أمـــن وسـط دائـرة النار

إيهاب فتحى
إيهاب فتحى

‭ ..‬قبل‭ ‬72‭ ‬عامًا‭ ‬خاضت‭ ‬قوات‭ ‬الشرطة‭ ‬المصرية‭ ‬معركة‭ ‬الاسماعيلية‭ ‬ضد‭ ‬المحتل‭ ‬البريطانى‭ ‬الأجنبى‭ ‬لتكون‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬حجر‭ ‬أساس‭ ‬فى‭ ‬حرب‭ ‬التحرير‭ ‬المصيرية‭ ‬ضدالمستعمر‭ ‬ولم‭ ‬تمرسوى‭ ‬شهور‭ ‬قليلة‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬1952‭ ‬وكانت‭ ‬ثورة‭ ‬23‭ ‬يوليو‭ ‬الفارقة‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬مصر‭ ‬والمنطقة‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬ثورة‭ ‬يوليو‭ ‬إلا‭ ‬بداية‭ ‬أطلقت‭ ‬يد‭ ‬الثوار‭ ‬فى‭ ‬حرب‭ ‬التحرير‭ ‬حتى‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقية‭ ‬الجلاء‭ ‬فى‭ ‬1954‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬الاتفاقية‭ ‬سوى‭ ‬افتتاحية‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬قادم‭ ‬من‭ ‬صراع‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الاستعمارية‭ .‬

أرادت‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬القيام‭ ‬بعملية‭ ‬تنمية‭ ‬شاملة‭ ‬محورها‭ ‬بناء‭ ‬السد‭ ‬العالى‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬رفضت‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬المشروع‭ ‬المصرى‭ ‬العظيم‭ ‬النور‭ ‬وأرادت‭ ‬محاصرته‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق‭ ‬فكان‭ ‬الرد‭ ‬المصرى‭ ‬العادل‭ ‬باستعادة‭ ‬حقوق‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬فى‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ ‬لنبنى‭ ‬من‭ ‬عائداتها‭ ‬السد‭ ‬العالى‭.‬

لم‭ ‬تستوعب‭ ‬القوى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬طبيعة‭ ‬الرد‭ ‬المصرى‭ ‬المزلزل‭ ‬والعادل‭ ‬تجاه‭ ‬تغولها‭ ‬ولصوصيتها‭ ‬لحقوق‭ ‬الشعوب‭ ‬فكان‭ ‬عدوانها‭ ‬الثلاثى‭ ‬بالتحالف‭ ‬البريطانى‭ ‬الفرنسى‭ ‬مع‭ ‬ذيل‭ ‬الاستعمار‭ ‬فى‭ ‬المنطقة‭ ‬وهو‭ ‬إسرائيل،‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬القوى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬إخضاع‭ ‬مصر‭ ‬واندحرت‭ ‬فى‭ ‬بورسعيد‭ ‬لتنطلق‭ ‬بعدها‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬مشروعها‭ ‬التحررى‭ ‬لتمديد‭ ‬المساعدة‭ ‬لكافة‭ ‬الشعوب‭ ‬المستضعفة‭ ‬التى‭ ‬تعانى‭ ‬من‭ ‬ظلم‭ ‬وظلمات‭ ‬المستعمر‭.‬

لا‭ ‬تدور‭ ‬عجلة‭ ‬التاريخ‭ ‬وفق‭ ‬قانون‭ ‬الصدفة‭ ‬بل‭ ‬معادلة‭ ‬التاريخ‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬أسباب‭ ‬ونتائج‭ ‬لذلك‭ ‬كانت‭ ‬الانطلاقة‭ ‬المؤثرة‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬المصيرى‭ ‬بين‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬وقوى‭ ‬الاستعمار‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬الشرطة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬الإسماعيلية‭.‬

من‭ ‬يدرك‭ ‬تاريخ‭ ‬مصر‭ ‬القديم‭ ‬والحديث‭ ‬يعلم‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬والقائمين‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الأمن‭ ‬أحد‭ ‬المقومات‭ ‬الرئيسية‭ ‬فى‭ ‬تركيبة‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬وشخصيتها‭ ‬فهذا‭ ‬التصدى‭ ‬البطولى‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬الشرطة‭ ‬للمستعمر‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬جذور‭ ‬حضارية‭ ‬مصرية‭ ‬ممتدة‭ ‬لآلاف‭ ‬السنين‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الظلم‭ ‬والاعتداء‭ ‬وردع‭ ‬المجرم‭ ‬مهما‭ ‬بلغ‭ ‬حجم‭ ‬قوته‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إقرار‭ ‬قيمة‭ ‬العدل‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬مصر‭.‬

تأتى‭ ‬قيمة‭ ‬العدل‭ ‬تلك‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬مكونات‭ ‬الأمة‭ ‬والشخصية‭ ‬المصرية‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬القيمة‭ ‬يتحقق‭ ‬الأمن‭ ‬للإنسان‭ ‬المصرى‭ ‬طوال‭ ‬تاريخه‭ ‬فالعدو‭ ‬الأول‭ ‬للشخصية‭ ‬المصرية‭ ‬هو‭ ‬الفوضى‭ ‬التى‭ ‬قد‭ ‬يسببها‭ ‬إجرام‭ ‬واعتداء‭ ‬خارجى‭ ‬أو‭ ‬داخلى‭ ‬لذلك‭ ‬أصبح‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والقائمين‭ ‬على‭ ‬تحقيقه‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬شرطية‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬فى‭ ‬حياة‭ ‬مصر‭ ‬والمصريين‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬تاريخهم‭ ‬الممتد‭.‬

بالتأكيد‭ ‬تقوم‭ ‬قوات‭ ‬الشرطة‭ ‬بدورها‭ ‬الطبيعى‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الأمن‭ ‬وهو‭ ‬دور‭ ‬ممتد‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬ومنذ‭ ‬نشأة‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭  ‬قبل‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭  ‬وتكشفه‭ ‬الآثار‭ ‬المصرية‭ ‬والبرديات‭ ‬التى‭ ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬باستفاضة‭ ‬كبيرة‭ ‬بل‭ ‬وضحت‭ ‬مدى‭ ‬تقدم‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الشرطى‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬القديمة‭ ‬ووصوله‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬التخصص‭ ‬فى‭ ‬مجالات‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدولة‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬تنظيم‭ ‬عمل‭ ‬الشرطة‭ ‬فى‭ ‬المجتمعات‭ ‬الحديثة‭ ‬يعود‭ ‬فى‭ ‬أصوله‭ ‬إلى‭ ‬أفكار‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة‭.‬

تتولى‭ ‬قوات‭ ‬الشرطة‭ ‬إدارة‭ ‬عملها‭ ‬الأصيل‭ ‬هذا‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬المصرى‭ ‬بشكل‭ ‬متواصل‭ ‬منذ‭ ‬نشأتها‭ ‬وفق‭ ‬مقومات‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة‭ ‬والحديثة‭ ‬والقانون‭ ‬الذى‭ ‬يحكم‭ ‬حركتها‭ ‬لكن‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬معركة‭ ‬الإسماعيلية‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬فى‭ ‬لحظات‭ ‬التحدى‭ ‬والخطر‭ ‬الخارجى‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬المستعمر‭ ‬يتطور‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬ويتحمل‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬وأبطالها‭ ‬مهامًا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الداخلى‭ ‬بمكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬المعتادة‭.‬

تعطينا‭ ‬معركة‭ ‬الإسماعيلية‭ ‬علامة‭ ‬مرجعية‭ ‬وإشارة‭ ‬محورية‭ ‬حول‭ ‬تطورات‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬من‭ ‬تأثيرات‭ ‬الخارج‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الداخل‭ ‬وحجم‭ ‬الأعباء‭ ‬التى‭ ‬يتحملها‭ ‬جهاز‭ ‬الشرطة‭ ‬ورجاله‭ ‬من‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الأمنى‭ ‬والاستقرار‭ ‬الداخلى‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬هزات‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬الطبيعية‭ ‬للمواطنين‭.‬

عدما‭ ‬ننتقل‭ ‬من‭ ‬المرجعية‭ ‬التاريخية‭ ‬لمعركة‭ ‬الإسماعيلية‭ ‬إلى‭ ‬الحاضر‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬تأثيرات‭ ‬الخارج‭ ‬المضطرب‭ ‬وخاصة‭ ‬فى‭ ‬محيط‭ ‬مصرالإقليمى‭ ‬أصبح‭ ‬عاملا‭ ‬شديد‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلى‭ ‬وأصبحت‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التأثيرات‭ ‬بالغة‭ ‬الخطورة‭ ‬من‭ ‬المهام‭ ‬الاساسية‭ ‬لجهاز‭ ‬الشرطة‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬التأثيرات‭ ‬تفرز‭ ‬نوعيات‭ ‬شرسة‭ ‬وجديدة‭ ‬من‭ ‬الجريمة‭ ‬تريد‭ ‬تخطى‭ ‬الحدود‭ ‬لتضرب‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلى‭ ‬المستقر‭.‬

نشأت‭ ‬هذه‭ ‬التأثيرات‭ ‬شديدة‭ ‬الخطورة‭ ‬مع‭ ‬انفجار‭ ‬حالة‭ ‬مايسمى‭ ‬بالربيع‭ ‬العربى‭ ‬قبل‭ ‬ثلاثة‭ ‬عشر‭ ‬عامًا‭ ‬وأدى‭ ‬مايسمى‭ ‬بالربيع‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬يسيطر‭ ‬عليه‭ ‬الانهيار‭ ‬الأمنى‭ ‬فى‭ ‬أغلب‭ ‬الإقليم‭ ‬المحيط‭ ‬بمصر‭ ‬أو‭ ‬المحيط‭ ‬الذى‭ ‬تسلل‭ ‬له‭ ‬مايسمى‭ ‬بالربيع‭ ‬العربى‭.‬

بلا‭ ‬شك‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬رياح‭ ‬الربيع‭ ‬السامة‭ ‬التى‭ ‬هبت‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬تحكمها‭ ‬عوامل‭ ‬الصدفة‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬تحركها‭ ‬أيادى‭ ‬تسعى‭ ‬وراء‭ ‬تحقيق‭ ‬غرض‭ ‬رئيسى‭ ‬وهو‭ ‬هذا‭ ‬الانهيار‭ ‬الأمنى‭ ‬فى‭ ‬المنطقة‭ ‬وطوال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬تكشفت‭ ‬أمام‭ ‬الجميع‭ ‬حقيقة‭ ‬الأحداث‭ ‬وتفاصيلها،‭ ‬وأن‭ ‬تحالف‭ ‬قوى‭ ‬الاستعمار‭ ‬القديم‭ ‬والحديث‭ ‬وعملائهم‭ ‬من‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬هم‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الرياح‭ ‬السوداء‭ ‬التى‭ ‬هبت‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬وتريد‭ ‬حرقها‭ ‬بالكامل‭ ‬لتجلس‭ ‬غربان‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬على‭ ‬تلال‭ ‬من‭ ‬الخراب‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التسلل‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬فى‭ ‬البلاد‭ ‬التى‭ ‬تعرضت‭ ‬للهجمة‭ ‬الربيعية‭ ‬السوداء‭.‬

استطاعات‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬المواجهة‭ ‬الأولى‭ ‬أو‭ ‬السنتين‭ ‬الأوليتين‭ ‬من‭ ‬الهجمة‭ ‬السوداء‭ ‬توجيه‭ ‬ضربة‭ ‬قاسمة‭ ‬للتحالف‭ ‬الشرير‭  ‬بإرادة‭ ‬جماهير‭ ‬ثورة‭ ‬يونيو‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬2013‭ ‬وأطاحت‭ ‬بالعصابة‭ ‬الإخوانية‭ ‬ومن‭ ‬ورائها‭ ‬وتسترد‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬التى‭ ‬حركتها‭ ‬العصابة‭ ‬الإخوانية‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬صورة‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الاعتصامات‭ ‬المسلحة‭ ‬بالتأكيد‭ ‬كان‭ ‬أبطال‭ ‬الشرطة‭ ‬حاضرين‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬المواجهة‭ ‬المصيرية‭ ‬حتى‭ ‬استطاعوا‭ ‬بكل‭ ‬بسالة‭ ‬دحر‭ ‬الفوضى‭ ‬الفاشية‭ ‬وإعادة‭ ‬الحياة‭ ‬الطبيعية‭ ‬لهذا‭ ‬البلد‭ ‬الطيب‭.‬

انطلقت‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬بعد‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الفوضى‭ ‬فى‭ ‬عمل‭ ‬جبار‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تؤسس‭ ‬وترسخ‭ ‬حداثة‭ ‬الدولة‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بوظائفها‭ ‬المعتادة‭ ‬حتى‭ ‬استطاعت‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬التعافى‭ ‬الكامل‭ ‬ثم‭ ‬الاستقرار‭ ‬الذى‭ ‬هو‭ ‬أساس‭ ‬أى‭ ‬عملية‭ ‬تنمية‭ ‬حقيقية‭ ‬فى‭ ‬الحاضر‭ ‬والمستقبل‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬التعافى‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬الفوضى‭ ‬الذى‭ ‬تحقق‭ ‬بتضحيات‭ ‬الشهداء‭ ‬ودماء‭ ‬الأبطال‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬محيطنا‭ ‬الإقليمى‭ ‬وظلت‭ ‬الفوضى‭ ‬وتبعاتها‭ ‬الكارثية‭ ‬تخيم‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الإقليم‭ ‬الذى‭ ‬تقع‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬قلبه‭.‬

قد‭ ‬ينظرالبعض‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الفوضى‭ ‬المستشرية‭ ‬فى‭ ‬أغلب‭ ‬محيط‭ ‬إقليمنا‭ ‬لها‭ ‬وجه‭ ‬وحيد‭ ‬وهو‭ ‬السياسى‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬الوجه‭ ‬السياسى‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬تبعات‭ ‬الفوضى‭ ‬الكارثية‭ ‬والتى‭ ‬تخلق‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الانهيار‭ ‬الأمنى‭ ‬والاجتماعى‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬المصابة‭ ‬بفيروس‭ ‬الفوضى‭ ‬مما‭ ‬يؤدى‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬إجرامية‭ ‬منفلتة‭ ‬لاتقتصر‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الذى‭ ‬انطلقت‭ ‬منه‭ ‬بل‭ ‬تصيب‭ ‬أغلب‭ ‬المحيط‭ ‬الإقليمى‭.‬

خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬وإلى‭ ‬الآن‭ ‬يواجه‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬المصرية‭ ‬تبعات‭ ‬هذا‭ ‬الانفلات‭ ‬والانهيار‭ ‬الأمنى‭ ‬فى‭ ‬محيطنا‭ ‬ببسالة‭ ‬وحزم‭ ‬شديد،‭ ‬ويتصدون‭ ‬لموجة‭ ‬إجرامية‭  ‬صنعتها‭ ‬هذه‭ ‬الفوضى‭ ‬الإقليمية‭ ‬وأكثر‭ ‬الأمثلة‭ ‬وضوحًا‭ ‬وتبين‭ ‬شراسة‭ ‬هذه‭ ‬الموجة‭ ‬الإجرامية‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب‭ ‬الدموى‭ ‬الأسود‭. ‬استغلت‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬مناخ‭ ‬الفوضى‭ ‬الإقليمى‭ ‬لتنفذ‭ ‬مخططاتها‭ ‬المأمورة‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعطيل‭ ‬عملية‭ ‬البناء‭ ‬فى‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬الحديثة‭ ‬ودفعت‭ ‬بتنظيماتها‭ ‬الإرهابية‭  ‬لأجل‭ ‬هذا‭ ‬الغرض‭.‬

تشير‭ ‬كثافة‭ ‬وخطورة‭ ‬الموجة‭ ‬الإرهابية‭ ‬التى‭ ‬تعرض‭ ‬لها‭ ‬الوطن‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬بوضوح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عامل‭ ‬الفوضى‭ ‬الإقليمى‭ ‬كان‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬فى‭ ‬تغولها‭ ‬ولكن‭ ‬تضحيات‭ ‬الشهداء‭ ‬والرجال‭ ‬الأبطال‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬والشرطة‭ ‬دحرت‭ ‬هذه‭ ‬الموجة‭ ‬الإرهابية‭ ‬الإجرامية‭ ‬وأبقت‭ ‬الوطن‭ ‬سالمًا‭ ‬مطمئًنا‭.‬

لاتقتصر‭ ‬تبعات‭ ‬حالة‭ ‬الفوضى‭ ‬الإقليمية‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬الإرهاب‭ ‬الدموى‭ ‬ولكنها‭ ‬صنعت‭ ‬حالة‭ ‬إجرامية‭ ‬متضخمة‭ ‬امتدت‭ ‬إلى‭ ‬كافة‭ ‬أنواع‭ ‬الجريمة‭ ‬وهو‭ ‬ماحمل‭ ‬جهاز‭ ‬الشرطة‭ ‬أعباءً‭ ‬جسام‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مواجهة‭ ‬الموجة‭ ‬الإجرامية‭ ‬المتولدة‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬الفوضى‭ ‬وحتى‭ ‬لاتمتد‭ ‬آثارها‭ ‬المدمرة‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭.‬

نقلت‭ ‬الفوضى‭ ‬الإقليمية‭ ‬الجريمة‭ ‬إلى‭ ‬درجات‭ ‬غاية‭ ‬فى‭ ‬الخطورة‭ ‬والتنظيم‭ ‬لأن‭ ‬الانفلات‭ ‬والانهيار‭ ‬الأمنى‭ ‬فى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإقليمية‭ ‬أتاح‭ ‬للحالة‭ ‬الإجرامية‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭ ‬يتيح‭ ‬لها‭ ‬العمل‭ ‬بلا‭ ‬خوف‭ ‬أو‭ ‬رقابة،‭ ‬فالعمليات‭ ‬الإجرامية‭ ‬مثل‭ ‬تهريب‭ ‬المخدرات‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬قاصرة‭ ‬على‭ ‬فعل‭ ‬إجرامى‭ ‬عابر‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬عملا‭ ‬منظمًا‭ ‬يجد‭ ‬كل‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬مناخ‭ ‬الفوضى‭ ‬وغياب‭ ‬الرقابة‭ ‬الأمنية‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭.‬

تكشف‭ ‬متابعة‭ ‬أحداث‭ ‬الحرب‭ ‬الشرسة‭ ‬التى‭ ‬يخوضها‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬العصابات‭ ‬الإجرامية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬منع‭ ‬وصول‭ ‬هذه‭ ‬السموم‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬الوطن‭ ‬أن‭ ‬عمليات‭ ‬جلب‭ ‬وتهريب‭ ‬المخدرات‭ ‬ورائها‭ ‬تنظيمات‭ ‬إجرامية‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬مناخ‭ ‬الفوضى‭ ‬الإقليمى‭ ‬لتعظيم‭ ‬تجارتها‭ ‬الحرام‭ ‬من‭ ‬تصنيع‭ ‬لأنواع‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬المخدرة‭ ‬أو‭ ‬حجم‭ ‬الكميات‭ ‬التى‭ ‬يتم‭ ‬ضبطها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭.‬

عندما‭ ‬يتفشى‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬الإجرامى‭ ‬الذى‭ ‬خلقته‭ ‬الفوضى‭ ‬الإقليمية‭ ‬لايقتصر‭ ‬إنتاجه‭ ‬على‭ ‬نوع‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الجريمة‭ ‬فهذا‭ ‬الحجم‭ ‬من‭ ‬تجارة‭ ‬المخدرات‭ ‬كمثال‭ ‬يتبعه‭ ‬مافيات‭ ‬غسيل‭ ‬الأموال‭ ‬التى‭ ‬تريد‭ ‬عمل‭ ‬غطاء‭ ‬شرعى‭ ‬لهذا‭ ‬المال‭ ‬الحرام‭ ‬مما‭ ‬يتسسب‭ ‬فى‭ ‬آثار‭ ‬مدمرة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطنى‭.‬

لاتقتصر‭ ‬إنتاجات‭ ‬الفوضى‭ ‬الإقليمية‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬الجريمة‭ ‬بكافة‭ ‬أنواعها‭ ‬فهى‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬تدفع‭ ‬الملايين‭ ‬لأن‭ ‬يتركوا‭ ‬بلادهم‭ ‬بسبب‭ ‬حالة‭ ‬الانفلات‭ ‬الأمنى‭ ‬الشديدة‭ ‬وتكون‭ ‬الوجهة‭ ‬الأولى‭ ‬للباحثين‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬فى‭ ‬إقليمنا‭ ‬المضطرب‭ ‬هى‭ ‬مصر‭.‬

بالتأكيد‭ ‬لاتعامل‭ ‬مصر‭ ‬القادمين‭ ‬إليها‭ ‬طالبين‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬بالعزل‭ ‬أو‭ ‬تضعهم‭ ‬فى‭ ‬مخيمات‭ ‬للاجئين‭ ‬بل‭ ‬تعاملهم‭ ‬كضيوف‭ ‬استجاروا‭ ‬بأمنها‭ ‬ولكن‭ ‬اختلاف‭ ‬ثقافات‭ ‬وطبيعة‭ ‬القادمين‭ ‬عن‭ ‬الأرض‭ ‬التى‭ ‬استقبلتهم‭ ‬وشعبها‭ ‬تخلق‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬الاضطراب‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ظهورأنواع‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الجريمة‭ ‬مما‭ ‬يحمل‭ ‬جهاز‭ ‬الشرطة‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬الأعباء،‭ ‬وأيضا‭ ‬فليس‭ ‬كل‭ ‬القادم‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة‭ ‬المضيافة‭ ‬أشخاص‭ ‬أسوياء‭ ‬أو‭ ‬يبحثون‭ ‬فقط‭ ‬عن‭ ‬الأمان‭ ‬فبالتأكيد‭ ‬هناك‭ ‬نسبة‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬يكون‭ ‬لهم‭ ‬تاريخ‭ ‬إجرامى‭ ‬وهذا‭ ‬مايجعل‭ ‬جهاز‭ ‬الشرطة‭ ‬ورجاله‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬يقظة‭ ‬مستمرة‭ ‬وتدقيق‭ ‬لفرز‭ ‬الصالح‭ ‬من‭ ‬الطالح‭.‬

رغم‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬الاستثنائية‭ ‬من‭ ‬الأعباء‭ ‬فى‭ ‬مكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬والتى‭ ‬طرأت‭ ‬نتيجة‭ ‬حالة‭ ‬الفوضى‭ ‬الإقليمية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬المصرية‭ ‬نجحوا‭ ‬فى‭ ‬التصدى‭ ‬لهذه‭ ‬الموجة‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬وهذا‭ ‬يرجع‭ ‬لأمرين‭ ‬تميز‭ ‬بهما‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬ووزارتهم‭ ‬العريقة‭ .‬

الأمر‭ ‬الأول‭ ‬أن‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬المصرية‭ ‬اكتسبوا‭ ‬خبرات‭ ‬غاية‭ ‬فى‭ ‬الأهمية‭ ‬طوال‭ ‬عملهم‭ ‬المضنى‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬وباعتراف‭ ‬كافة‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولى‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬ورجال‭ ‬شرطتها‭ ‬يمتلكون‭ ‬مدرسة‭ ‬أمنية‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬خاص‭ ‬تستطيع‭ ‬مواجهة‭ ‬الجريمة‭ ‬بكافة‭ ‬أنواعها‭ ‬وتطوراتها‭ ‬وهو‭ ‬مايدفع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬بأن‭ ‬تبعث‭ ‬برجال‭ ‬أمنها‭ ‬لكى‭ ‬ينهلوا‭ ‬من‭ ‬علوم‭ ‬هذه‭ ‬المدرسة‭ ‬العريقة‭ ‬والمتطورة‭ ‬

الأمرالثانى‭ ‬أن‭ ‬جهاز‭ ‬الشرطة‭ ‬المصرى‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬يومًا‭ ‬عن‭ ‬التدريب‭ ‬وملاحقة‭ ‬كل‭ ‬ماهو‭ ‬حديث‭ ‬من‭ ‬علوم‭ ‬فى‭ ‬مكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬بشتى‭ ‬أنواعها‭ ‬وتقدم‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬لأبنائها‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬شرطتها‭ ‬كل‭ ‬الدعم‭ ‬والإمكانيات‭ ‬لتحقيق‭ ‬غاية‭ ‬التطور‭ ‬والحداثة‭ ‬فى‭ ‬العمل‭ ‬الشرطى‭. ‬

تبدو‭ ‬التحديات‭ ‬عظيمة‭ ‬والأعباء‭ ‬ثقيلة‭ ‬نتيجة‭ ‬هذا‭ ‬المحيط‭ ‬الإقليمى‭ ‬المضطرب‭ ‬الذى‭ ‬تشتعل‭ ‬فيه‭ ‬نيران‭ ‬الفوضى،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬والأعباء‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأبطال‭ ‬الشرطة‭ ‬المصرية‭ ‬يعتبرونها‭ ‬واجبًا‭ ‬مقدسًا‭ ‬ويرونها‭ ‬ثمنًا‭ ‬قليلا‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬المقابل‭ ‬حماية‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬الذى‭ ‬ينعم‭ ‬بالأمن‭ ‬والطمأنينة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬بتضحيات‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأبطال‭.‬

;