أخر الأخبار

«المقاطعة» تنعش المنتج المحلي| مبيعات «قها» قفزت 50% وشركات حققت 300% أرباحًا

صورة موضوعية
صورة موضوعية

الاعتماد على المُنتج المحلي، وزيادة الإنتاج، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع والمُنتجات، ودعم وزيادة الصادرات المصرية، ومن ثم تقليص فاتورة الاستيراد، كلها أهداف استراتيجية تسعى الدولة المصرية لتحقيقها، لتقوية الاقتصاد الوطنى في ظل الأزمات العالمية المتلاحقة المحيطة، ومع اندلاع الهجوم البربرى الإسرائيلى على قطاع غزة، تعالت الأصوات ودشنت الحملات المطالبة بمقاطعة السلع والمنتجات المستوردة التي تنتمى لكيانات عالمية تدعم وتمول قوات الاحتلال الصهيونى، وهى الحملات التي لاقت صدى واسعا واستجابة كبيرة من ملايين المصريين.

◄ «الوزراء»: اهتمام كبير بتحسين جودة المنتج المصرى.. وتعميق وتوطين الصناعة

◄ رئيس «قها»: نشيد أكبر مجمع صناعي للشركة كأضخم تطوير لها منذ إنشائها 1940

◄ «غرفة الصناعات»: المنتج المحلي قادر على المنافسة.. والمقاطعة يجب أن تستمر للأبد

مقاطعة العلامات التجارية الداعمة للكيان الصهيونى خلقت حالة تقبّل جديدة للمنتَج المحلى، حتى أن البعض بات يردد أن المقاطعة إن لم تؤثر إيجابيًا فى دعم القضية، فستُسهم فى تشجيع وانتشار المنتجات الوطنية محلية الصنع، وقد شملت قوائم المقاطعة مشروبات غازية، ومُنتجات شاي وقهوة، ومطاعم وجبات سريعة، تابعة لماركات أمريكية وأوروبية، وطالب كثيرون بالعمل على تحسين جودة المنتَج المحلى، والسعى نحو توطين تلك الصناعات، والحفاظ على وجود سعر مُناسب للمُنتج المحلى، وتقديم عروض حقيقية للسلع وتسويقها بشكل جذاب، وزيادة خطوط الإنتاج، ودعم العمالة وتدريبها وتطوير قدراتها، والأهم الاعتماد بصورة كاملة على الخامات المصرية فى جميع مراحل التصنيع.

وقد شهدت مصر في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، ازدهارًا كبيرًا فى القطاع الصناعى، وطالما شدد الرئيس على تقديم الدعم اللازم للقطاع، وتطوير جميع مدخلات الصناعة باستمرار، ودعم وتوظيف التقنيات الحديثة فى عملها، وتوفير مناخ الاستثمار الحر لها، والاهتمام بالقيمة المُضافة التى تُحقق التنافسية والريادة، ووجه كثيرًا بالاهتمام بمعايير الجودة العالمية لتنمية الإنتاج والاتجاه نحو التصدير وتقليل الاستيراد، داعيًا لزيادة التدريب والتأهيل للعنصر البشرى، وتهيئة المناخ الداعم لتوطين الصناعة، بما يُلبى طموحات المستهلك، ويشدد دائمًا على ضرورة الاهتمام بالصناعات المحلية، بداية من المواد الخام، وصولًا لتقديم مُنتج عالى الجودة قادر على المُنافسة عالميًا. 

◄ هدف قومي
رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولى، أكد اهتمام الحكومة بتعميق الصناعة وتوطينها باعتبار ذلك هدفًا قوميًا، مُشيرًا إلى ضرورة العمل على تفضيل المُنتج المحلى، ومنحه أولوية فيما يخص التعاقدات الحكومية؛ لدعم الصناعة الوطنية وخفض فاتورة الاستيراد، وقد أشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، إلى فوائد عدة لشراء المُنتج المحلى، ودعم الصناعة المحلية، أبرزها المُساهمة فى تعزيز الوعى الوطنى، والانتماء للوطن، لافتًا إلى أن المُنتج المحلى يتميز بأنه أرخص من المنتج المستورد؛ حيث تولى الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بتحسين جودة المنتج المصرى؛ لتقليل الاعتماد على المُنتجات المستوردة، وأجرى المركز استطلاع لرأى المواطنين، بهدف التعرف على تقييمهم لجودة المنتج المصرى مُقارنة بالمُنتج المستورد، فأعرب 86% من المصريين عن استعدادهم لمُقاطعة المُنتجات المُستوردة، بهدف تشجيع المُنتج المصرى، فيما ذكر 4% أنهم لم يحددوا، بينما رفض 10% فقط.

شركة «قها» للأغذية المحفوظة، واحدة من الشركات المصرية، التى أثبتت نجاحها فى استغلال فرصة مُقاطعة المنتجات المستوردة، وحققت مستوى قياسياً من حيث المبيعات والصادرات والإنتاج خلال الفترة الماضية، وفقًا لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، حيث نجحت الشركة فى زيادة مبيعاتها بنسبة 50% بعد تشجيع المنتج المصرى، وتُنفذ حاليًا مشروعا ضخما على أرض مدينة السادات، لتشييد أكبر مجمع صناعى للشركة فى أضخم تطوير لها منذ إنشائها 1940، وبحسب الدكتور سعيد الدليل، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة، فقد حققت «قها» حجماً كبيراً من المبيعات خلال العام المالى «2022 - 2023»، بلغ 168 مليون جنيه، بنسبة زيادة تصل لـ50%، مُقارنة بـ«2021 - 2022»، فى مستويات غير مسبوقة خلال آخر 4 أعوام، مُشيرًا إلى أن الشركة حققت عوائد تصديرية بلغت 51 مليون جنيه، مع زيادة الطاقة الإنتاجية بنسبة 10%، وذلك بعد أن زادت جهود التسويق لمُنتجاتها داخل المُجمعات الاستهلاكية، وفتح معارض جديدة للشركة، بجانب زيادة الأسواق التصديرية بالمنطقة العربية وأفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة.

◄ مُجمع صناعي
وعن آخر تطورات العمل بمدينة السادات لتشييد أكبر مجمع صناعى للشركة، كمرحلة ثالثة من مدينة «سايلو فوودز» للصناعات الغذائية، قال سعيد، إن مُعدلات تنفيذ المشروع حققت نسبًا مُتقدمة منذ بدء أعمال البناء فى أغسطس الماضى، حيث يمثل تطوير شركة «قها» أهمية كبرى للدولة المصرية، وذلك بعد فترات زمنية طويلة لم تشهد استغلال أصول الدولة بالشكل الأمثل، لذلك جاء التوجيه الرئاسى، قبل سنوات، بضرورة بدء العمل لإنشاء مُجمع صناعى جديد لشركتى «قها وإدفينا»، بعد دمجهما فى شركة واحدة، على مساحة 126 فدانًا بمدينة السادات، وبتكلفة مبدئية تبلغ 20 مليار جنيه، بما يسهم فى تحقيق الأمن الغذائى لجميع المصريين، لافتًا إلى توجيهات الرئيس السيسى، بمواصلة الجهود الجارية لتعميق التصنيع والإنتاج الغذائى بمصر، فى ضوء الأهمية البالغة لهذا القطاع الحيوى فى تحقيق الأمن الغذائى للشعب المصرى، لاسيما فى ظل المُتغيرات والأزمات المُتلاحقة بهذا المجال على مستوى العالم، والتى تبذل الدولة أقصى جهودها لتجنيب المواطنين انعكاساتها السلبية.

◄ توطين الصناعة
محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعة الهندسية باتحاد الصناعات المصرية، أشار إلى أن الصناعة المصرية واجهت ضغوطًا اقتصادية عديدة، ناتجة عن أزمات عالمية، وذلك لأن أغلب المواد الخام مُستوردة من الخارج، مُشيرًا إلى أن الدولة بفضل دعم القيادة السياسية أطلقت عدة مبادرات من أهمها مبادرة «ابدأ» لتعميق التصنيع المحلى، لكون الصناعة قاطرة التنمية، والحد من الواردات وتعميق التصنيع المحلى، وإحلال المقاول المحلى محل الأجنبى، وتشغيل المصانع المحلية والورش، سواء الكبيرة أو المتوسطة أو الصغيرة لخلق فرص عمل، إضافة للإجراءات التحفيزية التى تُطلقها الدولة من آن لآخر لدعم وتوطين الصناعات الوطنية، وصمودها فى مواجهة التحديات الخارجية.

وأكد المهندس، أن ذلك ساهم فى الاهتمام بالصناعات المُغذية، وقلل الواردات، ووفر المزيد من فرص العمل بما يتكامل مع الأهداف الوطنية للدولة، والتزاماتها وجهودها لتحقيق النمو الاقتصادى والاجتماعى المستدام، مشيرًا إلى أن توطين وتعميق الصناعة المحلية، هو الحل لتجاوز الأزمة الاقتصادية، موضحًا أن المُنتج المحلى قادر على المنافسة، مُضيفًا أن المُقاطعة يجب أن تستمر مدى الحياة، وهو ما يتطلب وعيًا كبيرًا بضرورة الاعتماد على المُنتج المحلى وتفضيله دعمًا لاقتصادنا الوطنى، مُطالبًا المصريين بتشجيع منتجات بلدهم وصناعتها، والعمل على تسويقها عبر مواقع التواصل، وبالمعارض، وبكل الطُرق المُمكنة.

◄ توجه شعبي
من جانبها، قالت النائبة نشوى رائف، عضو مجلس النواب عن حزب الوفد، إنها توجهت بسؤال برلمانى إلى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، بشأن خطة الحكومة لدعم المُنتج المحلى فى ظل حالة الإقبال الشعبى عليه ومُقاطعة المثيل الأجنبى، موضحة أن حملات المُقاطعة كبدت العديد من الشركات والسلاسل الأجنبية خسائر تخطى بعضها النصف مليار دولار فى أيام معدودة، وعلى النقيض أصبح هناك توجه شعبى وجماهيرى لدعم المنتج المحلى والصناعة والوطنية، وهو الأمر الذى انعكس على أرباح عدد كبير من الشركات المصرية التى تجاوزت أرباحها أكثر من 300%، بجانب زيادة الطلب على المُنتجات والسلع الخاصة بتلك الشركات قد أدى لفتح باب التوظيف بها وهو ما يُساهم فى خفض معدلات البطالة بجانب توفير منتج محلى بسعر مُناسب للمُستهلك الوطنى، فضلًا عن زيادة فرص التصدير، وتوفير مورد إضافى للعملة الصعبة، مُطالبة الحكومة باتخاذ خطوات جادة لاستغلال ذلك الإقبال الشعبى والجماهيرى على المُنتج المحلى، وإيضاح المُنتجات والسلع والخدمات التى تنتوى الحكومة البدء فى دعمها بشكل أولى خلال الفترة المُقبلة.

◄ تشجيع الاستثمار
الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، يرى أن الاهتمام بالمستثمرين والاستثمار وتشجيع رجال الأعمال للدخول فى الاستثمار أهم خطوة لإيجاد مُنتج محلى قادر على المُنافسة، خاصة أن مصر لديها إمكانيات كبيرة بجميع المجالات لكن لم يتم استغلالها بالشكل الصحيح، موضحًا أن ضخ مزيد من الاستثمارات والمشروعات يوفر العديد من المزايا أهمها زيادة فرص العمل، وتقليل نسب البطالة، وتوفير العملة الصعبة والاعتماد على المُنتج المحلى.

الدكتور عمرو يوسف، الخبير الاقتصادي، أكد أن الأيام القليلة الماضية كشفت لنا مدى عمق وتأثير سوق الاستهلاك المحلى على كافة المُنتجات، خاصة المستوردة أو المُصنعة بواسطة وكيل محلى لكبرى الشركات العالمية، حيث بدأت حملات المُقاطعة لتلك المُنتجات لتعُطى قُبلة الحياة للمنتجات المصرية، وهو الأمر الذى ألزم مُصنعيها وخلال فترة وجيزة من الزمن بإعادة ترتيب أولوياتهم، فضلًا عن البحث لسُبل ترويجية جديدة، مما أدى إلى ظهور المُنتجات المحلية وتقدمها الرفوف والتى كانت غير مرئية أو غير معروفة لمُزاحمة المنتجات الأجنبية لها وهيمنتها على الأسواق، لافتًا إلى أنه من الضرورى للمُصنع المحلى أن يُعيد ترتيب أوراقه لإعادة مُنتجاته للأسواق مُجددًا، وأن يبحث عن كل ما هو جديد فى عالم التسويق والترويج.