أشجته وأثارت وجدانه، أطل من النافذة فرأي لأول مرة إشراقة الشمس إنها تختلف عن كل ما شاهده سابقاً فرأها تلبس ثوب البهاء وتزدان بالوهج تدعوه للانطلاق والإشراقة وعدم الخمول ومراجعة اللحظات التعيسة.

كانت تلك الساعة السادسة والنصف من فجر الإثنين الذي ولد فيه من جديد، عاد إلى الورقتين فوجدهما أحلى وأجمل ورقتين في حياته، وهما اللتان دعتاه للإبحار من جديد، وهما اللتان بفضل الله جلبتا له السرور، أشرقت ابتسامة لم تكن معهودة بعد أن اختفت لزمن طويل.

أحس بشعور يغمره بالفرح ويلغي كل الماضي المظلم وراءه ظهره فاختفي الصمت من واقعة وحطت السعادة رحالها عليه، عندها أطلق القيود التي كان مكبلاً نفسه بها وبدأ يسابق الريح ويعطي بدون حدود لينطلق لحظة اللقاء الأولي باستمرارها في كل الواحات مشرقة بيضاء.