أصل الحكاية| مسجد وسبيل «جنبلاط باشا» منذ عصر المماليك البرجية

مسجد وسبيل جنبلاط باشا
مسجد وسبيل جنبلاط باشا

القاهرة التاريخية مليئة بالروايات والحكايات عن المساجد الأثرية التاريخية ، وذلك لكثرة المساجد فيها، وتضم العديد منها منذ الفتح الإسلامي على يد عمرو بن العاص.

تبرز من بينها المساجد الأثرية بمآذنها التي تشق السماء، كعلامة من أهم معالم العاصمة، لذا لم يكن غريبا أن تلقب القاهرة بـ«مدينة الألف مئذنة».

حكاية مسجد "جنبلاط " :

 "حكاية أثر"، سنتناول واحدًا من تلك الآثار الإسلامية العريقة التي ربما لا يعرف عنها الكثيرون ونتحدث اليوم عن حكاية مسجد "جنبلاط " هو مسجد أثري يحمل رقم (381) بسجلات وزارة الآثار، ويقع بشارع إسماعيل أبو جبل (درب الحجر سابقا) متفرع من شارع بورسعيد قسم عابدين جنوب القاهرة، كما أكده الباحث الآثارى الدكتور حسين دقيل المتخصص فى الآثار اليونانية والرومانية .

تاريخ البناء المبنى مسجد "جنبلاط" :

وكانت تسمية المسجد باسم مسجد جنبلاط؛ موضع خلاف بين الدارسين، فيرى البعض أن الشيخ محمد قرقماس كان يُعرف بين العامة باسم الشيخ جنبلاط ولذلك اشتهر المسجد باسم مسجد جنبلاط، ويرى البعض الآخر أن الأمير جنبلاط الأشرفي قام بتجديد المدرسة سنة (902هـ/ 1496م) فعرف المسجد باسمه؛ حيث كان يشغل موضع هذا المسجد منذ عصر المماليك البرجية مدرسة بناها الشيخ محمد بن قرقماس ، توفي سنة 1477م ، وقد عُرفت المدرسة لدى عامة الناس باسم مسجد جنبلاط.

اقرأ أيضا| صور| رحلة توعوية للفائزين في المسابقة السياحية لأبناء شمال سيناء

نبذه عن المنشئ مسجد "جنبلاط " :

والشيخ محمد بن قرقماس؛ هو محمد بن قرقماس بن عبد الله ناصر الدين الأقمري القاهري الحنفي، ولد بالقاهرة سنة (802هـ/ 1399م)، تفقه في علوم الدين واللغة العربية، وتوفي سنة (882هـ/ 1477م) ودُفن بمدرسته، بعد ذلك أُهمل شأن المدرسة وتخربت بمرور الزمن.

وعن الأمير العثماني :على أغا" :

وفي سنة (1212هـ/ 1797م) قام الأمير العثماني على أغا بتجديد المدرسة وأعاد بناءها مسجدا تقام فيه الشعائر الخمس، والأمير علي أغا كتخدا الجاويشية، كان مملوكا لإبراهيم بك شيخ البلد الذي رقاه وولاه أغا مستحفظان سنة (1192هـ/ 1778م). 

من هو : الأمير علي أغا كتخدا الجاويشية

وفي سنة 1783م انتقل مع إبراهيم بك إلى المنيا بالصعيد أثناء صراعه على السلطنة مع مراد بك، ثم عاد إلى القاهرة بعد تصالح الأميرين، وفي سنة 1791م تقلد الأمير على أغا منصب "كتخدا الجاويشية"  وظل متقلدا منصبه هذا حتى قدوم الحملة الفرنسية سنة 1798م، ثم توفي علي أغا سنة (1215هـ/ 1800م)، وحافظ أثناء التجديد وإعادة البناء على ضريح الشيخ محمد بن قرقماس، والحق بالمسجد سبيل يعلوه مكتبا.

الوصف المعمارى .. "مسجد جنبلاط" :

أما مسجد "جنبلاط "؛ فله واجهة رئيسية هي الواجهة الجنوبية الغربية التي تقع على شارع إسماعيل أبو جبل وبها مدخل المسجد ويقع في الطرف الغربي منها ويعلو دخله الباب عقد منائي ثلاثي بسيط، وعلى يسار المدخل تقع واجهة السبيل، ومساحة المسجد مستطيلة مقسمة إلى ثلاثة أروقة موازية لجدار القبلة بواسطة بائكتين تتكون كل بائكة من ثلاثة عقود مدببة ترتكز على عمودين مستديرين من الرخام في الوسط وعلى الجدران في الجانبين. 

يتوسط جدار القبلة محراب مجوف تعلوه طاقية فوقها عقد مدبب ويكتنف المحراب من كل جانب عمود مثمن من الرخام، ويعلو المحراب اللوحة التأسيسيّة للمسجد وتاريخ تجديده وإعادة بنائه سنة (1212هـ/ 1797م) على يد الأمير على أغا كتخدا الجاويشية، وقد قامت لجنة حفظ الآثار العربية سنة 1900م بتثبيت البلاطات الخزفية بعد تعرضها للتساقط، وجددت زخارف تجويف المحراب، والبلاطات الخزفية في هذا المسجد يرجع تاريخ صنعها إلى القرن السابع عشر؛ جُلبت من عمائر سابقة وأعيد استخدامها فيه.

وعن ضريح " الجنبلاط" :

أما الضريح فيشغل الركن الشرقي للمسجد وهو حجرة مكشوفة بها تركيبة تعلو قبر الشيخ محمد بن قرقماس مكتوب عليها: "الشيخ محمد الجنبلاط"، ويُشرف الضريح على رواق القبلة من خلال شباكين. 

الرواقان الأول والثاني من ناحية جدار القبلة مسقوفان بسقف من الخشب خال من الزخارف ويتوسط سقف الرواق الثاني شخشيخة للإضاءة والتهوية، الرواق الثالث مسقوف ببراطيم خشب وخالي من الزخارف.

السبيل "جنبلاط " :

يقع السبيل في الركن الغربي للجامع على يسار المدخل الرئيسي وواجهته مقوسة (نصف دائرية) وبها ثلاثة شبابيك للسبيل (الشرب)، وهو على الطراز العثماني الوافد الذي يتميز به السبيل ب 3 شبابيك مغطاة بالمصبعات المعدنية.. كما ان الكتاب الذي يصعد اليه بسلم حجري للدور الثاني وله 3 شبابيك.. ويظهر مبني السبيل والكتاب علي شكل نصف دائرة.

وذكر علي مبارك المسجد في خططه بأنه: "بشارع درب الحجر من ثمن درب الجماميز بجوار منزل راغب باشا، بناؤه بالحجر الآلة على هيئة شكل مستطيل، وله بابان عن يمين القبلة وشمالها وبه أربعة أعمدة من الرخام عليها بوائك معقودة من الحجر تحمل سقفا من الخشب النقي، وفي قبلته ترابيع القيشاني. 

وله منبر من الخشب الخرط ودكة للتبليغ ومئذنة وميضأة وأخلية ومستحم وبئر وبجواره سبيل يعلوه مكتب ويملأ من الخليج الحاكمي زمن فيضان النيل بواسطة مجراه، وهذا المسجد أنشأه مدرسة الشيخ محمد بن قرقماس في القرن التاسع وله به قبر عليه مقصورة من الخشب، ويعرف بين العامة بالشيخ جنبلاط، ولذا اشتهر الجامع بجامع جنبلاط ثم جدّده الأمير إبراهيم بك المعروف بشيخ البلد، وجدد بجواره السبيل والمكتب سنة ألف ومائتين وعشرة وعلى وجه السبيل أبيات تتضمن ذلك، وهو مقام الشعائر تحت نظر الشيخ عبد الله بن أحمد بتقرير تحت يده ".

مئذنة مسجد "جنبلاط " :

وتوجد مئذنة المسجد على يسار المدخل قاعدتها مرتفعة تعلوها دورة متعددة الأضلاع متوجه بمقرنصات تحمل الشرفة، تليها الدّورة الثانية وهي أقصر من الأولى وتعلوها قمة مخروطية. 

تجديد مسجد "جنبلاط " :

في سنة 1797م (1212هـ) قام الأمير على أغا بتجديد المدرسة وأعاد بناءها جامعا تقام فيه الشعائر الخمس.