عصير القلم

اخرجوا من بلادنا

أحمد الإمام
أحمد الإمام

‭..‬منتهى‭ ‬البجاحة‭ ‬أن‭ ‬يصرخ‭ ‬المغتصب‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬صاحب‭ ‬الدار‭ ‬ويأمره‭ ‬بالخروج‭ ‬من‭ ‬داره‭ ‬وعدم‭ ‬الاقتراب‭ ‬منها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬ويهدده‭ ‬بالموت‭ ‬والحرق‭ ‬لو‭ ‬حاول‭ ‬ازعاجه‭ ‬أوالمطالبه‭ ‬بعودة‭ ‬حقه‭ ‬المسلوب‭.‬

هذا‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬وتفعله‭ ‬إسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬75‭ ‬سنة‭ ‬،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬اغتصبت‭ ‬أراضي‭ ‬وبيوت‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وبنت‭ ‬عليها‭ ‬دولتهم‭ ‬البغيضة‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬تمارس‭ ‬أبشع‭ ‬صور‭ ‬القمع‭ ‬والوحشية‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

والعجيب‭ ‬انهم‭ ‬يرتكبون‭ ‬المجزرة‭ ‬تلو‭ ‬الاخرى‭ ‬ويتظاهرون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬انهم‭ ‬هم‭ ‬الضحية‭ ‬في‭ ‬منطق‭ ‬عجيب‭ ‬لا‭ ‬يصدر‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬عقلية‭ ‬سادية‭ ‬مريضة‭ ‬مشبعة‭ ‬حتى‭ ‬الثمالة‭ ‬بالأفكار‭ ‬الصهيونية‭ ‬العنصرية‭ ‬،‭ ‬ويكفي‭ ‬ما‭ ‬قالته‭ ‬جولدا‭ ‬مائير‭ ‬رئيسة‭ ‬وزراء‭ ‬اسرائيل‭ ‬السابقة‭ ‬عندما‭ ‬قالت‭ : ‬‮«‬لن‭ ‬نغفر‭ ‬للعرب‭ ‬انهم‭ ‬أجبرونا‭ ‬على‭ ‬قتل‭ ‬أطفالهم‮»‬‭!!.‬

وبنفس‭ ‬المنطق‭ ‬المختل‭ ‬تتعامل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مع‭ ‬الهجمات‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬قواتها‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬وتهدد‭ ‬وتتوعد‭ ‬بالعقاب‭ ‬وكأنها‭ ‬ليست‭ ‬قوات‭ ‬دخيلة‭ ‬اقتحمت‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بلا‭ ‬استئذان‭ ‬وانتهكت‭ ‬سيادتها‭ ‬واستقلالها‭ ‬وأقامت‭ ‬لنفسها‭ ‬قواعد‭ ‬عسكرية‭ ‬تمثل‭ ‬شوكة‭ ‬دامية‭ ‬في‭ ‬ظهور‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وقاعدة‭ ‬انطلاق‭ ‬لهجماتها‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬نظام‭ ‬حاكم‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬سرب‭ ‬العم‭ ‬سام‭ ‬وتتعارض‭ ‬سياساته‭ ‬مع‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬كتبت‭ ‬عليها‭ ‬ثرواتها‭ ‬النفطية‭ ‬والغازية‭ ‬وموقعها‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬دائما‭ ‬وأبدا‭ ‬مطمعًا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتخلى‭ ‬عنه‭ ‬أو‭ ‬تسمح‭ ‬لأحد‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬الكبرى‭ ‬مثل‭ ‬الدب‭ ‬الروسي‭ ‬أو‭ ‬التنين‭ ‬الصيني‭ ‬بمد‭ ‬قدميها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬أو‭ ‬تقليص‭ ‬مساحة‭ ‬النفوذ‭ ‬الأمريكي‭ ‬بها‭.‬

وتحضرني‭ ‬هنا‭ ‬حالة‭ ‬العداء‭ ‬والكراهية‭ ‬التي‭ ‬سادت‭ ‬المجتمع‭ ‬الامريكي‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عربي‭ ‬أو‭ ‬مسلم‭ ‬عقب‭ ‬هجمات‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬فيما‭ ‬عرف‭ ‬بظاهرة‭ ‬الاسلاموفوبيا‭ ‬،‭ ‬وبدأت‭ ‬بعض‭ ‬الاصوات‭ ‬داخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تطالب‭ ‬بطرد‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬رغم‭ ‬ان‭ ‬معظم‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬المقيمين‭ ‬هناك‭ ‬يحملون‭ ‬الجنسية‭ ‬الامريكية‭ ‬ويتمتعون‭ ‬بكل‭ ‬حقوق‭ ‬المواطنين‭ ‬الامريكان‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬خرجت‭ ‬مظاهرات‭ ‬مضادة‭ ‬من‭ ‬الامريكان‭ ‬اصحاب‭ ‬الاصول‭ ‬العربية‭ ‬وبعض‭ ‬الفئات‭ ‬الاخرى‭ ‬العاقلة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الامريكي‭ ‬تحمل‭ ‬لافتات‭ ‬مفحمة‭ ‬مكتوب‭ ‬عليها

‮«‬‭ ‬سنخرج‭ ‬من‭ ‬بلادكم‭ ‬عندما‭ ‬تخرجوا‭ ‬انتم‭ ‬من‭ ‬بلادنا‮»‬‭.‬

وكانت‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬بمثابة‭ ‬صفعة‭ ‬على‭ ‬الوجه‭ ‬العنصري‭ ‬البغيض‭ ‬،‭ ‬فالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬تنشر‭ ‬قواعدها‭ ‬العسكرية‭ ‬وحاملات‭ ‬طائراتها‭ ‬وغواصاتها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الكوكب‭ ‬وتدس‭ ‬انفها‭ ‬في‭ ‬الشئون‭ ‬الداخلية‭ ‬لكل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وتتآمر‭ ‬لإسقاط‭ ‬أنظمة‭ ‬الحكم‭ ‬غير‭ ‬المتوافقة‭ ‬معها‭ ‬،‭ ‬تخرج‭ ‬بكل‭ ‬بجاحة‭ ‬لتهدد‭ ‬وتتوعد‭ ‬من‭ ‬يهاجم‭ ‬قواتها‭ ‬متناسية‭ ‬تماما‭ ‬ان‭ ‬قواتها‭ ‬ليست‭ ‬موجودة‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الامريكية‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬قوات‭ ‬دخيلة‭ ‬تتسكع‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬الغير‭ ‬وتمارس‭ ‬البلطجة‭ ‬السياسية‭ ‬بشكل‭ ‬علني‭ ‬ومفضوح‭.‬

وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الامريكي‭ ‬الذي‭ ‬رفع‭ ‬إصبعه‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬العالم‭ ‬مهددا‭ ‬ومتوعدا‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يهاجم‭ ‬القوات‭ ‬الامريكية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬تناسى‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬القوات‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬فلوريدا‭ ‬أو‭ ‬سان‭ ‬فرانسيسكو‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬قوة‭ ‬احتلال‭ ‬غير‭ ‬مرغوب‭ ‬في‭ ‬وجودها‭.‬

أيها‭ ‬السادة‭ .. ‬اذا‭ ‬أردتم‭ ‬الأمان‭ ‬والسلام‭ ‬حقا‭ .. ‬اخرجوا‭ ‬من‭ ‬بلادنا‭.‬


 

;