«أحلام الغد» تُجسد كفاح الشعب الفلسطيني

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتبت: هاجر علاء عبدالوهاب

يتجسّد نضال الشعب الفلسطيني ضد المحتل الغاشم فى لوحة «أحلام الغد»، وحين نراها نشعر كأننا نقرأ قصة كفاح هذا الشعب الصامد، فعندما يتعامل الفنان مع حدث ضخم أو قضية مصيرية، لا بد أن ينتج عملا ملحميا مثل هذه اللوحة التى يمكن اعتبارها سجلا بصريا مكثفا يختصر تاريخ فلسطين المعاصر ويجسد نضال شعبها من أجل التحرّر.

ويعتبر الفنان الراحل إسماعيل شموط، المؤسس الفعلي لحركة الفن التشكيلي الفلسطيني، ولا يمكن قراءة لوحاته من دون ربطها بالقضية التى كانت الدافع لهذا الإبداع الذى يطبع كافة أعماله.

وكل من يتأمل لوحاته سيدرك أنه قرأ مجلدًا ضخمًا يعكس قدرته الفائقة على الحكى الدرامى والتصوير التعبيرى الذى لا ينقصه الصدق أو الإحساس القوى، ففى كل أعماله نلمس حنينا جارفا إلى الوطن والزمن الجميل وحلمه بالعودة للماضى والأحلام المؤجلة للغد.

فى لوحته «أحلام الغد» يربط الفنان بطريقة بارعة بين مكونات وعناصر القضية الفلسطينية المادية والمعنوية فى وقت واحد، يحرص على توثيق عناصر الأرض والشعب والطيور والأزهار لتعبر عن مفاهيم الحرية والأمل ولتأكيد حق العودة والحياة الكريمة لشعب شُرِّد من أرضه وقاسى مرارة التهجير القسرى عن وطنه ووطن أجداده.

رسم الفنان الجزء الأساسى من اللوحة الذى يمتد على مساحة كبيرة منها على هيئة فتاة مستلقية يشكل جسدها خريطة فلسطين كاملة ليؤكد البعد التاريخى للأرض، وأنه لا يزال يعتريه الأمل والحلم بأن تكون فلسطين وطنا لكل أبنائها الذين شُرِّدوا منها.

◄ اقرأ أيضًا | مرصد الأزهر يثمن جهود وقف انتهاكات الكيان الصهيونى ضد الشعب الفلسطيني

والملاحَظ فى اللوحة أن الفنان قد رسم فتاة بثوب أبيض من التراث الفلسطينى تحتضن أبناءها بيديها، تحمل حمامتى سلام من جانب وتمسك براية المقاومة يلفها العلم الفلسطينى من الجانب الآخر في مشهد عاطفى يحمل رموز القضية التى يوثقها الفنان.

في تفاصيل هذا المشهد يلفت الانتباه دقة التفاصيل التى أكدها الفنان في اللوحة، فنلاحظ أنه رسم قبة الصخرة باللون الأحمر فى الجزء العلوى المطرّز فوق صدر الفتاة وحول عنقها وقد كتب فيها كلمات «الحب، الخير، الصبر، العدل»، فى إشارة واضحة لموضوع اللوحة، بالإضافة إلى إدراجه عددًا كبيرًا من مدن وقرى فلسطين.

إن كل من يتأمل تفاصيل هذه اللوحة لا يمكن إلا أن تتردد فى أذنيه وفى وجدانه بطريقة لا إرادية، ومن مكان ما فى خلفية المشهد، تلك الأغانى والأناشيد الحماسية التى تتحدث عن الارتباط بالأرض ومقاومة الغاصب المحتل.

وتحتل الألوان البيضاء والحمراء والخضراء كامل بناء اللوحة تقريبا. وكل هذه الألوان تبدو ساطعة، قويّة، مدهشة ومثيرة للمشاعر برموزها ودلالاتها المتفردة والعميقة.

إن إسماعيل شموط لا يسجّل فى لوحاته نكبة الشعب الفلسطيني ومسيرة نضاله الطويلة فحسب، بل يحاول من خلالها تعزيز الشعور بالعزة والكرامة والانتماء للوطن وإشعال جذوة الأمل فى نفوس شعب يواجه القمع والتهجير والتصفية فى كل يوم.