المدمن.. أنهى حياة مسئول بمصحة العلاج قبل نقله إليها

الضحية
الضحية

آمال‭ ‬فؤاد‭ ‬

 المدمن العنيد ينكر دائمًا أن لديه مشكلة مع المخدرات، وبالتالي تجده يرفض أن يتهمه احد بالإدمان، أو حتى مجرد الحديث عن هذه السموم، ويهرب من أي مواجهة تكشف معها إدمانه للمخدرات، أو على اقصى تقدير ربما يهرب من المصحة التي يعالج فيها؛ ولكن أن يعد سلاحًا وينتظر الشخص الذي تم تكليفه من المصحة لنقله اليها لعلاجه ويقتله، هذا ما حدث في الواقعة التي بين أيدينا؛ مشرف بإحدى المصحات النفسية والتعافي من الإدمان، لجأت اليه أسرة شاب مدمن لينقل نجلهم الى المصحة التي يعمل بها ليتلقى العلاج اللازم ويتعافى من لعنة الإدمان التي بسببها يعرض اسرته للكثير من المشكلات والمواقف المحرجة مع الآخرين فضلا  عن تصرفاته المشينة مع والديه، ولكن الابن المدمن رفض الذهاب مع الفريق المكلف بنقله الى المصحة؛ واطلق الرصاص على المشرف حتى سقط قتيلا على يد هذا الشاب الذي حطم عقله السم الذي يتعاطاه، كيف دارت الاحداث؟ وكيف استقبل والد المجني عليه وعائلته  خبر وفاة ابنهم؟وما هي الكواليس التي كشفت عنها والدة المجني عليه وزوجته؟، تفاصيل مثيرة نسردها لكم في السطور التالية.

المجني عليه في هذه الواقعة يدعى محمد محمود ماضي «39 سنة» وشهرته محمد ماضي، شاب في مقتبل العمر يقيم  بمساكن عاشور ببهتيم، في الماضي كان هو الآخر مدمنًا لكنه أصر على التعافي من هذه السموم قبل خمس سنوات، كانت لديه الارادة فذهب إلى المصحة بقدميه، وقال لهم بملء الفم؛ «أنا مدمن ساعدوني حتى اتعافى من هذه السموم واعود شابًا صالحًا لنفسي وبلدي»، حتى تعافى محمد ماضي واصبح يعمل مشرفا في المصحة التي عالجته، محمد متزوج ولديه خمسة أبناء اكبرهم 22 سنه معروف عنه الشهامة والجدعنة وحسن الخلق يعاون ويساعد كل من يستعين به من أهالي وشباب منطقته والمناطق الأخرى من المدمنين الذين يرغبون في العلاج والتعافي من وحش الإدمان، ولأنه يحب عمله بشدة، لم يفكر أو يخطر بباله يوما أن هذا العمل الذي يحبه ويتفانى فيه لأجل مساعدة الآخرين ممن انحرفوا نحو طريق الإدمان بإرادتهم يكون السبب في إزهاق روحة، أن يتلقى طلقة في بطنه تودي به، وعقب سماع الاب خبر مقتل نجله سقط مصابًا بجلطة في القلب أودت بحياته هو الآخر حسرة على فقدان ابنه.

قبل الجريمة

                         المتهم

قبل الواقعة بيومين ذهبت والدة وخال المتهم الى المجني عليه في عمله وطلبوا منه أن يساعدهم في علاج المتهم؛ بسبب شجاره المستمر معهم والتعدي عليهم كي يعطوه الأموال عنوة لشراء المخدرات، ولان أسرة المتهم كانوا على معرفة سابقة بالمجني عليه لانه كان المشرف على علاج ابن خالة المتهم من الإدمان حتى تعافى وخرج في أحسن صحة وأفضل حال، ويسمعون عنه من الجيران والمعارف أنه يساند كل من يستعين به من أهالي المنطقة لعلاجه من الإدمان وبسببه تعافى الكثيرين على يديه؛ طلبوا منه الذهاب الى منزلهم لنقل نجلهم لم يتوقع أو يشك لحظة واحدة في أي خطر سوف يواجهه من قبل هذا الشاب، لانه كان يتردد على المصحة لزيارة ابن خاله طوال فترة علاجه وعلى معرفة بالمجني عليه أيضا.

يوم الجريمة

صباح يوم الجريمة، توجه المجني عليه إلى عمله كعادته، وعقب وصوله قام بمهام عمله المعتاد عليه داخل المصحة، اتصل بزوج شقيقته الذي يعمل سائقًا بالمصحة وطلب منه تجهيز السيارة للذهاب الى منزل المتهم وتواصل مع فرق العمل الذي ينقل الحالات المرضية من المدمنين من منازلهم؛ توجه محمد فور ذلك الى منزل المتهم، وعقب وصوله وفريق العمل وجد المتهم يتشاجر مع أهله، واقسم لهم أنه لن يذهب مع مشرف المصحة لتلقي العلاج، كما أن المتهم بدأ يتشاجر ايضا مع الفريق الذي ينقله، فقام المجني عليه بتهدئة الامر وطلب من فريق النقل التوقف عن الشجار، حاول أن يتحدث مع المتهم بهدوء ولكن المتهم لم يعطه الفرصة وحاول التعدي عليه رافضًا الذهاب معه الى المصحة لتلقي العلاج، وبدأ الناس تتزاحم  على أصوات الشجار، وأثناء ذلك دخل المتهم الى غرفته وخرج بعدها حاملا سلاحا ناريا «فرد خرطوش» وظل يهدد المجني عليه وفريق المصحة، ودون سابق انذار فوجئ المجني عليه بطلق عيار ناري في بطنه حتى سقط غارقا في دمائه على مرأى ومسمع الجميع بالمنطقة وفور ذلك قام بعض أهالي المنطقة بنقل المجني عليه إلى مستشفى وادي الطب بمركز بهتيم لمحاولة اسعافه.

بلاغ

 تلقت الأجهزة الأمنية بقسم ثان شرطة بهتيم بلاغا من مستشفى وادي الطب، بمقتل شاب على يد آخر أثناء محاولة نقل المجني عليه المتهم  الى إحدى المصحات النفسية للعلاج والتعافي من الإدمان، انتقل فريق مباحث القسم الى المستشفى محل البلاغ؛ تبين من المعاينة المبدئية أنه شاب على مشارف الأربعين مصاب بطلق ناري من «فرد خرطوش» بالبطن وهو في حالة حرجة، ناقش فريق البحث الأهالي الذين نقلوه الى المستشفى وأكدوا أن المجني عليه كان يقوم بعمله وأن المتهم مدمن مخدرات رفض الدخول الى المصحة لتلقي العلاج، انتقل بعدها فريق البحث إلى مسرح الجريمة واستمع رجال المباحث إلى أقوال شهود العيان وفرغوا كاميرات المراقبة المحيطة بمكان الحادث، والقي القبض على المتهم الذي يدعى عصام.25 سنة، تحرر محضر بالواقعة، وأحيل المتهم الى النيابة في البداية انكر وادعى أن أحد فريق العمل هو الذي اطلق العيار الناري على المجني عليه، وعقب تضييق الخناق عليه ومواجهته بكاميرات المراقبة اعترف بارتكابه الواقعة، بعدها استمعت النيابة الى زوجة المجني عليه التي اكدت أن زوجها مات متأثرًا بجراحه إثر اطلاق المتهم النار عليه وتسبب في استئصال أجزاء من المعدة لكنه توفى بعدها متأثرا بإصابته، أمرت النيابة العامة بحبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات،ووجهت اليه تهمة القتل العمد.

الام

  والدة‭ ‬الضحية‭ ‬خلال‭ ‬حديثها‭ ‬مع‭ ‬أخبار‭ ‬الحوادث

توجهنا إلى منزل المجني عليه، كانت الزوجة والأم وأفراد عائلته في حالة حزن شديدة على  مقتل الشاب، والمؤلم عندما علمنا أن الأب أصيب بجلطة في القلب عقب سماع خبر مقتل نجله وتوفى بعدها متأثرًا بحزنه.

قالت الأم سعديه سيد حسن 67 سنة:»انا راح مني ابني وزوجي في غمضة عين، مصيبتي كبيرة وربنا يصبرني على اللي انا فيه، ابني كان هو السند لينا ولأولاده، والناس كلها في بهتيم  بتبكي عليه، ساعد  اكثر من 7 أشخاص في الشارع عندنا وقدر يخلصهم من الإدمان، ابني ماكنش بيتأخر على حد ابدا، لغاية ما أسرة المتهم استعانوا بيه حتى يعالج ابنهم من ادمان مخدرات، ولما المتهم شافه قاله انت جاي علشان تخدني المصحة أنا مش هتعالج ومش هروح وهموتك وفعلا ضربه بطلقة خرطوش في بطنه، بعدها زوجي جتله جلطه في الحال ومات متحملش الصدمة حسبنا الله ونعم الوكيل».

أما زوجة المجني عليه ام محمود 40 سنة قالت:»زوجي  كان بيشتغل في مصحة  نفسية وراح  شهيد عمله ولقمة عيشه، كان رايح يأخذ مدمن علشان يتعالج من الإدمان بعد ما اتصلوا واستعانوا بيه أهله علشان يعالجه، لكن المتهم ماكانش عايز يتعالج حسبنا الله ونعم الوكيل فيه، خرب بيتنا ودمر حياتنا، انا لا اعمل ومعنديش معاش ومع الأسف زوجي لم يكن مأمن عليه».

وأضافت الزوجة؛ محمد مات متأثرًا بإصابته البالغة بعد اكتر من 3 شهور ومن مستشفى لأخرى دفعنا خلالها 135 ألف جنيه، لحد ما مات، مات علشان كان عايز يعالج واحد مدمن وهو رافض العلاج».

وقالت شقيقة المجني عليه عبير  محمود:»فوجئنا كلنا بمكالمة تليفونية من زوج اختي الذي يعمل سائقا بنفس المصحة وأحد أفراد فريق العمل، ابلغنا بالخبر المشئوم مفيش حد فينا كان مصدق اللي حصل، اخويا من صغره شايل المسئولية وعمره ما زعل من حد، ليه يحصل فيه كده، احنا عارفين ان حقههيرجع له»

وقال شقيق المجني عليه أحمد محمود «28 سنة»: اخويا الكبير كان سند لينا كلنا والناس كلها كانت بتحبه،حاول انقاذ انسان من لعنة الإدمان،وكانت نهايته على يد هذا المدمن».

إقرأ أيضاً : الإعدام لابن العمة «الغدار» .. يذبح ابنة خاله بعد فشله في اغتصابها


 

;