حصاد 2023 العدوان على غزة | هل كتب شهادة وفاة «النظام الدولي»؟

نزوح جماعي من شمال القطاع
نزوح جماعي من شمال القطاع

مع نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 كان على العالم البحث عن طريقة لتنظيم الجهود بما يمنع تكرار هذه المأساة ومن هنا نشأ التنظيم الدولى بشكله الحالى من خلال منظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها وفى مقدمتها الجمعية العامة ومجلس الأمن بهدف رئيسى هو الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.

وعلى مدار السنوات التالية شكك الكثيرون فى فعالية التنظيم الدولى وقدرته على تحقيق أهدافه وتكرر الحديث عن ضرورة إصلاح المنظمات الدولية إلا أن ما يجرى فى حرب غزة يطرح العديد من التساؤلات حول جدوى الجمعية العامة ومجلس الأمن وهل يمكن اعتبار عام 2023 عام النهاية للتنظيم الدولى بعدما كتبت جرائم الاحتلال فى القطاع شهادة وفاته؟

اقرأ أيضاً| ارتفاع عدد قتلى الاحتلال إلى 501 جندى فى كمائن القطاع

وطوال 3 أشهر من المجازر والانتهاكات التى ترقى إلى الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل يوميا على مرأى ومسمع من العالم وعلى الهواء مباشرة، وقفت المنظمات الأممية مثل الصحة العالمية واليونيسيف والأونروا وغيرها عاجزة عن القيام بدورها الحقيقى ولم تتمكن من إجبار المجتمع الدولى على وقف العدوان وتحولت قرارتها إلى حبر على ورق.

وفى 27 أكتوبر تبنت الجمعية العامة قرارها الأول حول غزة والذى دعا إلى «هدنة إنسانية» وأيده 121 دولة من أصل 193 وصوتت 14 دولة ضده فى حين امتنعت 44 دولة عن التصويت. وفى 12 ديسمبر، صوت أكثر من ثلاث أرباع أعضاء الجمعية العامة لصالح وقف فورى إنسانى لإطلاق النار وحظى القرار بتأييد 153 دولة فى المقابل صوتت 10 دول فقط من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد القرار فيما امتنعت 23 دولة عن التصويت. وتظل قرارات الجمعية غير ملزمة رغم وزنها السياسى الذى يعكس الإرادة العالمية.

وبالنسبة لمجلس الأمن فقد تبنى قراره الأول فى منتصف نوفمبر والذى دعا إلى «هدنة إنسانية عاجلة وممتدة» وأيدته 12 دولة من أصل 15 عضوا بالمجلس فى حين امتنعت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن التصويت بحجة فشله فى إدانة طوفان الأقصى كما امتنعت روسيا بسبب فشله فى المطالبة بوقف إطلاق النار. 

وفى ظل الأوضاع الكارثية بالقطاع فعَّل السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش فى 6 ديسمبر المادة 99 من ميثاق المنظمة والتى تتيح له «لفت انتباه» مجلس الأمن إلى ملف «يمكن أن يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر». وهذه هى المرة الأولى التى يستخدم فيها جوتيريش هذه المادة منذ توليه منصبه فى 2017 كما أنها المرة الأولى منذ عقود التى يجرى فيها تفعيل المادة. وفى 8 ديسمبر، استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو مما أفشل الجهود لتمرير مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار لدواع إنسانية. 

وفى 22 ديسمبر، اعتمد المجلس بأغلبية 13 عضوا قرارا مخففا بشأن توسيع المساعدات الإنسانية إلى غزة ومراقبتها، لكن دون اعتماد النص الخاص بتعليق فورى «للعمليات العدائية» فى حين امتنعت الولايات المتحدة وروسيا عن التصويت.

ورغم أن الأمم المتحدة لا تملك سوى التحذيرات والمطالبات التى لا تجد صدى على أرض الواقع إلا أن الاحتلال يريد أن يخرس أى صوت ينادى بحقوق الفلسطينين. ومن هنا شنت إسرائيل هجوما شرسا على جوتيريش بسبب تصريحه فى أكتوبر الماضى الذى قال فيه إن هجمات حماس لم تأت من فراغ فى ظل معاناة الفلسطينيين كما أنها لا تبرر لإسرائيل القتل الجماعي. وطالبت إسرائيل جوتيريش بالاستقالة واعتبرت أنه ليس أهلا للمنصب كما عرقلت إصدار التأشيرات للعاملين فى المنظمات الأممية.