فواصل

صراع إرادات

أسامة عجاج
أسامة عجاج

طبعا من المستحيل المقارنة بين القدرات العسكرية للجيش الإسرائيلى، وبين إمكانيات جماعات المقاومة فى فلسطين، وفى القلب منها حركة حماس، ومع ذلك، فكل الشواهد تقول إن المواجهة بينهما، بعد أكثر من خمسين يوما، تجاوزت فكرة صمود المقاومة، رغم الدمار الذى لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية، إلى إحراز أهداف مهمة ونجاح فى إدارة المواجهة على أكثر من صعيد، فحتى الآن لم تحقق إسرائيل أياً من أهدافها الثلاثة، التى أعلنتها منذ اللحظة الأولى، لتوابع  زلزال طوفان الأقصى، والتى أعلنها نتنياهو شخصيا، وفى العديد من المناسبات، وهى الإفراج عن المحتجزين، وإنهاء قدرات حماس، وضمان أمن إسرائيل من أى مخاطر من القطاع، وعلى العكس فالكفة فى صالح المقاومة والتى نجحت فى الاستثمار الأمثل للضغوط على نتنياهو داخليا، خاصة من أهالى المحتجزين، والتى أجبرته على الدخول مكرهًا فى صفقة التبادل، والتى أحدثت شرخا داخل الإئتلاف الحكومى اليمينى، تنبأ بسقوطه بعد انتهاء العمليات، وأجبرته على (تذوق المر) بقبول فكرة التبادل، حيث فرضت حماس شروطها، فى الإعداد، وشكل التبادل، كما نجحت أيضا بطريقة تعاملها بشكل إنسانى مع المحتجزين من النساء والقصر، فى تغيير الصورة الكاذبة التى حاول الإعلام الإسرائيلى ترويجها، عن توحش حماس، واغتصاب الأسيرات وذبح الأطفال، بينما تل أبيب تمنع أى مظاهر فرح فلسطينية من مناطق سيطرتها، ويضاف إلى ذلك، ما حدث فى اليوم الثالث، عندما غيرت المكان المتفق عليه للتبادل، ليكون شارع فلسطين فى قلب مدينة غزة، فى استعراض للقوة، وبحضور جمهور فلسطينى شاهد العملية بفرح وفخر،  وكانت رسالة لمن يهمه الأمر، بأنها مازالت موجودة فى شمال القطاع، وقد سبق أن وصل إليها الجيش الإسرائيلى عدة مرات، دون القدرة على السيطرة الدائمة عليه، كما أنه مثل تشتيت لأجهزة الرصد والمراقبة الإسرائيلية، فى التوصل إلى معلومات مفيدة لمرحلة استئناف العدوان، والأهم أنه كان ردا على تفقد نتنياهو، لقواته المتواجدة فى القطاع فى صباح نفس اليوم، لأول مرة منذ بداية العمليات، ليردد نفس الأسطوانة المشروخة، التى دأب عليها، عن أهداف لم تتحقق، وأخيرا القطاع يشهد صراعا بين (غطرسة القوة)، (وقوة الحق والإرادة) والنصر تاريخياً للأخيرة.