في غياب.. «الوطنية» (3)

مقاطعة المشروبات
مقاطعة المشروبات

.. لا يا سيدي لست ضد «المقاطعة» التي ينتهجها الأفراد للتعبير عن سخطهم على الدول والشركات الدولية وسلاسل المطاعم العملاقة التي سارعت منذ اللحظة الأولى إلى إعلان دعمها للكيان الصهيوني، ولكنني أرى أنها مقاطعة «منقوصة» لا تعبر عن «الوطنية» الكاملة، عندما يرسم فنان مخبول رسماً كاريكاتيرياً لأحد رموزنا الدينية «نقاطع» «بعض» منتجات الدولة التي سمحت بنشر الرسم، «بعضها» المنظور، لكن لا نقدر على مقاطعة ما هو أكبر من المشروبات والأطعمة.

وعندما «يحرق» متطرف مجنون «المصحف الشريف» نرغي ونزيد و«نقاطع» «بعض» منتجات الدولة التي ارتكب فيها هذا المتطرف إثمه الكبير.

اقرأ أيضاً .. أمين «البحوث الإسلامية» يلتقي الأعضاء الجدد بلجنة مراجعة المصحف

لكننا في الوقت نفسه لا نستطيع تجاوز هذا الحد من فكرة «المقاطعة الشعبية»، فكيف نحقق الهدف من «الفكرة» الا وهو التأثير الاقتصادي على الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، والتي تعلن دعمها بـ «فجور» يصل إلى حد الاستخفاف بكل ما هو غير «صهيوني»، ولتحويل المقاطعة الشعبية، من مجرد رد فعل وقتي، غير مؤثر أو ذي تأثير محدود يتطلب الأمر جهودا كبيرة، تتجاوز «فعل» المقاطعة إلى وعي الوطنية.. والافتخار بالمنتج الوطني، والغيرة على الصناعة «الوطنية» سواء كانت صناعة مملوكة للقطاع العام أو القطاع الخاص.

وليحدث ذلك يجب على الحكومة أن تعمل على تبني وتطوير ودعم الصناعات والخدمات الوطنية.. وأن تستخدم كل أدواتها التشجيعية و«الرقابية» أيضاً لضمان جودة المنتج ومستوى الخدمة، وفي الوقت نفسه على الحكومة أن ترفع الوعي لدى المواطن بأهمية دعم وتشجيع المنتج الوطني وتحمل سلبياته حتى يتمكن من منافسة المنتج المستورد.

 أما المواطن فعليه أن يعمل على زيادة وعيه وأن يتمسك بدعم اقتصاد بلاده، ويتم إنشاء وتفعيل جماعات حماية المستهلك، ودعم دورها الشعبي والتواصل مع الجماعات المشابهة في الدول العربية والإسلامية للتنسيق فيما بينها حتى تتحول إلى تكتلات شرائية حقيقية، تضطر الشركات العالمية إلى أخذ تحركاتها ودعواتها في الاعتبار عند اتخاذ قرارات دعم الكيان الصهيوني أو التساهل مع المتطرفين الذين يسيئون إلى رموزنا الدينية.. وحتى يحدث ذلك، لا بأس من محاولات «المقاطعة الشعبية»، حتى لو كانت منقوصة أو مؤقتة.. أو مجرد تعبير عن غضب شعبي جارف.