بقلم واعظة

راسخون كالجبال

ياسمين عبد الفضيل محمود منطقة وعظ الشرقية
ياسمين عبد الفضيل محمود منطقة وعظ الشرقية

اتجهت أنظارُ العالمِ كلِّه من عجمٍ ومن عربٍ، وأنكروا فعلَ بنى صهيون إذ عاثت فى الأرض فسادًا، وكان عُلُوُّها واستكبارُها حقًا هو الكربُ العظيم.

بِتْنَا نتساءلُ عن جرائم بنى صهيون.. أهو العلوُّ الموصوفُ من ربى فى القرآن الكريم: «ولَتَعلُنَّ علوًا كبيرًا»، أم ننتظرُ منهم ما هو أشدُّ وأقسى.. وما هو أمرُّ وأنكى؟. 

إننا نرى بعيونٍ مِلؤها الانكسار ويعتصرُها الألمُ والحُزن.. نرى إخواننا فى ظل هذه الحرب يذوقون العذاب ألوانًا، حتى جُثثُ الشهداء لم تسلم من الأذى، ولم تَنَل أبسطَ حقوقها من الدفن ومواراتِها بالتراب، أشلاءٌ متناثرة، وجثامينُ مُمَزَّقة، وأخرى التهَمتْها المحرقة. 
أشلاءٌ .. لا يُعرفُ أصحابُها، لكن عزاءَنا أن الله يعرفُهم.

ومن بقيَ من أهلِ غزةَ حيًّا لم يسلم من عاهةٍ أو تشويهٍ من جراء الحرب، ومن سلِمَ من القتل والتشويه لم يسلم من اعتقال وتغييبٍ عن الأهل والأوطان، ومن سَلِمَ من الرصاص والقذائف أصابهُ ما أصابَ القومَ من فقدِ حبيبٍ أو قريبٍ.

إنهم الأبطالُ الراسخون، لم تعلُ أصواتُهم إلا بالحمد عند اشتداد البلاء، هل ينتظر إخوانُنا من عدوهم رحمةً؟ كلا، إنهم لا يرجون إلا رحمة الله ولا يخشون إلا عذابَه .. والذين قضوا نحبهُم منهم يُعرضون على الجنان غدوًّا وعشيًّا. 

تساءلتُ فى ألمٍ كيف يتمنى أطفالُهم هُدنة، وكيف سيُعاودون مواجهةَ الشعور بالأسى والفقد والموت المُباغت القاسى بكل وحشيةٍ.

وجدتُ الإجابةَ: هُم الصفوة، فكم شاهدنا من أطفالٍ حُبِسُوا أسرى، ولم نشهد بأعينهم سوى الإباء، ونظراتُهم مُلِئَت يقينًا بالله صادقِ الوعد .. حقًّا هُم الأحرار.. هم الأبطالُ الراسخون.

إننا لا نملك إلا أن نشهد لكم بأنكم صِرتُم للإيمان مثالًا، وللرضا عُنوانًا، فجزاكم اللهُ عنا خير الجزاء، فقد بِتُّم لنا قدوةً وأسوةً حيَّةً يسمعُها ويُشاهِدُها الأجدادُ والآباءُ والأولاد.

أنتم الأبطال.. الراسخون كالجبال.. الفائزون بحول الله لا محال.