فضيحة البريد.. تكشف خلل العدالة فى بريطانيا

فضيحة البريد البريطاني
فضيحة البريد البريطاني

فضيحة وثقب اسود في العدالة البريطانية بدأت احداثها منذ 25 عامًا وتستمر تبعاتها حتى الآن، انفجرت القضية منذ بدايتها بسبب خلل في بيانات انظمة الكمبيوتر والبرمجيات التابعة لمصلحة البريد البريطاني، وبسبب هذا الخلل توجهت أصابع الاتهام سريعً نحو الموظفين والمديرين؛ ليجد مئات الموظفين أنفسهم متهمين بالسرقة والاحتيال والاختلاس في تهم أطاحت بسمعتهم ووظيفتهم وتكبدوا بسببها خسائر نفسية ومادية مهينة بسبب اتهامات زائفة لم تخضع للتحري أو التدقيق، ودارت تلك الاحداث برعاية مجموعة من المحققين الفاسدين ممن حصدوا مكافآت هائلة كلما اتهموا بريئا جديدا.

انفجرت تفاصيل فضيحة البريد البريطاني أو ما يطلق عليه فضيحة هورايزون مؤخرًا؛ لتكشف كمًا هائلا من المعاناة وقصص إنسانية مأساوية حيث تم إرسال عمال البريد إلى السجن وفقد آخرون وظائفهم بالإضافة إلى خسارة سمعتهم ليعجزوا عن الحصول على وظائف جديدة وبالفعل هجر بعضهم منازلهم بعد أن ساءت أحوالهم، وقعت تلك المأساة منذ عام 1999 حيث جرت محاكمة وإدانة المئات من عمال البريد في مكتب البريد المملوك للدولة بتهم خاطئة تتعلق ببيانات حسابات العملاء؛ لتتهمهم بالسرقة والاحتيال بسبب خطأ في البرمجيات أظهر بشكل خاطئ أموال مفقودة من حسابات المودعين، ليقع الظلم على الموظفين ممن قضوا بالفعل بعض الوقت في السجن بينما أفلس آخرون، وتسبب الظلم في تدمير حياتهم وفشل زواجهم وتوفى بعضهم بالفعل قبل تبرئة أسمائهم.

مكافآت هائلة

الجانب الآخر في القضية كشفه تحقيق اجرته جريدة ديلي ميل؛ لتؤكد حصول فريق التحقيق المختص بكشف الاحتيال في مكتب البريد على مكافآت هائلة وآلاف الجنيهات الاسترليني عن كل موظف بريد ينجحون في سجنه، وهو ما شجعهم على إلصاق المزيد من الإدانات للموظفين للحصول على المكافآت والهدايا الباهظة، واعترف احد مديري التحقيقات ويدعى جاري توماس؛ أن خطة الحوافز بما في ذلك «أهداف المكافأة» أثرت على  سلوكه كمحقق لإدانة اكبر عدد ممكن من الموظفين، حيث وصف جاري توماس زملاءه من ضحايا تلك القضية بأنهم محتالين في رسالة بريد إلكتروني إلى أحد زملائه، وقدم أدلة إدانة احد زملائه وهو سعيد بالمكافأة.

يواجه محقق آخر يدعى ستيفن برادشو المزيد من الاتهامات التي تصف تصرفاته كرجل عصابات المافيا بسبب سلوكه المثير للاشمئزاز وانحيازه لاتهام الموظفين دون مبرر أثناء مشاركته في التحقيق الجنائي وحقق مع احد المديرين وهى ليزا برينان، الموظفة السابقة في مكتب بريد في هويتون واتهمها زورًا بسرقة آلاف الجنيهات الاسترليني في عام 2003 واتهمته الموظفة ليزا بسوء معاملتها ومحاولة إجبارها على الاعتراف بالسرقة وهو ما لم ترتكبه إلا أن القضية انتهت بإدانتها.

إهانة وخجل

جانب آخر وهو قصص الضحايا ترويه كارين زوجة مدير مكتب البريد جوليان ويلسون الذي اتهم بسرقة 27 ألف جنيه إسترليني في مكتب البريد الخاص به في أستوود بانك، في عام 2008، وتوفى بعد إدانته عن عمر يناهز 67 عاما قبل أن تتم تبرئته وإلغاء إدانته بعد خمس سنوات، واشارت ارملته كارين؛ أن زوجها كان يفكر في الانتحار بعد وقوع الظلم عليه وهو ما اساء اليه حيث أن مديري وموظفي البريد في جميع أنحاء بريطانيا يتم التعامل معهم كأفراد موثوق فيهم في قلب مجتمعاتهم فهم يتعاملون مع مدخرات من حولهم ومع معاشات المتقاعدين وغيرهم، وحين يتم التعامل معهم كمتهمين يشعرون بالإهانة والخجل بعد خسارة وظيفتهم وخاصة إن كان الامر ظلم فاضح.

تسببت القضية بحالة من الدهشة مما تسبب في ضغوط متزايدة من وسائل الإعلام؛ ليقرر مكتب البريد التحقيق في هذه القضية، لكن رئيسة البريد وقتها باولا فينيلز اكدت للجنة برلمانية؛ أنه لا يوجد دليل على أي ظلم او خلل في العدالة في 2015، وظلت قضية البريد مفتوحة دون عقاب وما أثارها من جديد هو مسلسل درامي يتناول تفاصيل القضية من الجانب الإنساني، حيث لم يتم عقاب اى من كبار موظفي مكتب البريد واستقالت رئيسة البريد فينيلز بعد حصولها على 4.5 مليون جنيه إسترليني من الرواتب والمكافآت خلال فترة ولايتها التي استمرت 7 سنوات فقط، وكشفت التقارير تضخم أموالها بمعدل هائل بمقدار 2.2 مليون جنيه إسترليني خلال فترة عملها.

تعويض الابرياء

دفع تجدد القضية رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الى التعهد بمراجعة القضية ومن المتوقع أن المئات من مديري الفروع المدانين خطأً يمكن أن تتم تبرئة أسمائهم بحلول نهاية العام ولكن تظل المعركة القانونية مستمرة بالنسبة لبعض مديري مكتب البريد بعد أن قدمت الحكومة عرضًا مبدئيًا بتعويض قدره 75 الف جنيه إسترليني فقط لموظفي البريد ممن تعرضوا للظلم؛ لتواجه الحكومة تسويات وتعويضات هائلة بسبب تلك القضية بعد التعهد بإجراء تحقيق مستقل وتحقيق للشرطة في فضيحة من المنتظر أن تضع كبار رجال الأعمال والوزراء السابقين في مرمى النيران.

إقرأ أيضاً : النصب الإلكتروني .. كيف يستهدفك المحتالون ويسرقون معلوماتك الشخصية؟

 

;