«القرار المتوقع.. وهل هو مُلزم؟»| القصة الكاملة لمحاكمة إسرائيل بالعدل الدولية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 تقدمت جنوب إفريقيا بشكوى أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في حربها مع حركة حماس في قطاع غزة.

اقرأ أيضًا: مرافعة للتاريخ.. تعرف على محاميين جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية؟

ونستعرض خلال التقرير التالي أبرز المسائل الجوهرية المرتبطة بقرار المحكمة المرتقب والذي سيصدر بشكل رسمي الجمعة.

هل ستبت المحكمة في ما إذا كانت إسرائيل ترتكب "إبادة جماعية"؟

تصدر محكمة العدل الدولية الجمعة قرارا أوليا حول تدابير طارئة تعرف بـ"إجراءات موقتة" تطالب بها جنوب إفريقيا في حق إسرائيل.

أما النظر في جوهر القضية حول ما إذا كانت إسرائيل ترتكب فعلا "إبادة جماعية"، فسيجري في مرحلة ثانية وسيستغرق على الأرجح سنوات.

وقالت خبيرة القانون الدولي في جامعة جنوب إفريقيا جولييت ماكينتاير إنه في الوقت الحاضر لا تحتاج جنوب إفريقيا لأن تثبت أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية.

وتابعت متحدثة إلى وكالة فرانس برس "عليها فقط أن تثبت أن هناك خطرا معقولا بوقوع إبادة جماعية".

لكنها أشارت إلى أنه حتى في حال قضت المحكمة بوجود خطر وقوع إبادة جماعية في غزة "هذا يعني أن هناك خطرا معقولا بوقوع إبادة جماعية، وليس أن هناك فعلا إبادة".

ماذا يمكن لمحكمة العدل القيام به؟

طلبت جنوب إفريقيا من محكمة العدل الدولية إصدار 9 إجراءات موقتة، وهي أوامر قضائية عاجلة، تطبق فيما تنظر في جوهر القضية الذي قد يستغرق سنوات.

وأوضحت سيسيلي روز الاستاذة المساعدة في القانون الدولي في جامعة لايدن "يبدو من المحتمل أن تقر المحكمة بعض هذه الطلبات التي وجهتها جنوب إفريقيا".

وأعلنت إسرائيل خلال إحدى الجلسات أن إصدار أمر بوقف إطلاق النار لن يكون واقعيا إذ لا يمكن لمحكمة العدل أن تأمر به سوى طرف واحد بما أن حركة حماس غير مشاركة في الآلية.

وقالت ماكينتاير بهذا الصدد "بإمكان المحكمة أن تأمر بوقف إطلاق نار، لكن من المرجح برأيي أن تأمر إسرائيل باتخاذ كل التدابير الممكنة لضمان وصول مناسب للمواد الغذائية والمياه والمساعدات الإنسانية" إلى سكان غزة.

وطلبت بريتوريا من المحكمة إصدار تسعة أوامر منها "التعليق الفوري" لهجوم إسرائيل في قطاع غزة ووضع حد للتهجير والسماح بوصول المساعدات الإنسانية والمحافظة على الأدلة.

ويمكن لمحكمة العدل الدولية فرض التدابير التي تطالب بها بريتوريا أو رفضها أو إصدار أوامر أخرى مختلفة تماما. وقد تقرر أيضا انها ليست الجهة المختصة في هذه القضية.

ماذا بعد ذلك ؟

وبعدما تقرر المحكمة ما إذا كانت ستصدر تدابير موقتة عاجلة، تنتقل المحكمة إلى النظر في جوهر القضية لمعرفة ما إذا كانت إسرائيل ترتكب فعلا "إبادة جماعية".

وألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى أنه لن يكون ملزما تنفيذ قرار صادر عن المحكمة.

لكن خبيرة القانون الدولي في جامعة جنوب إفريقيا جولييت ماكينتاير رأت أنه بمعزل عن رد فعل إسرائيل على القرار، فستكون له "تبعات" مهمة.

وأوضحت أنه في حال قضت المحكمة بوجود "خطر إبادة جماعية"، سيكون "من الأصعب بكثير أن تواصل دول أخرى دعم إسرائيل" وقد يعمد بعضها إلى "سحب دعمه العسكري أو أي دعم آخر لإسرائيل".

ولفتت إلى "الطابع الرمزي الهائل" على ضوء تاريخ الدولة العبرية.

والقرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، مبرمة وملزمة قانونا. لكن المحكمة لا تملك أي وسيلة لتطبيقها.

فعلى سبيل المثال، أمرت محكمة العدل الدولية روسيا بوقف غزوها لأوكرانيا بعد شهر على بدء الحرب في شباط/فبراير 2022.

لم جنوب إفريقيا؟

جنوب إفريقيا وإسرائيل من الدول الموقعة على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها التي أقرت عام 1949 ردا على مجازر الإبادة في حق اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. ويحق لكل دولة موقعة ملاحقة دولة أخرى أمام محكمة العدل الدولية في حال الاختلاف على "تفسير أو تطبيق أو احترام" القواعد الهادفة إلى منع وقوع أعمال إبادة جماعية.

وقالت جنوب إفريقيا إنها "تدرك تماما حجم المسؤولية الخاص ببدء ملاحقات ضد إسرائيل لانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة".

وشددت على أن "الظروف لا يمكن أن تكون أكثر إلحاحا" معتبرة أن أي هجوم مسلح "مهما كان خطرا" لا يمكن أن يبرر انتهاك الاتفاقية وأن إسرائيل تتحمل "واجب" منع وقوع إبادة بصفتها دولة موقعة على الاتفاقية.

وتدعم جنوب إفريقيا القضية الفلسطينية منذ فترة طويلة، إذ ان المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في بريتوريا غالبا ما يربط هذه القضية بنضاله ضد نظام الفصل العنصري.

وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بين جنوب إفريقيا وإسرائيل بسبب ذلك.

ما هي القضايا الأخرى؟

تنظر محكمة العدل الدولية بالنزاعات بين الدول وغالبا ما يتم الخلط بينها وبين المحكمة الجنائية الدولية ومقرها في لاهاي أيضا وهي تنظر في ملاحقات بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يرتكبها أفراد.

وباشر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان تحقيقا حول أحداث غزة وتعهد "تكثيف" الجهود.

وطلبت خمس دول من بينها جنوب إفريقيا في تشرين الثاني/نوفمبر تحقيقا من المحكمة الجنائية الدولية حول النزاع في قطاع غزة. وقال خان إن فريقه جمع "كمية كبيرة" من الأدلة.

وقال خبراء بالقانون الدولي لوكالة فرانس برس إن جرائم حرب ارتكبت على الأرجح من قبل الجانبين.

وطلبت الأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية النظر في التداعيات القانونية للعمليات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.

وستصدر المحكمة في هذا الإطار رأيا استشاريا لن يشمل العملية العسكرية التي تلت السابع من تشرين الألو/أكتوبر.