فضائل شهر رجب

الشيخ محمود حجازى إمام وخطيب بوزارة الأوقاف
الشيخ محمود حجازى إمام وخطيب بوزارة الأوقاف

الحمدلله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين.. فلقد سمى رجب بعدة أسماء منها

رجب: لأنه كان يرجب فى الجاهلية، أى يعظم،  وسمى بالأصب: لأن كفار مكة كانوا يقولون: إن الرحمة تصب فيه صبًا.

 وسمى بالأصم: لأنهم كانوا يتركون القتال فيه، فلا يسمع فيه قعقعة السلاح، ولا يسمع فيه صوت استغاثة.

اقرأ أيضاً| تطعيم 21193 شخصًا للقضاء على البلهارسيا فى الغربية

وسمى بالمعلى: أعلى سهام الميسر الذى يحدد الأنصبة عندهم، فيقولون لفلان: السهم المعلى، وسمى بذلك لكونه رفيعًا عندهم فيما بين الشهور.

 وسمى بالمقيم: لأن حرمته ثابتة لم تنسخ، فهو أحد الأشهر الأربعة الحرم،  وسمى بالهرم: لأن حرمته قديمة من زمن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

 وسمى برجم: لأن الشياطين ترجم فيه، أى تطرد، وسمى بالمبرئ: كانوا فى الجاهلية يعدون من لا يستحل القتال فيه بريئًا من الظلم والنفاق.

 وسمى بشهر العتيرة: لأنهم كانوا يذبحون فيه العتيرة، وهى المسماة الرجبية، نسبة إلى رجب.

وكلمة رجب جاءت من الرجوب بمعنى التعظيم ،وشهر رجب هو أحد الشهور العربية الإسلامية الهجرية القمرية، وكلمة «رجب» من مادة الترجيب بمعنى التعظيم، ولعل السِّر فى هذه التسمية هو ما كانوا يَخصون به هذا الشهر من تعظيم وتوقير ويُسَمَّى رجب برجب الحرام وذلك لأنه أحد الشهور الأربعة الحرام، أى التى يُحَرَّمُ فيها القتال، وذلك أمر كان مُتعارفًا ومشهورًا منذ عهد بعيد، وقد ذكر القرآن الكريم الأشهر الحرم فى قوله تبارك وتعالى فى سورة التوبة: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِى كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ).

وهذه الأشهر الحُرُم هى ذو القِعْدة وذو الحِجَّة والمُحَرَّم ورجب، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : «ألا إِنَّ الزمَان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حُرُم، ثلاثة متواليات» «ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذى بين جُمَاَدَى وشعبان». ويُسَمَّى شهر رجب برجب الفرد وذلك لأنه مُنفرد عن الشهور الثلاثة الباقية من الأشهر الحُرُم الأربعة؛ لأن ذو القعدة وذوالحجة والمُحَرَّم تأتى تِباعًا وتمر مُتوالية بعضها وراء بعض ولكن رجب يأتى بعد ذلك بخمسة شهور، هى صفر وربيع الأول وربيع الآخر وجُمادى الأولى وجمادى الآخرة. ويُسَمَّى شهر رجب «رجب مضر».

وقد جاء فى بعض الأحاديث: «رجب مُضر الذى بين جُمادى وشعبان» وإنما أضيف الشهر إلى مضر؛ لأن قبيلة مضر كانت تُعظِّم هذا الشهر وتصون حُرمته، فكأنها اختُصت بهذا الشهر. وفى شهر رجب كانت معجزة الإسراء والمعراج، وهى المعجزة الكبرى التى اختص الله بها نبيه محمدًا عليه الصلاة والسلام.

وشهر رجب وتعظيمه ثابت بغض النظر عن درجة الأحاديث الواردة فى فضائله، سواء كانت صحيحة أو ضعيفة أو موضوعة فيجب علينا تعظيم هذا الشهر من خلال كثرة التقرب إلى الله تعالى بالعبادات الصالحة؛ من صلاة، وصيام، وصدقة، وعمرة، وذكر، وغيرها، فالعمل الصالح فى شهر رجب كالأشهر الحرم له ثوابه العظيم.

نسأل الله أن يجعلنا ممن يعظّمون حرماته ويلتزمون بسنة النبى صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا إنه على كل شيء قدير وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.