انطلاق الانتخابات البرلمانية في بنجلادش وسط دعوات المعارضة بالمقاطعة

 الانتخابات البرلمانية في بنجلادش - صورة من أ ف ب
الانتخابات البرلمانية في بنجلادش - صورة من أ ف ب


يدلي الناخبون في بنجلادش بأصواتهم، اليوم الأحد 7 يناير الجاري، في اقتراع يُرجّح بأن تفوز فيه رئيسة الوزراء الشيخة حسينة بولاية خامسة بعدما قاطعته أحزاب بينها حزب المعارضة الرئيسي الذي وصفته بـ"المنظمّة الإرهابية".

شهدت بنجلادش، الدولة الثامنة في العالم لجهة عدد السكان (نحو 170 مليون نسمة) والتي كانت تعاني فقرا مدقعا، نموا اقتصاديا قويا تحت قيادة حزب رابطة عوامي الذي تتزعمه حسينة. لكنّ الحكومة واجهت اتهامات بانتهاكها مرات عدة حقوق الإنسان وقمعها المعارضة بأساليب عنيفة.

ولا يواجه حزب رابطة عوامي أي معارضين تقريباً في الدوائر الانتخابية التي يتنافس فيها، لكنّه أحجم عن تسمية مرشحين في عدد منها، كي لا يُعتبر البرلمان أداة يتحكّم بها حزب واحد.

اقرأ أيضًا: مواقف المسجد النبوي.. بنية تحتية وأنظمة حديثة خدمات الوصول بالمسجد النبوي

ودعا الحزب القومي البنجلادشي الذي شهدت صفوفه موجة اعتقالات واسعة إلى إضراب عام نهاية الأسبوع وحضّ السكان على عدم المشاركة في ما وصفها بانتخابات "زائفة".

لكن حسينة (76 عاما) دعت المواطنين للاقتراع تعبيرا عن إيمانهم بالعملية الديمقراطية.

وقالت للصحافيين بعد الإدلاء بصوتها "الحزب القومي البنجلادشي منظمة إرهابية" مضيفة "أبذل قصارى جهدي لضمان استمرار الديققراطية في هذا البلد".

تدلّ أولى المؤشرات على أن نسب المشاركة ستكون منخفضة، رغم التقارير الواسعة عن لجوء السلطات إلى تكتيكات الترغيب والترهيب لتعزيز شرعية الاقتراع.

وبعد ساعتين على بدء التصويت، أدلى 111 شخصا فقط بأصواتهم من نحو 4200 ناخب مسجّل في مركز اقتراع في غرب دكا، وفق ما أفاد المسؤول المشرف عليه براشون جوسوامي فرانس برس.

وقال شهريار أحمد (32 عاما) الذي يعمل في جمعية خيرية لفرانس برس "لست مهتما على الإطلاق بالمشاركة في هذه المهزلة.. أفضّل البقاء في المنزل ومشاهدة الأفلام".

وذكر بعض الناخبين بأنهم تلقوا تهديدات بمصادرة بطاقات الإعانات الحكومية الخاصة بهم والتي تُعد ضرورية للحصول على مساعدات اجتماعية، في حال رفضوا التصويت لحزب رابطة عوامي.

وقال لال ميا (64 عاما) الذي أدلى بصوته في منطقة فريدبور في وسط البلاد لوكالة فرانس برس "قالوا لي إنهم سيصادرون بطاقتي في حال لم أصوّت.. قالوا إنّ علينا التصويت لصالح الحكومة لأننا تعيلنا".

نظّم الحزب القومي البنجلادشي وغيره من الأحزاب احتجاجات تواصلت على مدى شهور العام الماضي للمطالبة بتنحي حسينة قبل الانتخابات.

واعتقلت السلطات نحو 25 ألف معارض بينهم جميع القادة المحليين للحزب القومي في إطار حملة أمنية أعقبت الاحتجاجات، بحسب الحزب. وأفادت الحكومة من جانبها باعتقال 11 ألف شخص.

وخرجت احتجاجات صغيرة ومتفرّقة في الأيام التي سبقت الانتخابات، لتذكّر بمئات الآلاف الذين تظاهروا العام الماضي.

وأعلنت الشرطة الأحد أنها أطلقت النار في مدينة شيتاجونج لتفريق تظاهرة للمعارضة شارك فيها حوالي 60 شخصا أغلقوا طريقا احتجاجا على الانتخابات، مؤكدة عدم سقوط أي ضحايا.

تفيد لجنة الانتخابات بأنه تم نشر حوالي 700 ألف شرطي وعنصر من قوات الاحتياط إلى جانب حوالي 100 ألف من عناصر القوات المسلحة للمحافظة على النظام خلال الاقتراع.

وستبقى صناديق الاقتراح مفتوحة حتى الساعة 17,00 بالتوقيت المحلي (11,00 ت غ) فيما يتوقع صدور النتائج بعد منتصف الليل.

انتخابات صورية


لطالما هيمنت المنافسة بين حسينة، ابنة مؤسس للبلاد، وخالدة ضياء، وهي زوجة مسؤول عسكري سابق تولّت رئاسة الحكومة مرّتين، على المشهد السياسي في بنجلادش.

وحققت حسينة انتصارا حاسما منذ عادت إلى السلطة عام 2009 إثر انتخابات حققت فيها فوزا كاسحا وتخللتها مخالفات واسعة واتهامات بالتزوير.

أدينت ضياء (78 عاما) بالفساد عام 2018 وتخضع حاليا للعلاج في مستشفى في دكا فيما يتولى نجلها طارق رحمن قيادة الحزب القومي مكانها من منفاه في لندن.

وقال لوكالة فرانس برس إن حزبه وعشرات الأحزاب الأخرى رفضت المشاركة في انتخابات نتائجها "محسومة سلفا".

خطير

اتهمت الشيخة حسينة حزب بنجلادش القومي المعارض بإشعال حرائق وبأعمال تخريب خلال احتجاجات قتل فيها عدد كبير من الأشخاص في مواجهات مع الشرطة.

تم السبت توقيف سبعة أعضاء في أحزاب معارضة على خلفية سلسلة حرائق شهدتها قطارات في دكا في اليوم السابق. ونفى الحزب القومي تورطه فيها مطالبا بتحقيق دولي.

ولطالما اتُّهمت قوات الأمن الحكومية بتنفيذ عمليات قتل غير مشروعة والتورط في حالات اختفاء قسري، وهو أمر تنفيه.

وفرضت الولايات المتحدة، أكبر سوق لصادرات بنجلادش، عقوبات على وحدة من الشرطة والقادة التابعين لها.

أدت الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد إلى عدم الرضا في أوساط كثيرين عن حكومة حسينة بعد ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية وانقطاع الطاقة لفترات طويلة عام 2022.

وأثار بقاء الأجور على حالها في قطاع صناعة الملابس الذي يساهم في حوالي 85 في المئة من صادرات البلاد السنوية البالغ قدرها 55 مليار دولار اضطرابات في القطاع أواخر العام الماضي أضرمت النيران خلالها في بعض المعامل فيما أغلقت مئات المصانع الأخرى.

وقال بيار براكاش من مجموعة الأزمات الدولية إنّ شعبية حكومة حسينة "تراجعت عمّا كانت عليه قبل بضع سنوات، لكن الخيارات الانتخابية الفعلية أمام البنجلادشيين محدودة"، وهو ما اعتبره "مزيج يمكن أن يكون خطيرا".