..”وراء كل رجل عظيم امرأة” .. جملة تحمل في ظاهرها تقديرًا للمرأة ودورها في نجاح الرجل، ولكنني على العكس أراها جملة عنصرية تعبر عن ثقافة ذكورية خالصة تنتقص من دور المرأة وتجعلها في الخلف دائمًا .. تعيش في ظل زوجها وتعاني النكران ، ولو كان هناك إنصاف وعدل لكانت الجملة “ بجانب كل رجل عظيم امرأة عظيمة تسانده وتدعمه وتدفعه للنجاح”.
وهناك عشرات النماذج التي كانت فيها المرأة سببًا رئيسيًا في النجاح الذي حققه أزواجهن، ونذكر السيدة «مرسيدس»؛ وهى حفيدة مهاجر مصري، تزوجت من الروائي العالمي «ماركيز»، وعاشا في فقر شديد، لدرجة أنه بعد إنجاز مخطوط روايته الأشهر «مائة عام من العزلة» لم يكن لديه مال لإرسالها بالبريد إلى دار النشر، فرهنت «مرسيدس» مصاغها لتوفير تكلفة البريد.. فكان لها الفضل بأن تصبح الرواية الأكثر مبيعاً في التاريخ، ما أهّل ماركيز للفوز بجائزة نوبل للآداب عام 1982.
وهناك أيضا «أليسيا هاريسون»، زوجة عالم الرياضيات الأمريكي «جون ناش»، الذي رغم عبقريته عاش حياته يعاني من متلازمة نادرة، تجعله يتخيل أشخاصًا مسيطرين عليه، وأنّ مؤامرة كبرى تُحاك ضده .. لكن زوجته ساندته، وتفهّمت حالته المرضية والوساوس والأشباح التي تظهر له ، إلى أن حاز جائزة نوبل عام 1994 في الاقتصاد، ويقول الأطباء إنه شُفي تدريجيًا دون أدوية، بسبب الحب والحميمية في علاقته مع زوجته، وهذه القصة الرائعة كانت ملهمة لصناع الفيلم العالمي “العقل الجميل” للنجم راسل كرو.
جميعنا نعرف عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكينج، لكننا لا نعرف شيئًا عن زوجته «جين وايلد»، التي نذرت حياتها لخدمته؛ حيث عانى «هوكينغ» من مرض التصلب الجانبي الضموري، الذي جعله مشلولاً تماماً.
دعم زوجته لم يقتصر على الرعاية الجسدية، بل شمل قراءة المصادر، وكتابة أفكاره، وصياغتها، وحتى مناقشتها، وطباعة كتبه.
الأمر ذاته فعلته الفرنسية «سوزان بريسو»، زوجة الأديب الكبير طه حسين، التي رافقته وخدمته حتى وفاته عام 1973، وأوصلته إلى أرقى مراتب العلم.
وقال عنها عميد الأدب العربي : «كانت صديقتي، وأستاذتي، منها تعلمت الفرنسية، واللاتينية، واليونانية، وتعلمت من أدبها، وكانت تقرأ لي، وتكتب أفكاري».
وحتى في مجال الرياضة هناك زوجات صنعن من أزواجهن أبطالا ، ومنهم الملاكم الأيرلندي “كونور” الذي يتحدث عن دور زوجته في مسيرته قائلا : “نحن معًا منذ 8 سنوات .. كنا نعيش في أيرلندا ، على بعد 30 ميلاً من دبلن في شقة مستأجرة بدون عمل.
لم أكن أعمل لأنني أقضي كل وقتي في التدريب حيث كان حلمي أن أصبح بطلاً.
لقد آمنت بي و على الرغم من قلة المال ، فقد بذلت جهدًا للاعتناء بنظامي الغذائي ، وكان علي أن أتناول طعام الرياضيين.
كانت تعتني بي و تشجعني دائما .. عندما كنت أعود إلى المنزل من تمرين شاق ، بدون طاقة و متعبا ، كانت تقول لي دائمًا “كونور .. أعلم انك تستطيع القيام بذلك وسوف تنجح.”
و الآن أنا أكسب ملايين الدولارات من القتال في مباريات يحضرها بين 50 إلى 70 ألف متفرج.
يمكنني الآن شراء أي سيارة و أي ملابس و أي منزل و مع ذلك لم تطلب مني شيئا .
زوجتي تستحق الأفضل في هذا العالم ، فهي دائمًا بجانبي و تخبرني أنه يمكنني فعل أي شيء.
وصلت إلى مكاني هذا بفضلها ، فهي لم تخذلني أبدًا ، ولم تتركني وحدي أبدًا.