فى الصميم

إيقاف حرب الإبادة.. ومسئولية أمريكا!

جلال عارف
جلال عارف


أخيراً.. وبعد أربعة شهور من المذابح الجماعية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، يقف الرئيس الأمريكى بايدن ليعترف بأن رد الفعل الإسرائيلى على أحداث ٧ أكتوبر كان «مبالغا فيه»، وأنه يبذل جهداً من أجل هدنة مستدامة فى غزة.

تأخر الاعتراف كثيرا، والنتيجة أن اقترب عدد الشهداء الفلسطينيين من ثلاثين ألفا وتم تدمير معظم غزة. لكن الاعتراف يأتى فى وقت لم يعد هناك أمام الولايات المتحدة إلا الاختيار بين إيقاف الهوس الصهيونى أو تحمل مسئولية الانفجار فى المنطقة كلها وضياع ما تبقى من مصالح أمريكية بسبب الانحياز الكامل الإسرائيلي. كان الأمر يبدو وكأن واشنطون تطبق «سيناريو جاهزا»، لوضع كل أمكانياتها وراء إسرائيل، البوارج وحاملات الطائرات ومخازن السلاح، والقرار السياسي، والدعم المالى الذى تم بعد أيام من بداية الحرب وبلغ ١٤ مليار دولار «وهى بالطبع ليست مخصصة لرد سريع أو لقتال لا يتعدى أياما»!

كان الموقف الأمريكى المنحاز لإسرائيل مبالغا فيه أيضا حتى لو أخذنا من الاعتبار ما قاله بايدن عن اعتزازه بصهيونيته السياسية. وكان السيناريو الأمريكى الذى تم تطبيقه عاملا فى زيادة شعور نتنياهو وقادة إسرائيل بأن كل جرائمهم ستمر بلا عقاب، وأنهم أمام فرصة للتخلص من شعب فلسطين بأكمله بالقتل والتجهير.

لينتهى الأمر والولايات المتحدة تشتبك بالقتال الفعلى فى خمس دول عربية حتى الآن، والجنون الإسرائيلى يخطط لاقتحام «رفح»، ليتسبب فى كارثة إنسانية «كما وصفها البيت الأبيض»، وليهدد حدود مصر التى أعلنت أن اختراق الخطوط الحمراء يعنى الخروج على المعاهدة المصرية- الإسرائيلية.. بكل ما يترتب على ذلك من عواقب خطيرة.

لم يعد ممكنا أن تستمر واشنطون فى التورط مع جرائم الحرب الإسرائيلية، ولا كان مقنعا الحديث عن «نصائح!!» تعطيها لنتنياهو فيلقيها وراء ظهره وهو مطمئن إلى أن إمدادات السلاح مستمرة و«الفيتو»، جاهز لضمان استمرار المذبحة والنجاة من العقاب!! ومع ذلك ما زال الحديث الأمريكى يحذر فقط من عملية عسكرية «كبري»، فى رفح «وكأن العمليات الصغرى، لن يسقط فيها ضحايا»، ويؤكد أن أمريكا «لن تدعم»، ذلك.. وهذا جيد ولكن المطلوب أن تتحمل واشطنون مسئوليتها وأن تقر بأن الايقاف الفورى والنهائى لحرب الإبادة الإسرائيلية هو وحده الذى يعيد الاستقرار للمنطقة ويمنع الكارثة التى يقود إليها الهوس الإسرائيلى الذى يقوده نتنياهو وزعماء عصابات الإرهاب الذى يحكم إسرائيل ويريد أن يفجر العالم كله من أجل أن يبقى فى الحكم!

البيان الصادر أمس عن اجتماع وزراء الخارجية العرب فى الرياض بحضور ممثل منظمة التحرير الفلسطينية يقطع الطريق على محاولات تغييب المنظمة أو الترويج مرة أخرى للتطبيع المجاني، ويؤكد على أن مفتاح الحل هو الإيقاف الفورى للقتال، والاعتراف بفلسطين المستقلة على حدود ٦٧ وبعاصمة هى القدس. فشلت كل السيناريوهات المشبوهة وعلى الجميع أن يتحمل المسئولية وأن ينهى حرب الإبادة التى ظلت واشنطون وبعض دول الغرب طوال الشهور الماضية يعتبرونها مجرد «دفاع عن النفس»!