«الشعب الملهم والمُعلِّم»

النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب
النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب

شهدت الانتخابات الرئاسية إقبالًا غير مسبوق، واحتشدت اللجان بطوابير الناخبين الذين أثبتوا مدى وعيهم السياسي، وأدركوا أن من واجبهم - قبل أن يكون حقهم- المشاركة فى هذه الانتخابات المفصليّة، لوضع أسس الجمهورية الجديدة، فى عُرس احتفالى أثبت فيه المصريون أنهم شعب مُلهِم، يعلّم العالم معنى الوطنية والانتماء.

إنها لحظة كنا نترقبها منذ 10 أعوام، عندما بدأ مشروع إصلاح الدولة المصرية، ووضع أسس دولة مدنية حديثة تقوم على المشاركة، وأن يكون للمواطن صوت مسموع بها.

أبهر هذا «الشعب المُعلِّم» العالم فى الثلاثين من يونيو، رفض حكم قوى الاستبداد والظلام، واستنهض قواه ونزل بالملايين لاقتلاع هذه القوى الشريرة من جذورها، وها هو شعبنا العظيم ينزل بالملايين إلى اللجان، لكى يُرى المُرجفين والمتآمرين أن المصريين عازمون على استكمال مشوار البناء والتنمية. 
ومن المسلّم به أنه قد تؤدى التحديات الداخلية والخارجية فى الدول، إلى عزوف المواطنين عن المشاركة، ولكن فى مصر دفعت هذه التحديات المواطنين إلى الالتفاف حول دولتهم، فى هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ منطقة الشرق الأوسط.

ولهذه المشاركة الكثيفة عدة دلالات مهمة، تتمثل فى أن مشاركة المصريين تزداد كلما ارتفعت وتيرة التهديدات المحيطة بوطنهم، كما حدث فى انتخابات 2014، والتى حققت نسبة مشاركة قياسية بلغت 47.45%. غير أن نسبة التصويت فى الجولة الانتخابية فاقت كل التوقعات، وحطمت ذلك الرقم القياسى بنسبة قد تصل إلى 62%.

وهذا الأمر، دفع المستشار أحمد بندارى، مدير الجهاز التنفيذى للهيئة الوطنية للانتخابات، إلى القول فى تصريح له إن «الهيئة لم تطبع 67 مليون بطاقة اقتراع، وطبعت نحو 70% فقط من هذا العدد، تم توزيعها على المحافظات وفقًا لنسب الكتل التصويتية».

لكن الكثافات العالية للمواطنين أمام اللجان، كشفت حسب قول المستشار بندارى، عن «ضرورة تغيير استراتيجية الهيئة فى توزيع البطاقات على اللجان».
ولقد صدق المستشار حازم بدوي، رئيس الهيئة، عندما قال إن العنوان العريض لهذه العملية الانتخابية، هو «وداعًا للسلبية، ولم يعد هناك ما يسمى حزب الكنبة»!

وهناك بعض الملاحظات الصغيرة، التى لا تقلل أبدًا من الجهد الكبير، ومن بينها، ضرورة تطبيق نظام التصويت الإلكترونى للمصريين فى الخارج، واستكمال البنية الرقمية للمنظومة الانتخابية من أجل توفير ضمانة إضافية لتصويت الوافدين فى أى لجنة.

المشاركة الكبيرة فى الانتخابات الرئاسية، أصبحت حديث العالم من خلال التقارير التى بثتها مختلف وسائل الإعلام ووكالات الأنباء المحلية والعربية والعالمية.

وكان من الطبيعى أن تُبرز الصحف ووكالات الأنباء الإقبال التاريخى من جانب المواطنين، حيث أشارت صحيفة «لوموند» الفرنسية فى تقريرٍ لها، إلى «توافد المصريين بشكل كثيف على صناديق الاقتراع لصنع مستقبل مصر».

وسلّطت وكالة أنباء «شينخوا» الصينية الضوء على الإقبال الكبير من المصريين فى الانتخابات الرئاسية، مشيرة إلى أنه «لوحظ اصطفاف المواطنين أمام اللجان الانتخابية منذ بدء عملية التصويت».

أثبت المصريون أصالة تجربتهم الديمقراطية، وأنهم مصممون على صنع مجد دولتهم، وعازمون على استكمال المشوار خلف قيادتهم السياسية الحكيمة، من أجل هدفٍ واحد يجمعهم، هو مصر.