الدكتورة مروة عادل تستعرض كتاب الإثنوجرافيا النقدية للدكتور حسن البيلاوى

الدكتورة مروة عادل عوض
الدكتورة مروة عادل عوض

إن الناظر لهذه الدراسة والأحرى الفلسفة المنهجية النقدية للوهلة الأولى يعتقد أنها دراسة نظرية بحتة تستعرض كل النظريات والفلسفات النقدية من خلال علم الاجتماع وليس لها علاقة بالواقع من قريب أو بعيد ولكن يذهب بنا الكاتب العالم الدكتور حسن البيلاوى إلى عالم الواقع الخاص بنا في مرحلة من أهم مراحل حياتنا وحياة كل فرد من المجمتع وهى مرحلة المدرسة بكل معطياتها وتقابلاتها وتفاعلاتها ولغتها ومراكز القوى والنفوذ والرموز وتأثيراتها الداخلية والخارجية بطريقة سردية علمية ومنهجية مبهرة مع عرض تسلسلي منهجي متدرج لجميع النظريات والأبحاث الميدانية والعلماء الذين قاموا بمنجهة الواقع ووضعه في أفكار ونظريات تحاول فهم الواقع الميداني والسلوك الإنساني وتفاعلاتهم من خلال المدرسة وتفنيد ونقد تلك المناهج والنظريات وملائمتها لتطورات الواقع المدرسي وفهم وقائع الحياة اليومية داخل المدرسة وما بداخلها من بنى ثقافية ومعرفية وتفاعلات يومية تشكل ثقافة المدرسة مع التأكيد على أن تلك الاتجاهات والنظريات انطلقت من الإيمان بقدرة الذات الإنسانية على الفهم والإدراك من خلال تفاعلها مع البيئة المحيطة وقدرة الفرد على الفعل وقابلية الواقع الاجتماعي للتغيير وإمكانية خلق واقع أفضل استنادا إلى استخدام المناهج الكيفية والإثنوجرافيا الملائمة لمنطلقاتهم الابستمولوجية .

وقد استعرض الكاتب تاريخ الإثنوجرافيا النقدية التى ظهرت مع مطلع ١٩٧٠ وإنها كانت وليدة التفاعلات الفكرية النقدية وما نتج عنها من حراك فكرى ارتبط بالتيار النقدي داخل هذه الاتجاهات .

وأكد الكاتب على إن رسالة المدرسة هي تعليم جميع التلاميذ في مجالات العلوم الطبيعية والاجتماعية والفنون والآداب وذلك بما يمكن أفراد المجتمع من إدارة التغيير الاجتماعي من خلال رؤى عقلانية واضحة ومنضبطة تساند إلى المعرفة العلمية .

ثم استعرض الكاتب منهج البحث العلمي بشكل عام والخصائص المشتركة مثل الملاحظة والمشاركة والمقابلات العميقة والمشاركة في الانخراط الكامل في الأنشطة موضوع الدراسة وهذا المنهج وتلك الخصائص تتيح للباحث أن يكون قريبا من الواقع الذي يدرسه والحصول على معلومات ومعارف وبيانات جديدة ومباشرة عن هذا الواقع .

ثم يشرح الكاتب الكثير من المناهج البحثية المهتمة بعلم الاجتماع وكيف مهدت الطريق لخروج مصطلح " إثنوجرافيا" وهو بحث كيفي يقوم على الوصف الكثيف عن قرب لثقافة فرد او جماعة معينة او ما تشتمل عليه ثقافاتهم من مدركات ومعان ومنظورات لكيفية تعاملهم فى حياتهم اليومية وداخل مؤسساتهم الطبيعية .

والدراسة الحالية تحاول تقديم مدخل كيفي مسلحا بالنظرية النقدية وصولا إلى إثنوجرافيا نقدية قادرة على الربط بين تحليلات الظواهر الكبيرة والصغيرة وقادرة على مساعدتنا في دراسة وفهم سيسولوجية المدرسة المصرية والتي ترسخت في رؤوسنا أفكار ومعان عن اشياء وادوار لا نسال عنها بل نقبلها قبولا ونسلم بها تسليما مثل : الامتحانات . التفوق. التقويم. الذكاء. التحصيل. المعلم الكفء. التلميذ الجيد . الإدارة . المدرسين. التلاميذ . أولياء الأمور . كل تلك المعاني طرح الكاتب كيفية مناقشة معان تلك المفردات التي تشكل بتفاعلاتها الحياة اليومية المدرسية .

وطرح الكاتب تساؤلات أخرى هامة بمثابة ثورة فكرية على الواقع الراكد منذ عقود وسط بحيرة متحركة ومتصرفة وتتأثر بكل حادث وجديد تنتج شخصيات لها تاثيراتها وتفاعلاتها  مثل كيف تنشا وتتكون سماتها وما حقيقتها ومن المسئول عن إنتاجها وقدم ظواهر مثل التحايل والنفاق والفهلوة وقدم من وجهة نظره إنه ربما تكون المدرسة بسبب رسالتها الخفية هى المسئولة عن استمرار بعض هذه الظواهر في المجتمع بما تخلقه من شخصيات التلاميذ وقدم الكاتب الدليل المنهجي في التعامل مع تلك الظواهر والشخصيات ودراستها والوصول إلى كيفية التعامل معها وهى عدم النظر للتلاميذ من ذوى تلك الظواهر بأنهم مقاومين ينتمون إلى شرائح اجتماعية ذات ثقافة فرعية امتدت إلى المدرسة وكيفية التعامل مع أشكال الهيمنة الثقافية التي تفرضها المدرسة بنوع من المقاومة والرفض على طريقتها . وتطرق الكاتب إلى موضوع هام في علاقة التلميذ بالمدرسة وهو موضوع اللغة حيث تلعب مفرداتها في الخطاب اليومي دورا كبيرا في تشكيل التنظيمات والبني الاجتماعية .

إن هذه الدراسة هي منهج فريد يحب اعتماده لكل مراكز البحوث الميدانية وخاصة الاجتماعية كما انها تقوم بتشريح بحثي ونظري وعملي وواقعي لعالم المدرسة بشكل عام وفى المدرسة المصرية بشكل خاص ويطرح أسئلة هامة ويقدم نظريات منهجيه هامة في هذا المجال كما يقدم أجوبة الأخطاء التاريخية والاجتماعية في عالم المدرسة وشرح ظواهرها وشخصياتها وشرح مفرداتها ومعانيها أنها منهج متكامل يجب أن تعتمد عليه جميع المؤسسات المعنية والمسئولة عن عوالم التربية والتعليم .