توافق عربى على مقترح منع توريد السلاح لإسرائيل

السفير عبدالله الرحبي سفير سلطنة عمان بالقاهرة: نؤمن بدور مصر المحوري في محيطها العربي

السفير عبدالله الرحبى خلال حواره مع الكاتبين الصحفيين «أسامة عجاج - عمر عبدالعلي»
السفير عبدالله الرحبى خلال حواره مع الكاتبين الصحفيين «أسامة عجاج - عمر عبدالعلي»

يمتاز الحوار مع السفير عبدالله الرحبي سفير سلطنة عمان فى القاهرة بالمتعة فهو يجمع بين (قدرات الصحفي) حيث وصل فى هذا المجال إلى رئاسة مجلس إدارة وتحرير أهم إصدار فى السلطنة ويعتز بأنه من خريجى آداب القاهرة وينحاز إلى دار أخبار اليوم بعد أن حصل على جائزة مصطفى وعلى أمين لتفوقه الدراسى وتزين صورته فى حفل التكريم مكتبه وبين (تمكن الدبلوماسي) الذى زادته سنوات عمله فى العديد من العواصم وآخرها فى القاهرة والتى تقترب من العامين تألقا وخبرة.

فهو محور نشاط لا ينقطع، وفود معنية بالملفات، العلاقات الثنائية بين البلدين وآخرها المشاركة فى أنشطة الجامعة العربية المختلفة وعلى كافة الأصعدة.. عندما ذهبنا إليه كان من الطبيعى أن تفرض أحداث العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والتطورات الأخيرة فى المنطقة على مائدة الحوار مع السفير عبدالله الرحبى سفير سلطنة عمان بالقاهرة ومندوبها الدائم فى الجامعة العربية. وإلى نص الحوار.

 إفلات إسرائيل من العقاب وراء استمرار عدوانها على غزة 

 شاركت بفاعلية كمندوب لسلطنة عمان فى الجامعة فى الاجتماعات الوزارية التى تم عقدها بخصوص العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وحتى القمة العربية الإسلامية.. نريد أن نتعرف منك على حقيقة ما جرى فى الكواليس؟
- كما هو معروف فإن تداعيات العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والجهد السياسى الذى تم بذله أوصل الأمور إلى الاتفاق على عقد مؤتمر القمة العربية التى تحول إلى عربى إسلامى وتأجيل القمة العربية الأفريقية وهى فى الأساس قمة تنموية بعد أن طغت عليها الأحداث فى فلسطين وخاصة قطاع غزة ولم يرد الإخوة فى السعودية أن يكون هناك خلط فى هذه القمة التى تم تأجيلها إلى موعد آخر والتى خرجت بنتائج مهمة منها الإشادة بالدور المصري، بالفعل مصر دورها مهم جدًا وتاريخى فى القضية الفلسطينية وكل القضايا العربية، والسلطان الراحل قابوس بن سعيد قال إن مصر لم تتوان يوما ما فى نصرة القضايا العربية وهذا هو نهج مصر، ومصر لها سياسة نقدرها جميعا والرئيس عبدالفتاح السيسى منذ اليوم الأول يحاول بقدر الإمكان أن يحد من هذه الحرب ولعبت مصر دورا كبيرا فى استضافة مؤتمر السلام وفتح المعبر بشرط أساسى لدخول المساعدات الإنسانية مقابل خروج الأجانب من غزة وهذا القرار المصرى ساعد إلى حد كبير فى وصول المساعدات للأشقاء فى فلسطين، ومصر تشهد لقاءات مستمرة منها المعلن ومنها غير المعلن محاولة إيقاف هذه الحرب المجنونة الحرب الظالمة، حرب الإبادة التى تقوم بها إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال وسعدنا بنجاح مصر مع دولة قطر فى موضوع تبادل الأسرى وأيضا الضغط على إسرائيل والمجتمع الدولى فى استمرار عملية السلام لحل الدولتين، نحن نعتقد فى عمان أنه لا يمكن حل القضية الفلسطينية إلا بالاستقرار والأمن.

 كأحد المشاركين فى تغطية أعمال القمة العربية الإسلامية لمست وسمعت من العديد من كبار المسئولين العرب عن مدى الجهد العمانى والمشاركة الفعالة وتقديم مقترحات فهل هذا نهج عمانى جديد؟
على العكس فالتاريخ يثبت أن سلطنة عمان دائما تسعى للوقوف مع الأشقاء من الدول العربية ونحن جزء من هذا العالم نأسى لما يحدث عند الآخر كما أننا نحاول دائما أن نسهم فى خلق مساحات للسلام والأمن والحوار بين البلدان المختلفة سياسيا خاصة عندما يتحول الأمر دائما إلى حرب والتى لا تحل المشكلات وموقف عمان واضح وصريح حيث جاء فى خطاب السلطان هيثم منذ اللحظة الأولى بتواصله مع الرئيس عبدالفتاح السيسى والتنسيق مع الأمين العام للأمم المتحدة لحث الأمم المتحدة للعب دور فى إيقاف هذه الحرب ولأهمية فتح المعابر ومرور المساعدات الإنسانية وخاصة الأدوية والأشياء التى شهدت نقصا حادا ثم تواصل مع جمهورية إيران الإسلامية الصديقة كما كان هناك تواصل خلال هذه الفترة من قبل السلطان مع الرئيس الأمريكى بايدن أكثر من مرة كما كان هناك نشاط مكثف وتواصل بين وزير الخارجية بدر بن محمد البوسعيدى مع نظرائه سواء العرب أو الأجانب وتصريحاته واضحة ومعلنة تحمل رؤية عمان تجاه هذه القضية وعكس ذلك فى الاجتماع الوزارى الطارئ الذى تم استضافته فى مقر الأمانة العامة للجامعة العربية الذى دعت إليه فلسطين 11 أكتوبر الماضى كأول اجتماع عربى الذى ترأسه الشيخ خليفة الحارثى وكيل وزارة الخارجية للشئون السياسية نيابة عن وزير الخارجية العمانى وكلمة عمان كانت واضحة وصادقة المعنى وواضحة المعالم.

 نعود إلى الرؤية العمانية التى أسهمت فى صياغة البيان الختامى للقمة العربية التى عقدت مؤخرًا؟
- عمان كأى دولة حريصة على أن يكون أى قرار قابلا للتنفيذ، سلطنة عمان طالبت بمحاسبة إسرائيل على ما قامت به من خلال المنظمات الدولية ومحكمة العدل الدولية، ومن ضمن الأشياء أيضا التى طالبت بها سلطنة عمان والتى طرحت فى القمة منع توريد السلاح لإسرائيل وهو مقترح عمانى خالص ولاقى قبولا من الجميع وتم تضمينه فى البيان الختامى للقمة، أيضا طالبت سلطنة عمان من جميع الدول التى لم تعترف حتى الآن بدولة فلسطين أن تعترف بها.

تجميد إجراءات التطبيع

 سلطنة عمان كانت من الدول التى خطت خطوات فى اتجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل وفى الأزمة الأخيرة كان موقفها حاسما تجاه مواجهة العدوان الإسرائيلى كيف نفهم هذا؟
سلطنة عمان لها تجربة قبل أى مبادرات وقبل ما نسمع ما يتم من الدول العربية حاليا من مبادرات سواء فى التطبيع أو غيره.. عمان استضافت مركز أبحاث المياه بعد اتفاقية أوسلو مباشرة لتنشيط وتشجيع عملية السلام والوعد بحل الدولتين دولة فلسطينية قائمة على قرارات الأمم المتحدة على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية.. وكانت هناك محاولات السلطان الراحل قابوس بن سعيد، الذى استضاف رؤساء ووزراء إسرائيليين بحثا عن حل للقضية الفلسطينية وإحياء مفاوضات السلام وعودة المفاوضات وكان آخرها 2019 وزيارة نتنياهو إلى عمان والالتقاء بالسلطان والحوار حول أهمية عودة المفاوضات لبدء استكمال عملية السلام وقبل هذا اللقاء بأسبوع كان لقاء السلطان الراحل قابوس بن سعيد مع الرئيس الفلسطينى، ثم جاء أيضا فتح مكتب التمثيل التجارى الإسرائيلى فى عمان.. لكن مع الانتفاضة الفلسطينية فى عام ٢٠٠٠ وما شاهدناه أنه لا رغبة للسلام عند الإسرائيليين توقفنا مع كل شيء وأرى أن أى تقارب مع إسرائيل لابد أن يخدم القضية الفلسطينية فى المقام الأول بمعنى التطبيع مقابل السلام ثم جاءت المبادرة العربية ومحاولات متعددة وقرارات أممية كلها ضربت بها إسرائيل عرض الحائط ثم جاءت الحكومة اليمينية المتطرفة التى تقوم بهذا الفعل الإجرامى ضد الشعب الفلسطينى وتقتل الأطفال والنساء والشيوخ وأعداد الشهداء كل يوم فى ازدياد حيث تجاوز أكثر من 19 ألف شهيد وتدمير المنازل على رءوس أصحابها وتدمير أهوج لا يراعى كافة القوانين المعمول بها دوليا والتى تنظم الحروب وإسرائيل تجاوزت كل الاعتبارات الإنسانية فى الجرائم التى ترتكبها فى غزة ولعل آخر القرارات فى هذا المجال عدم السماح للطائرات الإسرائيلية بالعبور من الأجواء العمانية.

مقاومة وليس إرهابا

 فى بداية الأزمة نجحت إسرائيل فى ترويج رواية اتهام جماعات المقاومة الفلسطينية بممارسة الإرهاب ووجد ذلك صدى لدى جهات عربية فهل لديك تعليق على هذا الأمر؟
هذه مغالطة كبيرة وهى اتهام المقاوم أنه إرهابى تحت أى بند يتم إطلاق هذا المفهوم لابد أن يحدد مصطلح الإرهاب بالشكل الصحيح والسليم ويعرف تعريف صريح، كلنا ضد الإرهاب لكننا ماذا نتوقع خلال 75 عاما من الفلسطينيين أصحاب الأرض حيث فقدوا الأمل.. وغزة من 17 عاما وهى فى سجن كبير يشربون المياه المختلطة بالمجارى ومن حين لآخر تأتى الطائرات والصواريخ الإسرائيلية لقتل الأبرياء والأطفال وتجويع الشعب الفلسطينى ماذا نتوقع من هؤلاء الناس هل مطلوب منهم أن يكتفوا أيديهم؟ هل مطلوب منهم أن يستقبلوا الطائرات والصواريخ الإسرائيلية بالورود؟

التوجه للمحكمة الدولية

 متى فى اعتقادكم يتم وضع حد لآلة القتل الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى والتى وصلت إلى عدوان غير مسبوق بعد السابع من أكتوبر؟
- أعتقد أن هذا الأمر لابد أن تتم محاسبة إسرائيل على تلك الجرائم وأقولها وبصراحة شديدة إسرائيل أفلتت من العقاب وأنها مدركة أنها سوف تفلت من العقاب الآن ومستقبلا لوقوف حكومات وراءها، وقد تقدمت العديد من الدول الأعضاء فى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة إسرائيل لأن الإفلات من هذا الأمر سوف يجعل إسرائيل تستمر فى عمليات القتل والتشريد وفى هذا النهج، وسوف تتجاوز الفلسطينيين فيما بعد، أى دولة تفلت من العقاب فى مثل هذا الفعل الشنيع، أعتقد أن المجتمع الدولى اليوم أصبح مدركا تماما ما يشهده الشعب الفلسطينى من ظلم وعدوان.

 بعض التقارير تتحدث عن وجود تشابه بين نكبة 48 ونكبة 2023 هل تعتقد فى ذلك؟
إسرائيل هى الدولة القائمة بالاحتلال لديها عمل ممنهج مبنى على تاريخ.. أقولها نكبة 2023 هى أشد وحشية من نكبة 48.. لأن الأخيرة لم يكن فيها تصوير أو متابعة للرأى العام العالمى.. لكن نكبة 2023 شديدة ولم يسبق لها مثيل فى القتل والتشريد وهدم المنازل ضد شعب يدافع عن أرضه.. يقولون إنه رد فعل لخطف المدنيين الإسرائيليين.. أقول إن تعاليم الدين الإسلامى لا تسمح بقتل الأطفال ولا النساء ولا الشيوخ لكن الدين اليهودى يسمح بقتل الأطفال والوارد فى تلمودهم والذى تطبقه الحكومة المتطرفة حاليا هو نفسه تعاليم دينهم القائم على أساس «أقتل الطفل حتى لا يبقى عدوا لإسرائيل مستقبلا».. أنا أقول بالعكس أن الطفل الذى نجى من القتل سيكون أشد عداوة لإسرائيل.. ماذا نتوقع من الطفل الذى قتلت أمه وأبوه وإخوانه ولم يجد فى هذا العالم إلا نفسه ولم يجد من يحنو عليه وعمره 10 سنوات.. لقد شاهد العالم كله هؤلاء الأطفال الأبرياء.. لكن أوجه تحية تقدير لهذا الشعب الصامد فى وجه آلة القتل الإسرائيلية الذى يقول فى مواجهة هذا العدوان (سنموت لكن هناك من يظهر من أولادنا وأحفادنا ويحرر أرضنا)، أى دولة تخلصت من الاحتلال وتخلصت من هذا الطغيان كان من خلال النضال، والشعب الفلسطينى أراد ألا تصل الأمور إلى هذا الأمر وإلى تلك الدرجة ووافق على حل الدولتين.. ووافق على مبادرة السلام، ذهب إلى أسلو، إلى مدريد وهم يصيحون أنهم محبون للسلام ويريدون العيش فى دولتين متجاورتين وكانت النتيجة مزيدا من المذابح والحصار والاعتداءات والعدوان المتكرر.

وساطة ناجحة

 الجهد العمانى فى ملف العلاقات بين مصر وإيران هل لنا أن نتعرف على المزيد فى هذا المجال؟
- عمان دائما تسعى من منطلق أننا جزء من هذا العالم إلى استقرار المنطقة فقد كان هناك إسهام للسلطنة فى التعامل مع العديد من الأزمات التى احتدمت خلال الـ 20 سنة الماضية، والسلطنة مؤمنة أن أى خلاف لابد أن يحل بالحوار وظهر هذا فى الأزمة اليمنية الذى تم تخصيص وحدة فى وزارة الخارجية للتعامل معها وإتمام الوساطة بين أطرافها وقد كان لها إسهامات مهمة فى ظل حالة الهدوء على صعيد العمليات العسكرية. وفيما يخص العلاقات بين مصر وايران فقد بدأت الأمور تأخذ منحنى إيجابيًا من خلال زيارة السلطان هيثم بن طارق مايو الماضى إلى مصر ولقائه بالرئيس عبدالفتاح السيسى للبحث عن كيفية عودة العلاقات بين جمهورية مصر العربية وإيران والموقف العمانى واضح على قناعة بأن التقارب بين البلدين يصب لمصلحة المنطقة كلها وعكس ذلك توجه السلطان هيثم بعد انتهاء زيارته إلى مصر إلى إيران مما ساهم فى التقارب بين القاهرة وطهران وسبق ذلك لقاء وزيرى خارجية البلدين فى مصر وإيران مما سهل عملية التقارب السياسى والدبلوماسى وهناك تطور كبير فى هذا الجانب وأعتقد أنه سوف يتم تبادل زيارات فى المرحلة المقبلة كما أن هناك تقاربا مصريا كبيرا مع الجانب التركى على غرار الأمر مع إيران، وكما تشاهدون تسارع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران والأخيرة تعتقد أنها جزء من هذه المنطقة ولها مصالح مشتركة وتسعى من أجل مصالحها ونحن فى عمان مع استقرار العلاقات بين كل دول الإقليم.

العلاقات المصرية العمانية 

 لعل سؤالنا الأخير عن مدى ما وصلت إليه العلاقات المصرية العمانية على كافة الأصعدة؟
- العلاقات العمانية المصرية هى علاقات متجذرة وممتدة عبر التاريخ واحتفلنا بها العام الماضى بمناسبة مرور خمسين عاما عليها من الجوانب الدبلوماسية الحديثة لكن نحن من خلال الوثائق التاريخية فإن العلاقات المصرية العمانية تتجاوز3500 عام وهذه العلاقة لم تشهد يوما ما أى تراجع بل تزيد يوما بعد يوم، عمان تؤمن بدور مصر المحورى فى محيطها العربى ويكفى أن السلطان هيثم بن طارق زار مصر مايو الماضى وكانت الزيارة الأولى لدولة عربية خارح نطاق مجلس التعاون الخليجى والمباحثات الثنائية بين السلطان وأخيه الرئيس عبدالفتاح السيسى كانت ثنائية وناجحة وزار خلال الزيارة العاصمة الإدارية الجديدة وأبدى إعجابه بها وتنمى الخير لمصر.

والتواصل مستمر بين السلطان هيثم بن طارق والرئيس عبدالفتاح السيسى والتشاور دائم حول مجمل الأحداث التى تمر بها المنطقة العربية وهذا جزء من التنسيق المستمر بين قيادة البلدين، كما هناك مزيد من التشاور المستمر حول مختلف القضايا الإقليمية والعربية.