الخطر حقيقة.. والتضحية اختيار

مصطفى منير
مصطفى منير

‭..‬لماذا‭ ‬مصر؟‭ ‬لماذا‭ ‬دائمًا‭ ‬يتم‭ ‬وضع‭ ‬مصر‭ ‬داخل‭ ‬حلقات‭ ‬غير‭ ‬متناهية‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬والصراعات؟‭ ‬الإجابة‭ ‬بوضوح‭ ‬وبعيدًا‭ ‬عن‭ ‬نظريات‭ ‬المؤامرة،‭ ‬الوقت‭ ‬التى‭ ‬تستطيع‭ ‬فيه‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬فض‭ ‬النزاعات‭ ‬والمشكلات‭ ‬المحيطة‭ ‬والصراعات‭ ‬المصطنعة‭ ‬المؤثرة‭ ‬عليها‭ ‬ستكون‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬الامبراطوريات‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬فبالرغم‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬التى‭ ‬ظلت‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬لعقود،‭ ‬كانت‭ ‬ومازالت‭ ‬مصر‭ ‬هى‭ ‬المسئولة‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬أشقائها‭ ‬العرب،‭ ‬حتى‭ ‬فى‭ ‬أصعب‭ ‬اللحظات‭ ‬التى‭ ‬مرت‭ ‬على‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬الأمة‭ ‬هي‭ ‬التى‭ ‬تبنى‭ ‬من‭ ‬حولها‭ ‬وتساعد‭ ‬الأشقاء‭ ‬للنهوض‭ ‬والتحول‭ ‬المجتمعي‭ ‬من‭ ‬الصحراء‭ ‬إلى‭ ‬المدينة،‭ ‬ولكن‭ ‬تظل‭ ‬روح‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬هى‭ ‬المعادلة‭ ‬الصعبة‭ ‬التى‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬ولن‭ ‬يقدر‭ ‬عليها‭ ‬أي‭ ‬عدو‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬قريبًا‭ ‬منا‭ ‬أو‭ ‬بعيدًا‭ ‬عنا‭ ‬ويحاول‭ ‬تفكيك‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭.‬

فالخطر‭ ‬لحظة‭ ‬صعبة‭ ‬فى‭ ‬عمر‭ ‬الأوطان‭ ‬لا‭ ‬ينجو‭ ‬منه‭ ‬الوطن‭ ‬سوى‭ ‬بأبنائه‭ ‬الحقيقيين‭ ‬المخلصين‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬جعل‭ ‬التضحية‭ ‬هي‭ ‬الاختيار‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬الوطن‭.. ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬سؤال‭ ‬فى‭ ‬ذهن‭ ‬الكثير‭ ‬حول‭ ‬وطننا‭ ‬الغالى‭ ‬مصر‭.. ‬كيف‭ ‬استطاعت‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬آلاف‭ ‬السنوات‭ ‬ومئات‭ ‬الهجمات‭ ‬القوية‭ ‬التى‭ ‬تريد‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الهوية‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬الصمود‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬وجودها‭ ‬وثبات‭ ‬حدودها‭ ‬دون‭ ‬تغير؟

هذا‭ ‬السؤال‭ ‬الذى‭ ‬يعتبر‭ ‬مبهرًا‭ ‬للأصدقاء‭ ‬ومرهقًا‭ ‬للاعداء‭ ‬دائمًا،‭ ‬فقد‭ ‬يلجأون‭ ‬إلى‭ ‬مراجع‭ ‬السياسة‭ ‬ليحللوا‭ ‬وقد‭ ‬يلجأون‭ ‬لعلوم‭ ‬الجغرافيا‭ ‬والتاريخ‭ ‬ليرصدوا‭ ‬ويحاولون‭ ‬فك‭ ‬تلك‭ ‬الشفرة،‭ ‬ولكن‭ ‬التفسير‭ ‬الذى‭ ‬يظل‭ ‬واضحًا‭ ‬أمامهم‭ ‬كوضوح‭ ‬الشمس‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬القوة‭ ‬التى‭ ‬يمتلكها‭ ‬أبناء‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬الممتدة‭ ‬جذورها‭ ‬لآلاف‭ ‬السنين‭ ‬تسمى‭ ‬روح‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬‮«‬روح‭ ‬الشهيد‮»‬‭ ‬فهو‭ ‬المقدر‭ ‬للحظة‭ ‬الفاصلة‭ ‬دائمًا‭ ‬ويكون‭ ‬هذا‭ ‬التقدير‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬داخله‭ ‬من‭ ‬هويته‭ ‬المصرية،‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬الخطر‭ ‬حقيقة‭ ‬واضحة‭ ‬ولكنه‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬اختياره‭ ‬هو‭ ‬التضحية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تغيير‭ ‬تلك‭ ‬الحقيقة‭ ‬الصعبة‭ ‬والعبور‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬لحظة‭ ‬الخطر‭ ‬لسنوات‭ ‬الأمان‭.‬

الشهيد‭ ‬هو‭ ‬ابن‭ ‬هذا‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية،‭ ‬مهما‭ ‬مرت‭ ‬السنوات‭ ‬وتغيرت‭ ‬معها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬الحياة،‭ ‬ولكن‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬يولد‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬بطل‭ ‬لهذه‭ ‬الأمة‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرحل‭ ‬عن‭ ‬عالمنا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تستغل‭ ‬بطولته‭ ‬وهذا‭ ‬بحكم‭ ‬الاستقرار‭ ‬العام‭ ‬للبلاد‭ ‬وتلك‭ ‬اللحظات‭ ‬قليلة‭ ‬فى‭ ‬عمر‭ ‬وطننا‭ ‬الغالى‭ ‬بحكم‭ ‬أنه‭ ‬مستهدف‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬الضخمة،‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬تأتى‭ ‬لحظات‭ ‬الخطر،‭ ‬ستجد‭ ‬هذا‭ ‬البطل‭ ‬يظهر‭ ‬من‭ ‬وسط‭ ‬الشعب‭ ‬ليقوم‭ ‬بدوره‭ ‬الطبيعي‭ ‬وهو‭ ‬الوقوف‭ ‬أمام‭ ‬أى‭ ‬خطر‭ ‬يحيق‭ ‬بالدولة‭ ‬المصرية‭.‬

هنا‭ ‬تجد‭ ‬البطل‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذى‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬تعتقد‭ ‬فى‭ ‬البداية‭ ‬أنه‭ ‬انسان‭ ‬عادي‭ ‬يشبه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬ابناء‭ ‬هذا‭ ‬الوطن،‭ ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬اقل‭ ‬من‭ ‬لحظات‭ ‬تجده‭ ‬يسجل‭ ‬بطولاته‭ ‬ويقدم‭ ‬روحه‭ ‬فداءً‭ ‬للوطن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليه‭ ‬وحماية‭ ‬أشقائه‭ ‬المصريين‭ ‬من‭ ‬الخطر،‭ ‬يقرر‭ ‬بنفسه‭ ‬التضحية‭ ‬والفداء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬وتستمر‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬البناء‭ ‬والنهوض‭ ‬ومقاومة‭ ‬العدو،‭ ‬هنا‭ ‬ترى‭ ‬بطولات‭ ‬خارقة‭ ‬من‭ ‬انسان‭ ‬غير‭ ‬عادى‭ ‬فى‭ ‬لحظة‭ ‬مصيرية‭.. ‬وقتها‭ ‬تكتشف‭ ‬المعنى‭ ‬الحقيقي‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬روح‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‮»‬‭ ‬وستكون‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الأمة‭ ‬الممتدة‭ ‬جذورها‭ ‬لآلاف‭ ‬السنوات‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للانهيار‭ ‬أو‭ ‬السقوط،‭ ‬قد‭ ‬تتعثر‭ ‬أحيانًا‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬تفنى‭ ‬ابدًا،‭ ‬ستعلم‭ ‬أن‭ ‬السر‭ ‬الأعظم‭ ‬يكمن‭ ‬فى‭ ‬روح‭ ‬أبطال‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية،‭ ‬وفى‭ ‬الوقت‭ ‬الذى‭ ‬يعتقد‭ ‬فيه‭ ‬الاعداء‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الروح‭ ‬قد‭ ‬انتهت‭ ‬وأصبحت‭ ‬ذكرى‭ ‬ووهم‭ ‬يعيش‭ ‬عليه‭ ‬المصريون‭ ‬ويقتربون‭ ‬لتنفيذ‭ ‬أي‭ ‬مخطط‭ ‬من‭ ‬مخططات‭ ‬الشر‭ ‬يتفاجئون‭ ‬بعودة‭ ‬الروح‭ ‬لجسد‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬ليحاربوا‭ ‬العدو‭ ‬ويلقنونه‭ ‬درسًا‭ ‬قاسيًا‭ ‬يظل‭ ‬محفورًا‭ ‬فى‭ ‬التاريخ‭.‬

يبوح‭ ‬التاريخ‭ ‬المصري‭ ‬بأسراره‭ ‬ونكتشف‭ ‬أننا‭ ‬أمة‭ ‬مليئة‭ ‬بحكايات‭ ‬الأبطال‭ ‬الذين‭ ‬اختاروا‭ ‬طريق‭ ‬التضحية‭ ‬والاستشهاد‭ ‬ببسالة‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭ ‬أمام‭ ‬أي‭ ‬عدو‭ ‬حاول‭ ‬فرض‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬وطننا‭ ‬الغالي،‭ ‬تجد‭ ‬بطولات‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬ونجاحات‭ ‬لا‭ ‬يصدقها‭ ‬عقل‭ ‬فى‭ ‬تدمير‭ ‬العدو،‭ ‬ولحظات‭ ‬الاستشهاد‭ ‬تتأكد‭ ‬أن‭ ‬البطل‭ ‬فى‭ ‬لحظة‭ ‬الشهادة‭ ‬لا‭ ‬يختار‭ ‬سوى‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬لا‭ ‬يهمه‭ ‬ابن‭ ‬أو‭ ‬زوجة‭ ‬لا‭ ‬يهمه‭ ‬شيئا‭ ‬سوى‭ ‬الوطن،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬تخبرنا‭ ‬به‭ ‬سير‭ ‬الشهداء‭ ‬الأبطال،‭ ‬ومع‭ ‬تلك‭ ‬الحكايات‭ ‬والبطولات‭ ‬تتأكد‭ ‬أن‭ ‬الروح‭ ‬المدفونة‭ ‬داخل‭ ‬نفوس‭ ‬ملايين‭ ‬المصريين‭ ‬هي‭ ‬السر‭ ‬الحقيقي‭ ‬فى‭ ‬بقاء‭ ‬تلك‭ ‬الأمة‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور،‭ ‬هي‭ ‬السر‭ ‬الحقيقي‭ ‬فى‭ ‬عبور‭ ‬كل‭ ‬المخاطر‭ ‬والتحديات،‭ ‬هى‭ ‬السر‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬الاعداء‭ ‬طوال‭ ‬التاريخ‭ ‬مهما‭ ‬تغير‭ ‬الزمان‭.‬

اصبحت‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬وإيمان‭ ‬بأن‭ ‬بقاء‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬و‭ ‬ثبات‭ ‬الوطن‭ ‬تاريخيًا‭ ‬وجغرافيًا‭ ‬هو‭ ‬نتيجة‭ ‬لتضحيات‭ ‬الأبطال‭ ‬الذين‭ ‬يعلمون‭ ‬أن‭ ‬الخطر‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬حقيقيًا‭ ‬ولكن‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬التضحية‭ ‬هى‭ ‬الاختيار‭.‬

قرار‭ ‬الشهيد‭ ‬بالتضحية‭ ‬بروحه‭ ‬يكون‭ ‬فى‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الثانية‭ ‬دون‭ ‬تردد،‭ ‬وقتها‭ ‬ينسى‭ ‬أسرته‭ ‬الصغيرة،‭ ‬بيته،‭ ‬أحلامه،‭ ‬مستقبله‭.. ‬فقط‭ ‬ما‭ ‬يتذكره‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الوطن‭ ‬أغلى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وتراب‭ ‬الوطن‭ ‬لا‭ ‬يروى‭ ‬إلا‭ ‬بدماء‭ ‬الأبطال‭ ‬المخلصين‭.‬

القدر‭ ‬جعل‭ ‬بلادنا‭ ‬مستهدفة‭ ‬من‭ ‬الطامعين‭ ‬الحالمين‭ ‬معتقدين‭ ‬أن‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬قابلة‭ ‬للسيطرة‭ ‬عليها،‭ ‬ولكن‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬يواجهون‭ ‬المخلصين‭ ‬أبطال‭ ‬الأرض‭ ‬وحماة‭ ‬العرض،‭ ‬فلن‭ ‬أعود‭ ‬للتاريخ‭ ‬من‭ ‬بدايته‭ ‬ولكننى‭ ‬سأكتفى‭ ‬بالماضى‭ ‬القريب‭ ‬‮«‬التاريخ‭ ‬الحديث‮»‬‭ ‬فالوطن‭ ‬تعرض‭ ‬لحربين‭ ‬الأول‭ ‬كان‭ ‬العدو‭ ‬فيها‭ ‬واضحًا‭ ‬ينتظر‭ ‬على‭ ‬حدودنا‭ ‬استغل‭ ‬غفوة‭ ‬ليتمكن‭ ‬من‭ ‬احتلال‭ ‬سيناء‭ ‬الغالية،‭ ‬اعتقد‭ ‬العدو‭ ‬وقتها‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬سهل‭ ‬السيطرة‭ ‬عليه،‭ ‬بدأ‭ ‬فى‭ ‬تأمين‭ ‬نفسه‭ ‬وبناء‭ ‬الخط‭ ‬المنيع‭ ‬غير‭ ‬القابل‭ ‬للعبور،‭ ‬ولكن‭ ‬كالعادة‭ ‬اعتقد‭ ‬العدو‭ ‬انه‭ ‬انتصر‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬أزمة‭ ‬حقيقية‭ ‬يظهر‭ ‬ابناء‭ ‬الأمة‭ ‬وحراس‭ ‬الوطن‭ ‬ليدمروا‭ ‬اساطير‭ ‬العدو‭ ‬وينطلقون‭ ‬ليحطموا‭ ‬جيش‭ ‬العدو‭ ‬ويحققون‭ ‬النصر‭ ‬ويعيدون‭ ‬الأرض‭ ‬لأصحابها‭.‬

لتمر‭ ‬السنوات‭ ‬وتزداد‭ ‬معها‭ ‬محاولة‭ ‬تدمير‭ ‬الداخل‭ ‬ومحاولات‭ ‬تغير‭ ‬شكل‭ ‬المجتمع‭ ‬المصري،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬تزداد‭ ‬صلابة‭ ‬الأمة‭ ‬حتى‭ ‬تأتي‭ ‬الحرب‭ ‬الثانية‭ ‬وهى‭ ‬ليست‭ ‬حربًا‭ ‬بالمفهوم‭ ‬التقليدي،‭ ‬لأن‭ ‬العدو‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬تمثل‭ ‬فى‭ ‬جماعة‭ ‬إرهابية‭ ‬تحاول‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬روح‭ ‬الأمة‭ ‬والهوية‭ ‬المصرية،‭ ‬اعتقدوا‭ ‬أن‭ ‬تسللهم‭ ‬للحكم‭ ‬سيجعلهم‭ ‬لعقود‭ ‬طويلة‭ ‬يفعلون‭ ‬ما‭ ‬يحلو‭ ‬لهم‭ ‬فى‭ ‬البلاد‭ ‬والعباد،‭ ‬ولأنهم‭ ‬لا‭ ‬ينتمون‭ ‬للأمة‭ ‬المصرية‭ ‬فكانوا‭ ‬جهلاء‭ ‬بالشعب‭ ‬المصري،‭ ‬وخلال‭ ‬شهور‭ ‬قرر‭ ‬أبناء‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬إنهاء‭ ‬تلك‭ ‬المهزلة‭ ‬وانقض‭ ‬عليهم‭ ‬الشعب‭ ‬المصري‭ ‬ليحرروا‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬يد‭ ‬العدو‭ ‬‮«‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬الإرهابية‮»‬‭.‬

لم‭ ‬يجد‭ ‬هؤلاء‭ ‬المجرمون‭ ‬سوى‭ ‬الأعمال‭ ‬الإرهابية‭ ‬التخريبية،‭ ‬فكانت‭ ‬أعمالهم‭ ‬القبيحة‭ ‬هي‭ ‬تفجير‭ ‬الكنائس‭ ‬وحرق‭ ‬المساجد‭ ‬واستهداف‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬فى‭ ‬سيناء‭ ‬وتفجير‭ ‬الأكمنة‭ ‬الشرطية‭ ‬داخل‭ ‬البلاد،‭ ‬وكالعادة‭ ‬ظهر‭ ‬رجال‭ ‬الوطن‭ ‬الأبطال‭ ‬الذين‭ ‬يختاروا‭ ‬الوطن‭ ‬دون‭ ‬التفكير‭ ‬فى‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أعمالهم‭ ‬إلا‭ ‬زيادة‭ ‬الأصرار‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الوطن‭ ‬الغالي‭. ‬

دارت‭ ‬الحرب‭ ‬وظهرت‭ ‬روح‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية،‭ ‬فالخطر‭ ‬حقيقة‭ ‬واضحة‭ ‬ولكن‭ ‬التضحية‭ ‬كانت‭ ‬الاختيار،‭ ‬واجه‭ ‬أبطالنا‭ ‬رصاص‭ ‬الغدر‭ ‬بصدورهم‭ ‬وقلوبهم‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬إلا‭ ‬الوطنية‭ ‬والتضحية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تراب‭ ‬مصر،‭ ‬هم‭ ‬يشعلون‭ ‬النيران‭ ‬وتأتى‭ ‬يد‭ ‬الأبطال‭ ‬لتخمدها،‭ ‬واستمرت‭ ‬الحرب‭ ‬حتى‭ ‬نجح‭ ‬كالعادة‭ ‬أصحاب‭ ‬الحق‭ ‬وانتصرت‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬على‭ ‬العدو‭ ‬وانتهت‭ ‬الحرب‭ ‬بانتصار‭ ‬الروح‭ ‬الوطنية،‭ ‬وعاد‭ ‬الوطن‭ ‬الغالى‭ ‬من‭ ‬يد‭ ‬أهل‭ ‬الخراب‭ ‬ولكن‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬المعركة‭ ‬التى‭ ‬قدم‭ ‬خلالها‭ ‬الرجال‭ ‬المخلصون‭ ‬أرواحهم‭ ‬للوطن،‭ ‬حكايات‭ ‬أبطالنا‭ ‬تحتاج‭ ‬لمجلدات‭ ‬لتسرد‭ ‬بطولاتهم‭ ‬وكيف‭ ‬نجحوا‭ ‬فى‭ ‬التصدي‭ ‬لقوى‭ ‬الشر‭ ‬وأعوانهم‭.‬

فعندما‭ ‬تشرق‭ ‬الشمس‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬جديد‭ ‬تذكر‭ ‬أن‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬الذي‭ ‬تعيش‭ ‬فيه‭ ‬والظلام‭ ‬الذى‭ ‬انتهى‭ ‬كان‭ ‬بيد‭ ‬أبطالنا‭ ‬الشهداء‭ ‬الذين‭ ‬دفعوا‭ ‬حياتهم‭ ‬ثمنًا‭ ‬حتى‭ ‬نشعر‭ ‬بالطمأنينة‭ ‬ونعيش‭ ‬دون‭ ‬الخوف‭ ‬على‭ ‬أنفسنا‭ ‬أو‭ ‬أبنائنا‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬الاعداء‭.. ‬فالحياة‭ ‬التى‭ ‬نعيشها‭ ‬الآن‭ ‬ثمنها‭ ‬اختيار‭ ‬التضحية‭ ‬وأرواح‭ ‬الشهداء‭.‬

;