«الحرب على غزة» تسيطر على مهرجانات العالم

لقطة من فيلم افتتاح مهرجان برلين «أشياء صغيرة كهذه»
لقطة من فيلم افتتاح مهرجان برلين «أشياء صغيرة كهذه»

مع كل حدث سينمائى، ورغم تحذيرات وكلاء المواهب، والاستوديوهات من الإعلان عن الموقف السياسى أو التضامن مع أى من الجانبين، الفلسطينى أو الإسرائيلى، يبدو أنه من المستحيل غياب العدوان على غزة وما تتعرض له من إبادة جماعية، عن المشهد أينما كان.

بعض العاملين فى الصناعة استجاب والتزم بالصمت خوفا على مستقبله الفنى، وعقابه بحرمانه من العمل، وهو ما يحدث كثيرا جدا الآن فى أمريكا وأوروبا، والبعض الآخر لم يستمع إلا لضميره، وقرر أن يدافع عن الحق رغم العقوبات التى تم التلويح بها أو تم تنفيذها فعلاً.

الأحد الماضى، نظمت حركة «Let Gaza Live» مسيرة ومظاهرة تضامناً مع فلسطين، فى الشارع الرئيسى ببارك سيتى بولاية يوتا ,حيث يقام مهرجان صندانس السينمائى الأربعون، ويعد الحدث الأهم لصناع السينما المستقلة ليس فى أمريكا فقط ولكن فى العالم، ويقام من ١٨ إلى ٢٨ يناير ٢٠٢٤، شارك فى المسيرة أكثر من مائتى شخص، رفعوا خلالها لافتات تندد بحرب الإبادة التى يتعرض لها الفلسطينيون، وتطالب الرئيس الأمريكى بايدن بالعمل على وقف الحرب فورا.

كُتب على بعض اللافتات «فلسطين حرة»، «الاحتلال جريمة». تعالت الأصوات تهاجم بايدن: «كم طفل قتل اليوم؟».


ووجّهت إحدى المتظاهرات كلماتها لصناع السينما والترفيه: «لماذا أنتم صامتون؟ نحن لا نحتج على صندانس ولكن على تواطؤ وسائل الإعلام الكبيرة وتجاهلها لتغطية هذه الإبادة الجماعية، لقد سئمنا مشاهدة أموال الضرائب التى ندفعها، وهى تقتل وتمزق الأطفال الصغار لأشلاء، عار عليكم أن تقفوا هنا صامتين» وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة «لوس انجلوس تايمز».

انضم لهذه المسيرة بعض صناع الأفلام ونجومها المشاركين فى مهرجان صندانس ومنهم ميليسا باريرا التى يعرض لها فى المهرجان «Your Monster»، رغم استبعادها من بطولة فيلم «Scream 7» عقابا لها على دعمها لفلسطين عبر مواقع التواصل الاجتماعى ووصفها لما يحدث فى غزة بالإبادة الجماعية، وأكدت الشركة المنتجة للفيلم أن باريرا تم طردها لإظهارها الدعم للقضية الفلسطينية، واتهموها بمعاداة السامية والتحريض على الكراهية، وهى التهمة المعدة سلفا لعقاب أى إنسان يتضامن مع فلسطين!

لم تخش باريرا مزيدا من العقاب من استوديوهات هوليوود ومنتجيها، وانضمت للمظاهرة، ووقفت بكامل أناقتها، على كتفيها الكوفية الفلسطينية، تحمل إحدى اللافتات، وتواجه عدسات مصورى الصحف والمجلات الأمريكية بشجاعة، رغم يقينها أنهم على الجانب الآخر من القضية.

كما انضم للمتظاهرين الممثلتان جيسيكا رينولدز وسيمون كيربى المشاركتان فى الفيلم الإيرلندى «kneecap» المعروض بالمهرجان.

فى حديثهما لوس انجلوس تايمز قالت رينولدز «إن فيلمنا يدور حول الاستعمار ولذلك من المهم أن ندعم هذه القضايا مثلما ندافع عنها فى هذا الفيلم، كلنا فلسطينيون». وقالت كيربى إنها «سعيدة بما يحدث فى مهرجان صندانس لأن الفنانين يتعاطفون مع هذه القضايا».

يذكر أن نشطاء ولاية يوتا، جاءوا إلى بارك سيتى مقر المهرجان للمشاركة فى المظاهرة وتأمينها، وقالوا للصحفيين «مهرجان صندانس يحظى باهتمام دولى كبير، لذلك نريد من الحاضرين هنا أن يعرفوا أن ولاية يوتا تقف مع فلسطين»

على الجانب الآخر، اهتمت الصحف الأمريكية ببضعة أشخاص تظاهروا فى نفس اليوم من أجل الإفراج عن الرهائن، وتابعت الصحف الجلسة النقاشية التى أقيمت صباح الأحد فى صندانس برعاية منظمة يهودية حول صورة اليهودى فى الإعلام والسينما ومعاداة السامية.. وأكدت إدارة المهرجان علمها بالتظاهرة المؤيدة لفلسطين وأنه احتجاج سلمى طالبت المشاركين فيه بالحرص على عدم إعاقة حركة المرور أو أنشطة المهرجان، وهو ما حدث.
أزمة الشرق الأوسط فى برلين

ومن صندانس إلى برلين، عقدت إدارة مهرجان برلين مؤتمراً صحفياً أول أمس، أعلنت خلاله عن الأفلام وبرامج ومسابقات الدورة الرابعة والسبعين التى تقام فى الفترة من ١٥ إلى ٢٥ فبراير ٢٠٢٤، وعن إطلاق منصة للحوار بشأن الصراع الدائر فى الشرق الأوسط، وقال رئيسا المهرجان كارلو شاترين وماريت ريسنبيك فى بيان سبق الكشف عن تفاصيل الدورة «إن المهرجان سيكون مكاناً مفتوحاً للنقاش حول أزمة الشرق الأوسط، وأننا نشعر بالقلق إزاء انتشار معاداة السامية والمسلمين وخطاب الكراهية ليس فى ألمانيا فقط ولكن فى العالم كله، وباعتبارنا مؤسسة ثقافية فإننا نتخذ موقفا حازما ضد جميع أشكال التمييز».

وسيقيم المهرجان جلسة نقاشية بعنوان «صناعة الأفلام فى زمن الصراع - آفاق المستقبل».

سيفتتح المهرجان الفيلم «Small Things Like These» لتيم ميلانتس ويتنافس مع ١٩ فيلماً آخر على الدب الذهبى، منها الفيلم التونسى «ماء العين» للمخرجة مريم جبور، تدور أحداثه حول أسرة تونسية تعيش معاناة قاسية بعد انضمام اثنين من أبنائها إلى تنظيم الدولة الإسلامية فى سوريا..

و»شاى أسود» للمخرج الموريتانى عبد الرحمن سيساكو، و»داهومى» لماتى ديوب، و»Architecton» لفيكتور كوساكوفيسكى، وكانت الحرب على غزة قد فرضت نفسها أيضا على المهرجانات التى أقيمت الفترة الماضية منها مهرجان أمستردام الدولى للأفلام الوثائقية ومهرجان ستكهولم الرابع والثلاثون، اللذان أقيما فى نوفمبر الماضى وشهدا نزاعا متبادلا وانسحابات وجدلا كبيرا لم تنجح المهرجانات باحتوائه، لذلك كان من المناسب والمنطقى أن تستعد المهرجانات لتنظيم النقاشات أو احتواء المحتجين حتى تخرج الدورات فى سلام.

أما الأوسكار التى أعلنت ترشيحاتها أمس بعد كتابة هذه السطور، فأعتقد أنها تراقب الموقف الآن بجدية، وربما لن تستطيع تكميم أفواه الحضور بحفلها الذى يقام ١٠ مارس القادم، كما فعلت الجولدن جلوب فى حفلها الذى أقيم ٨ يناير، ونبهت على الحضور بالحرص على أن تكون الليلة خالية من السياسة، الصمت الآن أصبح صعباً، وأنصار الجانبين الفلسطينى أو الإسرائيلى يعدون الصمت خيانة.