أحداث وفعاليات بارزة فى مسيرة العمل الوطنى

الانتخابات الرئاسية مشهد عبقرى وحقبة جديدة فى مستقبل مصر

 مسيرة «أسرة طلاب من أجل مصر» للدعوة للمشاركة الايجابية للانتخابات الرئاسية
مسيرة «أسرة طلاب من أجل مصر» للدعوة للمشاركة الايجابية للانتخابات الرئاسية

كتب: محمود بسيوني

جسد عام ٢٠٢٣ علامة فارقة فى مسيرة العمل الوطني بمختلف مساراته واتجاهاته بما شهده من أحداث وفعاليات بارزة ومؤثرة يأتى على رأسها الانتخابات الرئاسية التى شكلت حقبة جديدة فى مستقبل مصر بعدما رسمت شكلًا جديدًا للديمقراطية التى كانت مبنية على التنافس الحقيقى على المقعد الرئاسى بين بعض الاحزاب السياسية.

كما شكلت جلسات واجتماعات الحوار الوطني انطلاقة جديدة للحوار السياسي فى الجمهورية الجديدة لاسيما أنه شهد طرح قضايا وطنية مهمة وموضوعات حساسة لم يسبق مناقشتها فى السابق على الإطلاق فى ندوات ومؤتمرات عامة. وفى الاطار نفسه يأتى الدور المصري المهم فى أحداث منطقة الشرق الأوسط، لعل أبرزها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية حيث مثلت مصر مركزاً سياسيًا واستراتيجيًا مهمًا فى معادلة توازن القوى بالمنطقة.

أدرك الشعب المصري أنه فى سباق غير معلن مع الزمن، خصوصًا فى ظل التوترات الكبيرة التى تحيط بالمنطقة، فخرج للادلاء بصوته فى الانتخابات الرئاسية 2024 وسط اختبار حقيقى للديمقراطية الجديدة التى تمر بها مصر، وظهرت نسب مشاركة المصريين المرتفعة داخل صناديق الاقتراع ليؤكد أنه حريص على بناء مستقبل بلاده. 

رسمت الانتخابات الرئاسية 2024 شكلًا جديدًا للديمقراطية التى كانت مبنية على التنافس على مقعد رئيس الجمهورية بين أحزاب لديها تواجد فى الشارع السياسى، وتمثل الطيف السياسى المصرى من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وأن تسود أجواء المعركة الاحترام المتبادل بين المرشحين، وكان النقد للسياسات وليس للأشخاص، وهى عملية مهمة من أجل تعميق التجربة وتعكس الجدية المطلوبة فى أداء المرشحين. 

مشاركة الشباب الكبيرة

تُعد مشاركة الشباب الكبيرة رسالة واضحة من جيل الشباب على «نضجه السياسي»، وفهمه للتحديات الوطنية التى سيكون لهم اليد العليا فى حلها، وتعد مؤشرًا إيجابيًا لمستقبل مصر التى تشكل فئة الشباب الأكثر وعيًا بتحديات وطنه، هو المحرك الأساسى فى معادلة التقدم والازدهار.

سعت القيادة السياسية منذ «2014» إلى تمكين الشباب ودمجهم فى الحياة السياسية وفتح المجال لبناء الكيانات الشبابية، ودعم زيادة الوعى والثقافة السياسية لدى جيل الشباب،  وهو الأمر الذى كان سببًا فى اندفاع شريحة كبيرة من الشباب للمشاركة فى الاستحقاق الانتخابى الأبرز 2024 لاختيار رئيسهم، فكان إقبال الشباب على الحضور فى الانتخابات الرئاسية معبرًا حقيقيًا لفهم هذا الجيل لحجم المسؤولية، وإيمانه بدوره فيما يمكن اعتباره بمرحلة «إثبات الذات» للجيل الجديد وتعبيراً عن رغبة أكبر فى التفاعل والبناء. 

المشهد العبقرى الذى ميّز التجربة المصرية عن غيرها، وهو إعلان المرشحين قبول النتيجة وتهنئة المرشح الفائز، ثم اللقاء بين الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسي ومنافسيه حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهورى، وفريد زهران رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، وعبدالسند يمامة رئيس حزب الوفد، وهو مشهد له دلالاته الإيجابية على جدية المشهد، وتوفير الإرادة لإنجاح التجربة. 

الإحساس الجمعى بأثر التحديات المتعددة وتأثيرها على الدولة وصل إلى جموع المصريين، ودفعهم إلى التفكير فى الاستحقاق الانتخابى بشكل مختلف، وهو وأن فى الانتخابات سلاحا للدفاع عن البلد وعما تحقق من إنجاز، وهو دفاع مستحق عن الحاضر والمستقبل، فى ظل صراع دولى حاد يحتاج إلى رؤية ثاقبة تنجو بمصر من فخ الاستقطاب، وأنَ تحتفظ مصر بحيادها ومصالحها المشتركة مع الجميع. 

الشعب المصري يتمتع بذكاء فطري، اكتسبه من التعامل المستمر مع الشدائد، والعمق الحضارى الممتد لجذور ذلك الشعب على تلك الأرض، وارتباطه العميق ببلاده وهو ما يمكنه من الفرز والتمييز بين ما يفيدها وما يضرها، وهو أمر رأيناه حينما تحرك لإزالة حكم الإرهابية فى ثورة 30 يونيو، ودعوته للقوات المسلحة من أجل النزول وحماية إرادته، ثم تحدى الظروف من أجل استكمال بناء الجمهورية الجديدة على أساس عقد اجتماعى جديد قوامه الدفاع عن مدنية الدولة، ومنع التمييز بين المواطنين، وبناء أساس ديمقراطى سليم يسمح بالتنافسية وضمان التغيير المستمر.

أسباب الاقبال الكثيف

الإقبال الكثيف للمشاركة فى الانتخابات الرئاسية، يؤكد وعى المواطنين بالخطر المحيط بمصر والمتغيرات الإقليمية، وفى مقدمتها العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة التى تحمل تهديدات للأمن القومى المصرى والقضية الفلسطينية على حد سواء، وتحديات عالمية مختلفة على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية التى تؤثر على العالم ككل ومن بينه مصر، مما يزيد من أهمية المشاركة فى اختيار القيادة التى تستطيع مجابهة هذه المخاطر والتحديات خلال السنوات الست المقبلة، بما يحفظ أمن مصر واستقرارها. 
ختامًا، إنَّ مصر أصبحت مقبلة على خريطة سياسية جديدة مبنية على نتائج الانتخابات الرئاسية 2024، فنحن أمام انفتاح من جانب مؤسسات الدولة على أحزاب أكدت تواجدها، وحصلت على أصوات مقدرة، مثل الشعب الجمهورى والمصرى الديمقراطى الاجتماعى والوفد.